اخر الاخبار

تتزايد المخاوف من تفشي مرض الحصبة المعدي بين الأطفال في مختلف المحافظات، بينما تحاول وزارة الصحة أن تخفف من هواجس القلق بالتأكيد على أنها قادرة على محاصرة الوباء، لكنها تعول على وعي المجتمع في الالتزام بالإجراءات الوقائية.

ويُشدد أطباء على أهمية التزام الأطفال بالتطعيم كوسيلة فعّالة للوقاية من المرض.

الوزارة: قادرون على استيعاب المرض

وفي شباط الماضي، أكدت وزارة الصحة تسجيل زيادة في عدد الإصابات بالحصبة عن المعدل الطبيعي منذ العام الماضي، مشددة على أهمية تطعيم الأطفال والالتزام بجدول اللقاحات.

وأضافت الوزارة، أن المؤسسات الصحية قادرة على استيعاب ومعالجة المصابين بالحصبة، مشيرة إلى أن الزيادة في الإصابات تُعد ظاهرة طبيعية تتبع دورة موجات الارتفاع والانخفاض، وتعتمد على مدى الوعي المجتمعي بالإجراءات الوقائية والإقبال على التطعيم.

ويُعد الأطفال الفئة الأكثر تأثرًا بالحصبة، وفقًا لطبيب اختصاص في أحد مستشفيات بغداد.

ويؤكد الطبيب الذي طلب حجب هويته، لأنه غير مخول بالتصريح، أن الحصبة مرض معدٍ يُشفى منه المرضى خلال أيام، مشيرا إلى أن الأطفال أكثر عرضة للعدوى بسرعة مقارنةً بالفئات العمرية الأخرى.

ويشدد على أهمية الانتباه لأعراض الحصبة في مراحلها المبكرة وعزل المصابين فورًا لمنع انتشار العدوى، مُحذرًا من أن الحصبة قد تؤدي إلى الوفاة إذا تفاقمت الأعراض في ظل وجود مناعة ضعيفة.

ويُوضح أن “أعراض مرض الحصبة تظهر بعد فترة تتراوح بين 7 إلى 15 يومًا، وتشمل الحمى والسعال الجاف وسيلان الأنف والتهاب الحلق والعينين، بالإضافة إلى ظهور بقع بيضاء صغيرة مع بؤر بيضاء مائلة للزرقة على خلفية حمراء داخل الفم على البطانة الداخلية للخد، وطفح جلدي يتكون من بقع كبيرة مسطحة”.

انتشار المرض في ديالى

مدير الإعلام في دائرة صحة ديالى، فارس العزاوي، أكد وجود عشرات الحالات المُشخصة بمرض الحصبة بين طلبة المدارس في المحافظة، مُشيرًا إلى أن الدائرة ستبدأ حملة لاحتواء المرض بعد عشرة أيام.

وذكر العزاوي، أن هناك عوامل موسمية تُساهم في انتشار مرض الحصبة، خاصةً في الأماكن المزدحمة كالمدارس، ولذا ستُطلق دائرة صحة ديالى حملة وطنية للتطعيم.

وأضاف، أن “الحملة تستهدف أكثر من 300 ألف طفل داخل المحافظة، حيث ستقوم الفرق التطعيمية بزيارة نحو ألف مدرسة من خلال 388 فرقة و140 مشرفًا و512 سيارة، والتي ستكون جاهزة في جميع قطاعات المحافظة”.

وأكد أن “الوقاية من الحصبة تتطلب تجنب الأماكن المزدحمة، وفي حال تأكد وجود الإصابة في مدرسة معينة، سيُمنح الطلاب إجازة إجبارية”. كما دعا الأهالي لاتباع الإرشادات الصحية التي تُصدرها الدائرة وحثهم على زيارة المراكز الصحية للحصول على اللقاحات اللازمة المتوفرة.

..وفي النجف وذي قار

وكشفت السلطات الصحية في النجف وذي قار، أمس الاول الجمعة، عن آخر تطورات مرض الحصبة في المحافظتين، فيما أوضحتا أسباب تفشي الوباء.

وذكر مدير قسم الصحة العامة في النجف، قيس زوين، أن “مرض الحصبة المتفشي بالوقت الحالي هو نتيجة موجة عالمية لا تقتصر على العراق فقط، وإنما دول العالم جميعاً تعاني منه، حيث أن طبيعة هذا الفيروس تنتشر كل 4 سنوات وتأتي بطور جديد”.

وأضاف، أن “ارتفاع الإصابات في العراق يعود لتخلي غالبية المواطنين عن أخذ اللقاحات، بعد ظهور وباء كورونا، وكذلك كثافة التجمعات السكانية وعدم الالتزام بالتوصيات الصحية”.

وتابع زوين، أن “النجف لم تسجل حتى الآن أي وفيات بهذا المرض بعكس المحافظات الأخرى، ولا حتى أعراضاً قوية لدى المصابين، لكن هناك مؤشرات على ارتفاع كبير بالإصابات بين صفوف مواطني المحافظة”.

ولفت إلى أن “هناك حملة كبيرة ستنطلق خلال الأيام القليلة المقبلة لتلقيح 300 ألف مواطن في النجف”.

من جانبه، أوضح مدير قسم الصحة العامة بذي قار، محمد كشاش، تفاصيل تفشي المرض بمدينة الناصرية وضواحيها، مؤكداً أن “الموقف في ذي قار قياساً بالمحافظات الأخرى أقل من حيث الإصابات، حيث أن المرض في الوقت الحالي هو وباء عالمي”.

وأشار في حديث مع مراسل “طريق الشعب”، إلى أن “وزارة الصحة قامت بتزويدنا باللقاح الخاص بهذا المرض على شكل وجبات، نتيجة وجود طلب عالمي عليه، وخاصة في الدول الأوروبية والأمريكيتين”، موضحاً أن “سبب تفشي المرض هو عزوف غالبية المواطنين عن أخذ اللقاحات بعد تفشي فيروس كورونا”.

وبين كشاش، أن “تفشي الوباء في طريقه نحو النزول بعدما كان يسير بطريقة تصاعدية في المحافظة، حيث سجلت ذي قار الأسبوع الماضي فقط 18 إصابة بالمرض وهي صاحبة الرقم الأقل بعدد المصابين بين المحافظات الأخرى”. وطبقا لمصادر مطلعة في المحافظتين، فإن عدد المصابين بالمرض وصل الى أكثر من 500 إصابة خلال الفترة الماضية.

ويُثير انتشار مرض الحصبة قلقًا عالميًا، إذ أكدت منظمة الصحة العالمية وجود زيادة سريعة في حالات الحصبة، بعد الإبلاغ عن أكثر من 306 آلاف حالة حول العالم في العام الماضي، بزيادة قدرها 79% مقارنة بعام 2022.

وذكرت ناتاشا كروكروفت، المستشارة المعنية بالحصبة لدى المنظمة، أن “الحالات المُبلغ عنها تُمثل جزءًا يسيرًا من العدد الحقيقي للإصابات”.

وتُشير التقديرات الأخيرة لوكالة الصحة التابعة للأمم المتحدة إلى وجود حوالي 9.2 ملايين إصابة وتقريبًا 136 ألف وفاة بسبب الحصبة في عام 2022.