مثل ما يحصل كل عام مع اقتراب شهر رمضان، سجلت الأسواق في بغداد والمحافظات ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار، وسط مطالبات شعبية بتنفيذ الوعود التي أطلقتها الحكومة خلال الفترة الأخيرة، والقاضية بمواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

ولم يلمس المواطنون حتى الآن، إجراءات حكومية حقيقية للسيطرة على الأسعار في الأسواق لا سيما بالنسبة للمواد الغذائية. فيما لا يزال البيع يسري على سعر صرف الدولار في السوق الموازي، والذي يزيد على 1500 دينار مقابل الدولار الواحد، بخلاف السعر الذي حدده البنك المركزي بنحو1310 دنانير للدولار الواحد.

وكانت “مؤسسة عراق المستقبل” للدراسات والاستشارات الاقتصادية، قد أفادت الجمعة الماضية، بأن أسعار السلع والخدمات في العراق ارتفعت بنسبة 18 في المائة منذ بداية 2020 حتى بداية 2024، بحسب بيانات الأسعار الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط.

وقالت في بيان صحفي أن “سلعاً مهمة واساسية للمواطن شهدت ارتفاعاً بلغ أكثر من 30 في المائة. وقد تصدرتها اللحوم التي ارتفعت بنسبة 36 في المائة. كما ارتفعت أسعار الأسماك بنسبة 38 في المائة، كذلك الألبان ارتفعت بنسبة 30 في المائة.

من المسؤول عن ارتفاع الأسعار؟!

المواطنة أم أحمد من محافظة بابل، تقول في حديث صحفي ان “العائلات العراقية عادة ما تتسوق لشهر رمضان في وقت مبكر، خشية من ارتفاع الأسعار المتكرر في هذا الشهر، والذي يزيد من معاناة ذوي الدخل المحدود في شراء المواد الغذائية”.

وتضيف قائلة أن “كل جهة تلقي سبب ارتفاع الأسعار على الأخرى. فصاحب المحل يلوم التاجر، والأخير يحمل الحكومة المسؤولية نتيجة لزيادتها ضريبة الاستيراد وعدم سيطرتها على سعر الدولار وغيرها من الأسباب التي لا تنتهي، وفي النهاية الضحية هو المواطن”!

وتطالب أم أحمد وزارتي التجارة والعمل بـ “التخفيف عن كاهل المواطن بزيادة مفردات السلة الغذائية في رمضان، وشمول أعداد أكثر بالرعاية الاجتماعية”، مطالبة أيضا بـ “متابعة أصحاب المحال والتجار، للسيطرة على الأسعار”.

أما أبو مهدي، وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية في واسط، فيقول أن “أغلب المواطنين يشكون من صاحب المحل حينما يجدون ارتفاعا في الأسعار”، منوّها في حديث صحفي إلى أن “زيادة الأسعار تعود إلى ارتفاع أجور النقل. فنحن نضطر إلى هذه الزيادة لتجنب الخسارة، وتحقيق ربح قليل لسد مبلغ الإيجار ونفقات المعيشة”.

ويؤكد أن “المشكلة الرئيسة ليست عند أصحاب المحال البسيطة، إنما عند تجار الجملة الذين يرفعون الأسعار بدرجة كبيرة مع قرب رمضان”.

ضعف الرقابة

من جانبه، يرى الباحث الاقتصادي عبد السلام حسن حسين، أن “الرقابة على تسعيرة المواد الغذائية لا تشكل 15 في المائة كحد أعلى في بغداد والمحافظات. فيما ارتفعت الضريبة على المواطن من 3 إلى 5 في المائة”.

ويوضح في حديث صحفي، أن “الحكومة تصدر أوامر بمعالجة ارتفاع الأسعار، لكن التنفيذ غير صحيح. أما مسألة التجار، فلا يمكن السيطرة عليهم إلا بتسعير المواد يومياً وبث الأسعار عبر الإعلام، وبهذه الطريقة سوف تتم محاربة التجار الجشعين، وبالتالي السيطرة على الأسعار”.

التجارة تتوعد

وكانت وزارة التجارة قد توعدت، الأربعاء الماضي، المتلاعبين بأسعار المواد الغذائية بإجراءات رادعة.

وذكرت في بيان لها، أن “الفرق الرقابية في دائرة الرقابة التجارية والمالية في وزارة التجارة نفذت في بغداد والمحافظات كافة، بالتنسيق مع مديرية الجريمة المنظمة، حملات رقابية مكثفة لمراقبة أسعار المواد الغذائية في الأسواق المحلية، بالإضافة إلى متابعة إجراءات حماية الخزين الغذائي من التقلبات الجوية”، مضيفة أن “تلك الحملات تزامنت مع قيام وزارة التجارة بضخ المواد الغذائية الرئيسة من بيض المائدة والدجاج والطحين والحليب، عبر فرقها الجوالة وبيعها بأسعار تنافسية للمواطنين، للمحافظة على استقرار أسعار تلك المواد في الأسواق التجارية”.

وأشار البيان إلى أن “الفرق الرقابية ستوسع من نطاق جولاتها الميدانية في عموم المحافظات لغرض متابعة حركة الأسواق وأسعار المواد الغذائية داخلها، تزامناً مع اقتراب حلول رمضان”.

حصة قبل رمضان؟

وفي هذا السياق، تنقل وكالة أنباء “شفق نيوز” عن مصدر مسؤول في وزارة التجارة، قوله أن الوزارة اعتمدت بالدرجة الأساس، تزامنا مع رمضان، تقصير المسافة الزمنية بين كل حصة تموينية وأخرى، والتي كانت توزع كل 37 يوماً “إذ تم إطلاق الحصة الأولى يوم 5 شباط الحالي، والحصة الثانية ستطلق قبل دخول رمضان”.

ويلفت المسؤول الذي حجبت الوكالة اسمه إلى أنه “تم التعاقد على استيراد بيض مائدة عبر شراكات مع القطاع الخاص، إضافة إلى استيراد اللحوم الاسترالية واللحوم الأخرى المذبوحة على الطريقة الإسلامية، وستصل إلى المستهلك بسعر 9 آلاف دينار”، مبينا أنه “بالإمكان الحصول على هذه المنتجات من المنافذ التسويقية، وهي: 3 في بغداد و4 في المحافظات. كما سيتم افتتاح 8 أسواق جديدة ليصبح المجموع 15 منفذاً تسويقياً في كل المحافظات، عدا كردستان”.

ويؤكد المصدر أنه “ستتم إعادة تجربة السيارات الجوالة في الأقضية والنواحي والقصبات، والتي تحمل المواد الرئيسة من رز وسكر وزيت وبيض ولحم ومعجون ونشا وبرغل، وهذه السيارات سوف تنطلق إلى عموم المحافظات”.

وبالنسبة لتلاعب التجار والباعة بالأسعار، ينوّه إلى أنه “في حال رصد مخالفة عبر الجولات الرقابية أو في حال الإبلاغ عن مخالفة من قبل المواطنين، سوف تتوجه الجهات الرقابية والأمنية ويتم التحرز على المحل، وأخذ تعهد بعدم كسر الأسعار في المستقبل، وفي حال التكرار لا يسمح لصاحب المحل بممارسة العمل التجاري، وقد يواجه عقوبة السجن والغرامة”.