اخر الاخبار

في ظل الانخفاض المستمر لأسعار النفط عالميا، ستتعرض للتآكل اولاً رواتب الموظفين، نتيجة ذهاب 75 بالمئة من الإنفاق إلى الموارد التشغيلية، ومن بينها الرواتب.

ولا تزال حالة من الغموض تسيطر على توقعات سعر برميل النفط في 2024، والتي ألقت بظلالها على الافتراضات التي بنى على أساسها العديد من الدول العربية موازناتها، إذ اتبع أغلبها سعرا تحفظيا، قائماً على توقعات 2023 نفسها.

ويحذر الاقتصاديون من تنامي عجز العام الماضي المقدر بـ 63 تريليون دينار، إضافة الى الديون الداخلية والخارجية، فضلا عن المصاريف والنفقات، مشيرين الى ان النمو السكاني في البلد يحتاج الى نمو مالي والذي يحتاج الى صناعة وزراعة.

وكانت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعت في أحدث تقاريرها أن يسجل متوسط سعر خام غرب تكساس الوسيط خلال 2024 نحو 78.07 دولارا للبرميل، على أن يبلغ متوسط سعر خام برنت نحو 82.57 دولارًا للبرميل.

وتستعرض وحدة أبحاث الطاقة توقعات سعر برميل النفط التي بنت على أساسها الدول العربية الإيرادات والمصروفات المحتملة خلال عام 2024.

70 دولارا للبرميل

وأعدّت الحكومة العراقية موازنة عام 2024 على افتراض أسعار النفط عند 70 دولارا للبرميل، وهو السعر نفسه الذي اعتمدته في عام 2023.

وتذكر الحكومة، أن متوسط أسعار الخام العراقي الذي يُصدّر إلى السوق العالمية ما يزال أعلى من 70 دولارا للبرميل، وأن هذا السعر يُعد تحوطيًا لتجنب أي مخاطر، موضحة أن الموازنة تحتوي على خطط تمويلية ستُفعل حال وصول متوسط أسعار النفط إلى 70 دولارا للبرميل أو أقل.

وتؤكد أنها لم تلجأ إلى الاقتراض خلال 2023 لتمويل العجز المتوقع، بفضل أن سعر برميل النفط الخام في السوق العالمية ما يزال أعلى من الذي افترضته الموازنة بفارق يُقدر متوسطه بـ10 دولارات للبرميل، بالإضافة إلى تحقيق ميزانية عام 2022 فوائض مالية تُقدر بنحو 23 تريليون دينار (17.55 مليار دولار).

وبحسب آخر الإحصائيات الحكومية، تراجع إجمالي إيرادات صادرات العراق من النفط الخام منذ بداية يناير/كانون الثاني الماضي حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2023 إلى 89.32 مليار دولار، مقابل 107.9 مليار دولار في المدة المقابلة من عام 2022

العاملون في القطاع الحكومي

ففي تقرير نشرته مؤسسة “عراق المستقبل” المعنية بالشؤون الاقتصادية، كشف عن أن العراق يعد الدولة الأكبر بعدد الموظفين الحكوميين نسبة إلى مجمل القوى العاملة بالاعتماد على دراسة أعدتها منظمة العمل الدولية وبيانات المؤسسة.

وقال رئيس المؤسسة منار العبيدي: إن نسبة العاملين في القطاع الحكومي بالعراق بلغت 37% بين مجموعة دول شملتها الدراسة، إذ يعتبر القطاع الحكومي الأكثر ضغطا على الموازنة العامة للدولة التي تذهب بمجملها كرواتب للموظفين، دون وجود إنتاج حقيقي يوازي هذه المصروفات العالية نتيجة عدم خلق بيئة استثمارية تساهم في تشجيع القطاع الخاص وتوفير فرص عمل من خلاله، الأمر الذي يزيد من الضغط على القطاع العام.

لا تؤثر في دفع الرواتب

من جهته، أكد عضو اللجنة المالية النيابية، جمال كوجر، أن انخفاض سعر النفط إلى ما دون 70 دولارا للبرميل لن يؤثر على رواتب الموظفين.

وقال كوجر في بيان صحفي، تسلمته “طريق الشعب”، إنه “من المتوقع أن تهبط أسعار النفط إلى 70 دولاراً، وهذا يعني أن نفط العراق ينخفض بمقدار 5 إلى 7 دولارات عن الأسواق العالمية”.

وأضاف أنه “في حال وصل سعر برميل النفط إلى 60 دولارا، فإنه سيؤثر في اقتصاد البلد، لكن الحكومة ستتمكن من تأمين الرواتب لوجود موارد أخرى تقدر بأكثر من 90 مليار دولار”.

وشدد على أن “العراق يبيع نحو أربعة ملايين و250 ألف برميل من النفط يوميا، وهو يحتاج إلى نحو 54 ترليون دينار كرواتب”، داعياً إلى “تُبنى موازنة 2024 على السعر المتوقع للنفط أياً كان، إذ سنستفيد من الفائض في الموازنة السابقة أو نحتاج إلى السحب من الاحتياط البنكي”.

حساب الرواتب الموحد

زميل كوجر في اللجنة المالية البرلمانية النائب مصطفى الگرعاوي، ان متعلقات الرواتب من علاوات وترفيعات سيتم حسمها في موازنة العام الحالي 2024.

وقال عضو اللجنة، إن “حساب الرواتب الموحد سينظم ملف الرواتب، وسيتم حسم متعلقات الرواتب من علاوات وترفيعات في موازنة 2024، وإطلاق كل مستحقات الموظفين بحسب ما مخصص لها في الموازنة التشغيلية”.

وأضاف الگرعاوي، أن “اللجنة ستقوم بمتابعة الملف بعد تزويدها بالبيانات والمصروف الفعلي خلال سنة 2023، وتعديل جداول 2024”.

بكم يباع برميل النفط العراقي؟

يوضح الخبير في الشأن النفطي حمزة الجواهري، أن “العراق يبيع نفطه بأقل من سعر نفط برنت، بـ6 أو 7 دولارات، ولهذا فإن احتساب سعر النفط في الموازنة بـ70 دولارا يعتبر كارثة، أي أكثر من السعر الرسمي، وهذا مؤشر خطير سيترك أضرارا اقتصادية كبيرة”.

ويقول الجواهري، إن “الحكومة في حال انخفاض النفط سوف تواجه صعوبة حقيقية في توفير الأموال لدفع الرواتب والأجور، خصوصاً أن الموازنة تعتبر فقط لدفع هذه الأموال، واستمرار انخفاض النفط، سيكون له اثر على قضية الرواتب”.

70 بالمئة من الموازنة تشغيلي!

أما الباحثة في الشأن الاقتصادي، سلام سميسم، أن “انخفاض أسعار النفط في السوق العالمي سيكون له أثر كبير على موازنة العراق، خصوصاً أن اعتماد الموازنة الكلي هو على النفط، وليس لنا أي مورد مالي آخر، كما أن 75 بالمئة من الموازنة هي فقط تشغيلية لدفع الرواتب وباقي النفقات”.

وتشير الدكتورة سميسم الى، أن “انخفاض النفط ربما يؤثر على إمكانية توفير الموازنة التشغيلية الخاصة بدفع الرواتب، فهناك ارتفاع كبير بعدد الموظفين، حيث تمت إضافة أكثر من 20 تريليون دينار فقط كرواتب خلال هذه الموازنة، خصوصاً أن النفط لا يمكن التنبؤ بسوقه فربما يكون هناك انخفاض مستمر له، وهذا ما سيؤثر بشكل كبير على تخصيصات الموازنة مع وجود العجز الكبير في الموازنة”.

وتتساءل الباحثة في الشأن الاقتصادي، عن “خطط الحكومة العراقية لمواجهة انخفاض أسعار النفط في ظل موازنة انفجارية تشغيلية، فهذا الأمر يعتبر تحديا كبيرا، فهناك خطورة حقيقية على مسألة توفير الرواتب في ظل انخفاض أسعار النفط”.