اخر الاخبار

تعد مشكلة السلاح المنفلت في العراق، احدى القضايا العالقة، التي طالما تعهدت الحكومات عبثاً بإنهائها وحصر السلاح بيد الدولة، وجربت آليات مختلفة لتنفيذ ذلك، بما فيه شراء الأسلحة الخفيفة والمتوسطة من اصحابها.

وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت خلال العام الماضي، تسجيل كافة الأسلحة الخفيفة في مراكز الشرطة.

600 مركز لحصر السلاح

يقول المتحدث باسم الوزارة العميد مقداد ميري، إن “الحكومة ماضية في تنفيذ برنامج حصر السلاح بيد الدولة، عن طريق 600 مركز موزع في جميع المحافظات، وستعمل على سحب الأسلحة”.

لكن الخبير الأمني عدنان الكناني يشكك بجدية الحكومة في قضية سحب السلاح من الشارع، مشيراً الى وجود أفراد وجهات تسعى لإحداث الفوضى وترغب في الحفاظ على شارع بدون أمان واستقرار، بينما ترفع جهات أخرى يافطات دينية او عشائرية او وطنية، وذلك لإستخدام السلاح كوسيلة للتخويف والترهيب او للتأثير على القرارات الحكومية.

ويقول الكناني لـ “طريق الشعب”، أن “اغلب الأحزاب السياسية تملك أجنحة مسلحة، لتضمن بذلك هيمنتها. وتعتبر بعض الاحزاب أن الابقاء على اجنحتها العسكرية ضروري جدا لتحقيق التأثير وفرض القرارات، ودون ذلك لن يكون للحزب حضور”، مضيفا أن “الحكومة الحالية تشكل احد افرازات تلك الأحزاب، وبالتالي تصبح هذه المهمة شبه مستحيلة”.

وحول الالية الملائمة لسحب السلاح، يقترح الكناني أن تبدأ الحكومة بفتح “منافذ مرخصة لشراء السلاح من المواطنين بأسعار مناسبة، وتحديد مدة 60 يوماً لإنجاز ذلك، ثم تنفذ عمليات تفتيش دقيقة بالتعاون بين الجهات الامنية في وزارتي الدفاع والداخلية، بتتم محاسبة كل من يبقى يمتلك سلاحًا بشكل غير قانوني”.

ويؤكد الكناني أن “تجارة السلاح رائجة في الوقت الراهن وواسعة الانتشار؛ اذ يتم بيع الصواريخ والهاونات وجميع أنواع الأسلحة في أسواق عامة مثل سوق مريدي في مدينة الصدر”، مستبعدا ان تكون هناك جدية بتصريحات الحكومة في ما يخص حصر السلاح بيد الدولة.

هيبة القانون

ويقول الحقوقي مصطفى البياتي، أن “القانون العراقي يجيز لكل فرد بلغ 25 عاماً حيازة السلاح، واليوم يوجد ما يقارب 600 مركز مرخص بتسجيل الأسلحة”، مبينا أن “الدكة العشائرية تحولت من جنحة إلى جناية”.

ويضيف في حديثه مع “طريق الشعب”، قائلا إن “قانون الأسلحة الصادر عن البرلمان العراقي يسمح لوزير الداخلية حصراً بمنح رخصة حمل وحيازة السلاح لفئات من المجتمع، كما يجيز القانون فتح محال مرخصة لبيع الأسلحة”.

وينص قانون الأسلحة رقم (15) لسنة 2017 على أنّ يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة كل من حمل أو باع أو اشترى أسلحة نارية أو عتادها من دون إجازة من سلطة الإصدار، وبغرامة لا تقل عن 500 ألف دينار ولا تزيد على مليون دينار.

ويبيّن البياتي، أن “سوء الوضع الأمني في البلاد دفع ببعض الأفراد لاقتناء السلاح، خاصة من تجار الذهب او الاثرياء والمقاولين او بعض المهن التي يتربص بها اللصوص. وبالتأكيد، تتحمل الحكومات شعور المواطن بعدم الأمان لتقصيرها في حماية الفرد العراقي.

صعوبات ومعايير مزدوجة

ويؤكد أن “الحكومة لن تستطيع حصر السلاح بيد الدولة، خاصة ان هناك جهات سياسية تطولها الشبهات بتجارة السلاح، ومن البديهي أن تقف بالضد من قرار الحكومة بحصره”.

وتساءل البياتي عمّا اذا كان قرار الحكومة حقيقيا، وانها تملك ارادة حقيقية في نزع السلاح وحصره، مضيفا أن “السلاح الذي تملكه الفصائل المسلحة هو الحلقة الأصعب، فإذا تمكنت الحكومة من انتزاعه وأثبتت جديتها، فستحل المشكلة وما يتبقى سيكون الأسهل”.

وينصح المحلل السياسي علاء مصطفى، الحكومة بألا تفرض حملاتها على المواطن العادي وتروح تبحث عن قطعة سلاح صغيرة، وتترك الجهات الأخرى التي تملك أنواعا متعددة من الاسلحة الثقيلة.

وبينما يشيد مصطفى بمحاولة الحكومة حل مشكلة السلاح المنفلت، يشكك في امكانية تطبيق ذلك على الجميع.

وتساءل في حديثه مع “طريق الشعب”، عن العقوبات الرادعة لكل من لا يمتثل لإجراءات الحكومة بما يتعلق بحصر السلاح المنفلت، وهل بإمكان الحكومة ان تصل لسلاح العشائر؟

وخلص الى التمني على الحكومة بأن لا يكون قرار حصر السلاح بيدها “شكلياً”، لانه لا يمكن احترام دولة في ظل سلاح منفلت.