اخر الاخبار

متابعة – طريق الشعب

 منذ نحو 66 عاماً وناحية بصية التابعة إلى قضاء السلمان في محافظة المثنى، بلا شبكة للكهرباء الوطنية ويعتمد سكانها الذين يتجاوز عددهم 10 آلاف نسمة، على مولدات الديزل في توفير الطاقة الكهربائية.

 وبجانب هذا البؤس الخدمي لواحدة من أهم الحاجات الإنسانية الأساسية، يواجه سكان الناحية مخاطر كبيرة جراء انتشار ألغام ومخلفات حربية وقنابل عنقودية على مسافة150 كيلومترا، من بادية السلمان إلى حدود الناحية.

ويُطلق مواطنو الناحية باستمرار مناشدات واستغاثات لايصال الكهرباء إليهم، والتي لو وصلت ستساهم في إحياء مئات الآلاف من الدوانم الزراعية، وفي تنمية الثروة الحيوانية، بما يعزز الأمن الغذائي للمحافظة بشكل عام. كما يناشد السكان تخليصهم من مخلفات الحروب السابقة والألغام المزروعة على امتداد منطقتهم، وصولاً إلى الحدود مع السعودية.

 منفى لمعارضي الدكتاتور

وتأسست بصية عام 1958، في قلب الصحراء على موقع محاذٍ للحدود العراقية – السعودية. فهي تبعد عن مركز المثنى حوالي 300 كيلومتر، وتعد من أكبر نواحي البلاد بمساحة 48 ألف كيلومتر مربع، ومنذ تأسيسها لم يتم رفدها بالطاقة الكهربائية.

وينقسم سكان بصية إلى قسمين، هما: الحضر الذين يسكنون في مركز الناحية، والبدو الرحل الذين يمتهنون تربية الأغنام والإبل.

وحسب مدير الناحية توفيق جابر علك الحساني، فإن بصية كانت قبل 2003 منفى لمعارضي النظام المباد، مبينا أنه «بين عامي 2005 و2010 تم اكتشاف 4 مقابر للمعارضين، عُثر فيها على رفات قرابة 400 شخص».

ويلفت الحساني في حديث صحفي، إلى انه بعد عام 2003 بدأ النشاطان الخدمي والزراعي يعودان إلى بصية. إذ انطلقت مشاريع إعمار رغم قلة التخصيصات المالية. كذلك نشطت الزراعة، وأهمها زراعة القمح التي اتسعت خلال السنوات الأخيرة حتى تجاوزت المساحات المزروعة 600 ألف دونم، موضحا أن المزارعين يعتمدون كليا على المياه الجوفية.

ويضيف قائلا: «كذلك شهدت بصية نشاطا صناعيا. فخلال الفترة الأخيرة تم منح 4 إجازات استثمارية لإنشاء معامل اسمنت في الناحية، نظرا لوفرة المواد الأولية في باديتها»، مبينا أن «الناحية تضم أيضا مدارس ابتدائية ومتوسطة وإعدادية، لكنها تفتقر للجامعات. لذلك يلجأ طلبتها الجامعيون إلى الدراسة في جامعات المحافظات القريبة». 

أما من الجانب الخدمي – حسب مدير الناحية - فإن بصية تفتقر للعديد من المشاريع المهمة، أبرزها شبكة طرق تربطها بالمحافظات المجاورة، مشيرا إلى أن «هناك مشروعين وزاريين لإنشاء شبكة طرق، لكنهما متلكئان».

وبخصوص الكهرباء، يوضح أن هناك مشروعا لربط بصية بالشبكة الوطنية عبر خط ناقل «وهذا لو أنجز سيمثل قفزة نوعية لتطوير الناحية».

 مشروع الكهرباء.. هل سيكتمل قريبا؟!

في تموز 2022، وضعت وزارة الكهرباء ومحافظة المثنى حجر الأساس لمشروع مد الكهرباء إلى قضاء السلمان وناحية بصية. وحينها صرّح وزير الكهرباء السابق عادل كريم بأن وزارته خطت خطوات جدية لإيصال الكهرباء الوطنية إلى القضاء والناحية بعد مرور أكثر من 60 عاماً على تأسيسهما كوحدتين إداريتين، مبيناً أن المنطقتين تعتمدان على مولدات الكهرباء الحكومية.

وفي هذا الجانب، يوضح معاون محافظ المثنى لشؤون الطاقة حامد جهاد الحساني، ان «الخط طوله 92 كيلومترا، وعدد أبراجه 291 برجا، وطاقته التصميمية 500 MVA»، مبينا أن «نسبة إنجاز المشروع وصلت حالياً إلى أكثر من 75‎ في المائة‎، وأنه من المؤمل إدخاله للعمل في 15 آذار المقبل».

ويؤكد في حديث صحفي أن «العمل مستمر حالياً بلا توقف لإيصال الكهرباء إلى المنطقتين اللتين لم تريا الكهرباء الوطنية منذ تأسيسهما. إذ تعتمدان على مولدات تديرها الحكومة».

وكانت مديرية الدفاع المدني في المثنى قد أعلنت في كانون الثاني 2023، مباشرتها حملة لتطهير مسار مشروع مد خطوط الكهرباء من المخلفات الحربية، وتسليم الأرض للشركة المنفذة للمشروع لتقوم بنصب القواعد الإسمنتية للأبراج.

 الألغام تحصد السكان

وتعد المثنى من أكثر المحافظات تلوثاً بالألغام والمخلفات الحربية. إذ تنتشر كميات كبيرة منها على مساحة 150 كيلومترا من بادية السلمان إلى حدود بصية - حسب إحصاءات مديرية بيئة المثنى.

وتسجل السلطات المحلية حوادث عديدة في هذه البادية - التي تشكل 90‌ في المائة من مساحة المحافظة الإجمالية - يذهب ضحيتها مربو أغنام وسكان من البدو الرحل والصيادين. وقد وصل عدد ضحايا هذه المخلفات إلى 3700 شخص في الفترة الممتدة بين العام 1991 حتى العام الماضي 2023.

ويبلغ التلوث بالمخلفات الحربية 25‌ في المائة من مساحة بصية، في حين تتركز الألغام في مناطق أبو غار والخط السريع وبصوت والهبارية وبصية والجدعة والعظامي وأبو خويمة وخرانج والشريط الحدودي ومغيزل وعادن والشيحيات ولية والعطشانة وشليهبات والابطية – حسب تصريح صحفي سابق لنائب رئيس منظمة حماية البيئة والتنوع الأحيائي في المثنى، أحمد حمدان.

وفي هذا السياق، يقول المواطن جميل نافع، أن «بصية تمتاز بتربية الحيوانات والزراعة، لكن منذ حرب 1991 وهي ملوثة بالكثير من الألغام والذخائر العنقودية المنفلقة وغير المنفلقة، التي لا تزال موجودة إلى يومنا هذا، رغم خطورتها المباشرة على الناس».

ويضيف في حديث صحفي قائلا أن «الدفاع المدني والهندسة العسكرية ومنظمة مساعدات الشعب النرويجي NPA، يعملون جاهدين لحل هذه المشكلة التي تودي بحياة أكثر من 10 أشخاص سنوياً».