اخر الاخبار

صدرت مؤخرا في موسكو عن “دار نشر الجامعة الحكومية - معهد العلاقات الدولية التابع لوزارة ‏الخارجية الروسية” ترجمة لرواية احمد سعداوي “فرانكشتاين في بغداد “ الفائزة بالجائزة العالمية للرواية العربية ‏‏ (البوكر العربي) لعام 2014 بترجمة المستعربة والمترجمة أستاذة الأدب العربي ناتاليا شويسكايا ‏

المهتمة بالأدب العراقي الحديث، وقد ترجمت العديد من الاعمال الروائية، كما نشرت ‏المقالات وشاركت في المؤلفات بمداخلات تناولت فيها جوانب من الرواية العراقية الحديثة ومشاغلها ‏والموضوعات مثار اهتمامها حظيت باهتمام دوائر الاستعراب الروسي وكتبت عن غادة السمان وطه حسين وآخرين، واتسمت ترجماتها بالدقة ورشاقة ‏الأسلوب وعكس أجوائها العراقية لتقريب الواقع العراقي للقارئ الروسي. وفي حوار خاص معها قالت:‏

‏- ‏عندما حصلتُ على روايتي” يا مريم “لسنان أنطون و” فرانكشتاين في بغداد “لأحمد سعداوي ‏عزمت على ترجمتهما، واستمر عملي على الترجمة طوال مدة غير قصيرة، وعندما بدأت ‏أدخل العالم الفني لتلك الروايتين شعرت برغبة شديدة في أن يطلع عليهما قراءنا الروس والناطقين ‏بها وزملائي المستعربين، واكتشفت أن ثمة أشيا ممتعة وأخاذة بامتياز الكتابين وكشفهما عن الأجواء العراقية المميزة، ونصحني رئيس قسم لغات ‏بلدان الشرقين الأدنى والأوسط في معهد العلاقات الدولية بإصدار ترجمتي ككتاب تعليمي ووجدت إن فكرته جميلة وتناسب أمنياتي (كمدرسة للأدب العربي) ‏وتنطوي على جذب مستعربينا الشباب إلى قراءة الآداب العربية، وقد يساهم كتابي المزود ‏بقاموس بمفردات الرواية مترجمة وملحقة بالنص، بإغناء الثروة اللغوية للطالب/ القارئ ، فضلا عن هوامش اشرح فيها وأعلق على معاني وكوامن عناصر واقعية في نص الرواية ‏ومن ضمنها على سبيل المثال أسماء جغرافية” شارع أبو نواس ومحلة البتاوين، ومدينة العمارة، وعينكاوة، ‏وعشرات من أسماء الأماكن الأخرى” إضافة إلى أسماء شخصيات عراقية مشهورة: “الملك فيصل، ‏والسيد حافظ القاضي ورؤساء العراق الجمهوري...”،‏ وأحداث مهمة: “الحرب العالمية الثانية، والحرب في الخليج، والاحتلال الأمريكي للعراق، وثورة ‏عام 1920” وحتى أنواع الأكلات العراقية التقليدية كالكاهي والقمير. وكنت أهدف إلى أن لا ‏تتضمن الرواية أسماء وأماكن غامضة وعسيرة على فهم الطلبة والقراء. ‏

* وعن سبب رغبتها في أن يطلع القراء الروس على هذه الرواية، ‏والدوافع التي جعلتها تبذل الجهود لجعل تلقيها سهلا؟ اجابت: ‏

‏- ‏ لأنها تستحق بامتياز اهتمامنا كونها تتناول مرحلة شاقة وعصيبة في تاريخ ‏العراق الحديث، تلك المرحلة التي يحس بها ويفهمها المجتمع الروسي الذي مر بأوقات على غرارها ‏وشعر بالخوف والرعب الذي تملك سكان بغداد وسكان العراق عموما من الأعمال الإرهابية الوحشية والاقتتال. فأي ذنب ارتكب أهالي ‏بغداد الذين تعرضوا للقصف المستمر والذين عذبتهم المفخخات بلا نهاية؟ ‏وفي فرنكشتاين في بغداد يتذكر ودود الآمرلي “حبيبته الروسية التي تعرف عليها أثناء دراسته في ‏روسيا في جامعة كيماوية. وأضافت:

لقد أعاد هذا لذاكرتي تعرفي على شخصيات عراقية مرموقة زارت الاتحاد السوفياتي ‏وكنا نحن المستعربين الشباب حينذاك نرافقهم في موسكو وخارجها وكان من بينهم الراحلين سكرتير الحزب الشيوعي العراقي السابق عزيز محمد وعضو المكتب السياسي السابق عامر عبد الله. ‏

وقالت المستعربة وهي تتناول خصوصية الترجمة من العربية إلى الروسية: ‏

‏‏‏- ‏  إني لا أتجرأ على إعطاء حكم على مستوى الروايتين أهميتهما ومحاسنهما، لأنني اجنبيه وبالطبع لا ‏أشعر باللغة العربية كما يشعر بها الناطقون بالضاد. ولكن في بعض الأحيان أقدح زناد فكري ولا ‏أجد جوابا لماذا توجد هنا هذه الجملة أو تلك؟ تعودت على أن احترم كل كلمة للأديب وكل فكرة له ‏وأرى إن الكاتب إذا ادخلها في نصه هذا يعني إنها تؤدي دورا ملموسا فيه لكن بعض الأشياء بقيت ‏غامضة لي مثلا يشير سعداوي في روايته الى ذراعي أم سليم البيضاوين أثناء وداع أم ‏دانيل، فلماذا يلفت الكاتب أنظارنا الى ذلك التفصيل في مظهرها؟ بينما لم يذكر حتى اسمها ‏الشخصي ونعرفها كأم سليم البضة وحسب. لقد تربينا على مقولة كاتبنا الشهير أنطون تشيخوف ‏الذي قال إذا رأينا في بداية المسرحية بندقية معلقة على الحائط، فلا مفر من أنها ستطلق النيران في ‏آخر مشهد، ويعني الكاتب الكبير بأن لكل شيء أهميته في العمل الأدبي والفني عموما، وله وظيفة ‏محددة وتطوير أحداث الرواية أو المسرحية. ‏

وأعترفُ بأن بعض التفاصيل في رواية سعداوي أثارت في الضجر ثم أدركت إن النص بكليته ‏عزيز على قلب المؤلف ويروم رسم حياة مواطنيه اليومية مكتوبة على الورق وكأنه ينصب تمثالا ‏أدبيا للعراق الذي أضاعه. كما إنني سأمت من المشاهد الجنسية مع أني افهم أن المؤلفين يحرصون ‏على وصف حقيقة الحياة التي يكون الجنس فيها عنصرا مهما، كما فعل تولستوي ودوستويفسكي حيث نتبين حركات ونفوس شخوص روايتهما ‏ويملي هذه المنهج علينا أن نبحث ونتوقع اعترافات صريحة لأشخاص الرواية ونظرتهم الثاقبة إلى ‏أعماقهم وكشف خواطرهم وهمومهم الدفينة.

عرض مقالات: