ها نحن نرجع للغيابِ
الصمتُ يغلبنا...
نعاسٌ في السكونْ
البيت يهدأُ
ها أنا أرنو إليكِ و دمعتي تُغلي العيونْ
شبحٌ يغالب ليلنا الضامي بنا ،
صوتٌ بعيدْ
وجهي بعيدْ
و الحزنُ في الأجفان يدنو من جديدْ
و سوادُ هالاتي يصلّ سوادها ،
متفجرٌ كرصاصةٍ في القلبِ داميةُ السوادْ
الروحُ ينطقها البعاد
الروح يقتلها البعاد ...
لا شيءَ إلا الحبّ يسكننا
و خرزاتٍ يَلفُّ بطانها صدقُ المرادْ
الحُب يخفق نبضهُ ...
احلامُنا هي تلكَ تخفق رايةً
و شراعنا قرب النوافذ مشرعٌ
فيصيحُ سكنى القريةِ السمحاءِ قبّل من تحبْ !
قبّل عيونَ الوهج فيها
نمْ بحضنها ...
مسكينةٌ من بيت لحمٍ لي تقولُ : غلامُ...
يا انت الغلامْ
خذها إليك
خذها فتلك المآذن العمريةُ الفضلى تنادي
أصواتُ مقرئنا بأرض القدسِ،
أحياءُ الضفافْ
و عروسُنا حيفا تنادي
من ياسمين النورِ شيءٌ في النصوصِ... قديمها
من أرضِ الخصبِ ....
جاء البطلْ
قد كان يعرف بالعراق
جاء البطل ...
أيضا ينادي
خذها فإنّكما العراق !
يا أنتما ظِلٌ بمائي
يا أنتما أرواحكم بدئي
و بدء الأرضِ يا أولادَ قمحي
يا حصاد التمرِ برحي...
أنتما يا أنتما أرضَ السواد
أرضُ السوادْ
تلك المباركة المقدسةُ ..
تلك قصتنا القديمة قبل وضعِ النار
قبل مجيءِ تمّوز العظيم
تلك الأغاني و البيارق في المدى
تلكَ المعاركُ... تلكَ طلت من هنا
يا مجد إينانا هلا تنظرينْ ،
اجدادنا في الغيم يظهر نصرهم
يَغزونَ مصراً ...و العدى
تغزو سيوفهم الوغى
أبطالنا في الغيم يلمعُ مجدهم
يا مجد إينَانا هلّا تنظرين !
يا روحَ سرجون الذي ساد البلاد
ما زالَ ذكرك في الدعاءِ ،
و لا يزالُ النصر يذكرُ ،
في المحافل يَكبرُ
لا تزال النار تشعلُ في المعابدِ والنحور
أجراسُ زقوراتنا دقّت
ونصرك ذاعَ في أقصى الأراضي والقصور
يا روح نابو كل أرضك زحمةٌ
كُل الأراضي من نخيلْ
كُل العواصم حلمها قانون بابلَ،
خصبها وسماؤها
و الشمس حتى الشمس ليس لها مثيل !
سورٌ وناسٌ في الممراتِ البديعة
و ماءٌ و عيونْ...
و جنائنٌ قد طلّ عاليها فراديسٌ
و ميسُ تطلُّ
بابلَ ها هناكَ على السواحلِ
كاهنٌ يذيعُ النصرَ
ذا كلكامشٌ ...
من شرفة الصمتِ الفسيحةِ
من غيابات الحبيبِ يعود تاريخٌ مضاءْ
تربٌ تشمر عن سواعد روحها
و السمعُ ينصت و السماءْ
تموزُ و الأفعى ..
سميرا و السبايا ،
تلك اصواتٌ من غناءْ
هلّت -و هذا الوقت ليلٌ..
صادحٌ فيها النداء :
قوما معاً...يا إنتما دفء الشتاءْ
عودا ...لحبكمِ الفداءْ
قوما معاً ...يا أنتما...