في مناسبة الذكرى 104 لتأسيس الجيش العراقي 6 كانون الثاني، ضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد السبت الماضي، الفريق الركن نجيب الصالحي، الذي ألقى ضوءاً على "محطات مهمة لمسيرة الجيش العراقي"، في جلسة حضرها سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، وجمع من المثقفين والمهتمين في الشؤون الوطنية والعسكرية.
أدار الجلسة الناشط الحقوقي محمد السلامي، واستبقها بتقديم نبذة عن الضيف، مبينا أنه ولد عام 1951، وحصل على البكالوريوس في علم الاجتماع، والماجستير في العلوم العسكرية.
وأضاف قائلا أن الضيف ساهم في تأسيس "حركة الضباط الأحرار والمدنيين"، وتسنم مناصب قيادية في الجيش العراقي، حتى انشق عن النظام عام 1995.
وفي معرضه حديثه، تطرق الصالحي إلى التركيبة الاجتماعية للجيش العراقي في بداية تأسيسه إبان الحقبة العثمانية، مشيرا إلى أن أغلب الضباط الذين أسسوا الجيش العراقي بداية كانوا عثمانيين، وأن أول المتطوعين في الجيش، الذين بلغ عددهم نحو 6 آلاف، كان معظمهم من الفلاحين الهاربين من جور الاقطاع.
وفيما نوّه إلى ان تأسيس الجيش العراقي بعد الاحتلال البريطاني، سبق تأسيس الدولة العراقية بنحو ستة شهور، أشار إلى انه بعد ثورة 14 تموز 1958، أصبح تسليح الجيش شرقيا من الاتحاد السوفييتي، لكن تقاليده العسكرية بقيت بريطانية.
ثم تطرق الضيف إلى الحرب العراقية – الإيرانية، وما سبقها من تداعيات، لافتا إلى ان الدول الاستعمارية كانت قد طلبت من إيران، في فترة حكم الشاه إبان منتصف السبعينيات، خوض حرب ضد العراق، لكنه رفض، وفي المقابل طُلب من أحمد حسن البكر خوض حرب ضد إيران، ورفض أيضا.
وتابع قائلا أن الغاية من تحريضات التحارب، هي إنهاك البلدين وتدميرهما، وإضعاف قوى الجيش بعد أن اتسعت وتسلحت وأصبحت تشكل مصدر قوة في المنطقة.
وألقى الصالحي الضوء على محطات شهدها خلال الحرب العراقية – الإيرانية، وعلى معاناة الجنود في تلك الفترة، والأوضاع الإنسانية القاسية التي عاشوها والتضامن بين الجنود والضباط. كما نوّه إلى أن الجيش العراقي، ورغم ما لحقت به من أضرار خلال الحرب، بقي متمتعا بقوته ولم ينهار.
ثم تطرق إلى عملية غزو الكويت. وأبدى تفهمه لردود الأفعال السلبية من قبل الكويتيين حكومة وشعبا، تجاه العراق، موضحا أن ما مارسه نظام صدام ضد الكويتيين كان بشعا.
وأكد أنه وغيره من الضباط والقادة الذين شاركوا في غزو الكويت مجبرين بفعل سطوة النظام الدكتاتوري، كانوا يحاولون قدر الإمكان التدخل في منع القسوة والاضطهاد ضد الكويتيين. واستذكر هنا حادثة حصلت معه. إذ انه سمح لرتل من قرابة 500 سيارة كويتية كانت متوجهة إلى السعودية هربا من الغزو، بالخروج، رغم ان صدام كان قد وجّه بمنع خروج أي كويتي من البلاد.
بعدها تحدث الصالحي عن انتفاضة آذار 1991 وأسبابها وطبيعتها، مشيرا إلى ان هذه الانتفاضة كانت عفوية أشعلها المواطنون بداية في البصرة وجاء ذلك ردَ فعلٍ على ما ذاقوه من ويلات في ظل حروب النظام العبثية وسياسته القمعية.
وتابع قوله أن عفوية الانتفاضة تبرهن على وطنيتها واستقلاليتها، وتجردها من أي فعل خارجي، مؤكدا أن معظم ضباط الجيش وجنوده رفضوا إطلاق النار على المنتفضين، وان الذين ضربوهم هم أزلام القوى الأمنية التابعة للنظام من حرس جمهوري وحرس خاص وغيرهما.
هذا وشهدت الجلسة مداخلات ساهم فيها عديد من الحاضرين، وعقّب عليها الصالحي بإسهاب.
وفي الختام، قدم الرفيق رائد فهمي شهادة تقدير باسم المنتدى إلى الفريق الركن نجيب الصالحي.