بحضور باحثات نسويات من العراق وسوريا والسودان ولبنان ضمن حملة الـ 16 يومًا الدولية لمناهضة العنف ضد المرأة، احتضن المنتدى العراقي في فرنسا، يوم السبت 7 كانون الأول، جلسة لباحثات أكاديميات من كل من العراق وسوريا والسودان ولبنان، للحديث عن الأخطار التي تحدق بالنساء في بلدانهم والإحصائيات المرعبة التي تشير إلى تراجع كبير في المساواة وارتفاع في نسب العنف ضد النساء والفتيات وهو ما يمثل أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا في العالم بحسب الإحصائيات الدولية.
تأثير الحروب والصراعات
وأدارت الجلسة الإعلامية أفراح شوقي، التي رحبت بالحضور خاصة من المشاركات العربيات اللواتي يشاركن للمرة الأولى في جلسات المنتدى العراقي، وكان من المقرر أن تشارك إحدى المتخصصات من فلسطين لكن تعذر ذلك لظرف خاص.
شوقي أكدت في مقدمتها أن الحروب والصراعات التي تعصف بالبلدان العربية ألقت بظلالها على النساء بشكل خاص، عندما استخدمت أجسادهن ساحة للانتقام وصرن عرضة للتهجير والاغتصاب والقتل والحياة الصعبة، إذ تشير الإحصائيات الدولية إلى أن العنف ضد النساء والفتيات، هو أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا في العالم، كما أن أحدث تقرير للأمم المتحدة يشير إلى أن كل عشر دقائق تُقتل امرأة واحدة في العالم.
مخاطر تعديل قانون الأحوال الشخصية
الناشطة كريمة الأسدي، المختصة بحقوق الإنسان، تحدثت عن التحديات التي تواجه النساء في العراق حاليًا بسبب إصرار بعض البرلمانيين، على تمرير تعديلات على قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، من شأنها أن تسهم في تفكك الأسرة وضياع حقوق المرأة وسلبها للكثير من حقوقها في الإرث والنفقة وحضانة الأطفال.
أما الصحفية نياز عبد الله القادمة من كردستان العراق، فقالت: يتعارض تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق مع الكثير من القوانين الدولية التي وقع عليها العراق سابقًا ومن بينها اتفاقية سيداو واتفاقية حقوق الطفل وغيرها، وهو ما يعرضه للمساءلة، إضافة إلى أن مشروع التعديل يشكل خطورة على الأقليات الدينية وهو أيضًا يقسم المجتمع العراقي ويعزز الطائفية.
أوضاع النساء في سوريا والسودان
وعن أوضاع النساء في سوريا، أسهبت الدكتورة ميا الرحبي، القادمة من لاهاي، في تناول تردي أوضاع النساء بالأرقام والصور خلال السنوات العشر الأخيرة، وكيف تسببت الحروب والصراعات في تقسيم مناطق سورية، وتهجير سكانها وقتل المدنيين، منهم 28 ألف قتيلة من النساء وأعداد كبيرة من الإعاقات، وتحول الملايين منهن إلى معيلات لأسرهن بعد غياب المعيل، وبدون أن يكون لديهن مؤهلات للعمل قبلاً، كذلك انتشار الأمية بنحو خطير.
ولا تختلف أوضاع النساء في السودان عن سوريا، إذ أكدت الناشطة محاسن يوسف أن حوالي سبعة ملايين امرأة وفتاة في السودان تعرضن لخطر العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والنساء هن الأكثر عرضة للانتهاكات من قبل طرفي النزاع، وأن العنف والاستغلال الجنسي استخدما سلاحًا قذرًا في الحرب وليس هناك أي حماية للنساء، إضافة إلى الفقر الشديد وغياب الخدمات بشكل لافت.
ماذا عن لبنان وتونس؟
ومن لبنان، تحدثت الناشطة ديانا توفيق الزيدي، عن صمود المرأة اللبنانية أمام الظروف الصعبة التي عاشتها البلاد وأثرت كثيرًا في أوضاع النساء فيها خلال السنوات الماضية، وأكدت أهمية التصدي لتلك الضغوط بتوحيد الأصوات والوقوف معًا لإيقاف كل تلك الانتهاكات التي تتحملها النساء في أوقات الأزمات.
بدورها أكدت الناشطة التونسية رجاء الشامخ في مداخلتها، أن النساء في عالمنا العربي وبدلاً من أن يحصلن على مزيد من الحقوق والحريات، بقوانين منصفة وأكثر عدالة، أصبحت مطالبهن الآن الحفاظ على بعض ما حصلن عليه من مكتسبات عبر قوانين وضعية نافذة، أو المطالبة بعدم تغييرها إلى الأسوأ وهذا يشكل تراجعًا خطيرًا.
في ختام الجلسة، شدد المشاركون على أهمية مواصلة الجهود للوقوف سوياً في سبيل فضح ومنع أي ممارسات عنف أو استغلال تتعرض له النساء في كل أنحاء العالم، ثم شارك بعض الحضور في وضع تواقيعهم على نص العريضة الدولية التي تطالب المجتمع الدولي بالتدخل لرفض تعديلات قانون الأحوال الشخصية في العراق لما له من أخطار جسيمة تمهّد لطمس الهوية الوطنية وتغليب الهويات الفرعية والطائفية وتقويض المكاسب التي تحققت لحماية حقوق النساء والأسرة عمومًا.