عقدت "جمعية الحفاظ على تراث هادي العلوي"، الثلاثاء الماضي في بغداد، جلسة حول كتاب "هادي العلوي وفكره التنويري"، الذي يضم مقالات له جمعها وقدم لها رئيس الجمعية سعدون هليّل، ومهّد لها د. عدنان عبيد المسعودي.
الجلسة التي احتضنتها قاعة "جمعية الثقافة للجميع"، حضرها جمع من المثقفين، وأدارها الشاعر جاسم العلي، مستهلا إياها بتقديم نبذة عن هليل ود. المسعودي.
وقد بدأ هليل الحديث متناولا مناقب المفكر العلوي، ومستعرضا سيرتيه النضالية والفكرية بالتفصيل.
ثم تحدث عن الكتاب، فقال أنه يضم 13 مقالة للعلوي كانت قد نُشرت في مجلات عربية، من عناوينها "المثقف سلطان معرفي يزيح الأباطرة"، "الإسلام بين الرأسمالية والإشتراكية"، "نقد الدين والسياسة في الأدب العربي القديم"، "لينين فيلسوفا: الجذور الطائفية في العراق" و"كارل ماركس والمسألة اليهودية".
وعلّق هليل بشكل مختصر على كل مقال ضمه الكتاب، شارحا بعض التفاصيل.
بعد ذلك، تحدث د. المسعودي، بمنهجية تحليلية، عن كتابات العلوي ونصوصه المكتنزة، محللا بنيتها الاجتماعية العميقة والكامنة.
وفي تفكيكه وتحليله ميّز المسعودي بين فعل الفلسفة التأملي وفعلها التثويري، مشيرا إلى أن الأخير يحمل شحنات الثورة والاستعداد للخروج من قبضة الإستبداد والتقليد، وهو ما يشكل اساس الفعل الحركي لفلسفة الكفاح والتنوير ضد قوى الشر والموت، التي تمثلها تقاليد فلسفية تولد وتنمو على فتات موائد الملوك.
وعدّ المسعودي الفلسفة التجريدية والأكاديمية (الجامعية)، بأنها "فلسفة ميتة ومكفّنة، تعتاش على المفاهيم الرأسمالية الوافدة"، موضحا أن "الفيلسوف التجريدي يريد أن يحل مشكلات المجتمع والحياة، ويغيّر الأنظمة، ويسقط الإمبراطوريات، وهو منكفئ في شقته ينتقد التراث ويحلل النصوص ويشتم الظلم والظالمين .. وهكذا يصبح كل شيء على ما يرام بالنسبة إليه، جاهلا أو متجاهلاً أن تغيير المجتمعات ومقاومة سلطات الطغيان لا تتم عبر وسائل الفلسفة او الفكر النظري، ولا بتحليل قيم الفكر، وإنما تحتاج إلى عمل ثوري منظّم وفاعل، وقيادة سياسية مستنيرة بالفكر الثوري".
وأشار المسعودي إلى ان العلوي ينتقد الفلسفات التجريدية بشدة وحزم، ويرى أن مقاومة الشر، والثورة من أجل العدالة، لا تتمان عبر رسائل الفلسفة وأطاريحها، بل عبر وسائل الكفاح والنضال والمواحهة والتضحية.
وفرّق المسعودي بين مفاهيم المثقف والمفكر والفيلسوف، مبينا أن المثقف طالب معرفة نهم، عاشق للقراءة والاطلاع الواسع، لكنه ليس مفكرا بالضرورة، وإنما مستهلك للثقافة.
وأضاف قائلا أن المفكر منتج للثقافة، ويستطيع أن يحدث تأثيرا بها. بينما الفيلسوف مفكر يمتلك رؤية كونية ويستطيع أن يرى ما وراء الأحداث المباشرة التي يدركها عقل المفكر الحسي أو التجريبي. ولفت إلى ان العلوي يحمّل المثقف الكوني أو المستنير، مهمتي التبليغ والمواجهة ضد قوى الشر والطغيان والظلم، ويرى أنه لا عذر للمثقف الذي يلجأ إلى الصمت، ويفشل في تحمل مسؤوليته الأخلاقية والرسالية تجاه الإنسان.