اخر الاخبار

 لم تخرج موازنة 2021 عن ارثها التاريخي، فهي استنساخ لما درجت عليه الموازنات العامة في العراق منذ عام 2004 التي لا تختلف احداها عن الاخرى سوى في الارقام التقديرية للإيرادات العامة والنفقات العامة . اذ لا يمكن توصيف موازنة 2021 بالموازنة الإصلاحية فهي من نمط الموازنات التقليدية التي تعتمد على الأبواب والبنود ، إذ تركز على تحقيق الإيرادات دون أي اعتبار للتخطيط المتوسط أو طويل الأجل ، ولا يتم فيه تقييم عوامل الإنتاجية والأداء ، أما النفقات العامة فلا تحدد في ضوء الآثار المترتبة عليها بسبب عدم التركيز على الاستخدام الأمثل لهذه الموارد ، مما يؤدي إلى وجود هدر في هذه الموارد ، بمعنى آخر أن نظام الموازنة العامة في العراق وتحقيق الإيرادات يركز على القواعد والإجراءات واللوائح أكثر من تركيزه على الكفاءة الاقتصادية. وهذا يعني أن الموازنات العامة في العراق تقوم بنيتها على أساس أن النفقات العامة تصنف إدارياً، أي أن النفقات العامة توزع على الدوائر والوزارات التي تدخل موازناتها في الموازنة العامة على شكل اعتمادات أو مخصصات سنوية، ثم تُصنّف هذه المبالغ السنوية التي تخصص لكل وحدة إدارية في شكل نوعي، ووفق الغرض من النفقات التي تسمى بنود الإنفاق أو مواد الإنفاق وغالباً ما تكون متشابهة.

أما موازنة البرامج والأداء، التي تفتقد اليها الموازنات العراقية فتهتم بتبويب موازنات الوحدات الإدارية إلى وظائف ومهمات، ثم برامج رئيسة ثم أخرى فرعية، يُربط بينها وبين البيانات المالية. وهي تزوّد الإدارة بوسائل القياس الدقيقة مثل كلفة الوحدة، وقياس العمل ومعدلات الأداء. إن موازنة البرامج والأداء تركز على تأثير الإنفاق الحكومي على المواطن من خلال تقديم الخدمات المختلفة ، أي مدى الفائدة التي انعكست على المواطن وعلى الاقتصاد الكلي، وأثرها على الرفاه الاجتماعي . يمكن توصيف الموازنات العراقية ومنها موازنة 2021 بانها موازنات توزيعية مهمتها الرئيسة توزيع ايرادات النفط العراقي على ابواب الصرف التقليدية دون ان تؤدي الى تغيير نوعي او هيكلي في بنية الاقتصاد العراقي ، والمثير للقلق في هذه الموازنة هو العجز الكبير فيها والممول اساسا من الاقتراض الداخلي والخارجي والذي ربما سيوقع العراق في فخ المديونية!!  ما يميز موازنة 2021 عن الموازنات السابقة وجود روابط منهجية واضحة بينها وبين ما بين الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادي، فبعد تخفيض سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار من دون اية استعدادات سابقة او موازية ، جاءت مسودة قانون الموازنة  بنموذج متجدد لفرض الضريبة على الدخل لكامل الرواتب والاجور  لموظفي الدولة والمتقاعدين  على حد سواء ، لتدخل الاقتصاد في حالة من الركود التضخمي.

 أهمية الموازنة العامة

تعد الموازنة العامة اهم اداة سياسية اقتصادية اجتماعية تعكس توجهات واهداف القوى المهيمنة في المجتمع لأنها الوسيلة الاكثر فاعلية في ضمان تحقيق هذه التوجهات والاهداف .فالموازنة العامة ليست مجرد تخمينات رقمية مالية وحسابية لتمويل انشطة وفعاليات الدولة وانما تمثل ترجمة عملية لمجمل اهدافها .وعليه فهيكل النفقات العامة وهيكل الايرادات العامة وطبيعة عجز الموازنة العامة وطرق تمويله تعكس بشكل حاسم طبيعة ومضمون هذه الاهداف

للموازنة اهمية سياسية كبيرة اذ ان ارغام السلطة التنفيذية بأن تتقدم سنويا للمجالس التشريعية النيابية لغرض التصديق عليها واجازتها من قبل نواب الشعب في صرف النفقات العامة وتحصيل الايرادات فان هذا يعني اخضاع الحكومة للرقابة المستمرة ، تلك الرقابة التي تتجلى في القدرة على تعديل الاعتمادات التي تطلبها او رفض مشروع الموازنة .

يعد قانون الموازنة اهم وثيقة اقتصادية مالية لأنها ملزمة التنفيذ قانونيا (بعكس خطة التنمية الوطنية والورقة البيضاء)، ولأنه يتم بموجبها تقييم مدى التزام الحكومة بتنفيذ المنهاج والبرنامج الوزاري التي تقدمت بهما، ولأنها تعكس التوجهات الفكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية للسلطة التنفيذية، ان قانون الموازنة محدد زمنيا بسنة واحدة فقط، خلافا للقوانين الاخرى التي تبقى سارية المفعول اعتبارا من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية ما لم تلغَ بقانون اخر ويمكن تعديلها عند الضرورة. اما قانون الموازنة فيبدأ وينتهي سريانه بين بداية و نهاية السنة المالية المعنية

الافتراضات التي تقوم عليها موازنة 2021

سعر برميل النفط المصدر = 42 دولار

معدل صادرات النفط = 3.250 مليون برميل يوميا منها 250 الف برميل من كردستان

سعر صرف الدولار = 1450 دينار

الناتج المحلي الإجمالي = 300 ترليون دينار

المؤشرات العامة لموازنة 2021

الإيرادات العامة = 93.159 ترليون دينار

الإيرادات النفطية = 73 ترليون دينار

الإيرادات غير النفطية = 20.149 ترليون دينار

النفقات العامة = 164.206 ترليون دينار

النفقات التشغيلية = 136.450 ترليون دينار وبضمنها أقساط خدمة الدين والبرامج الخاصة

النفقات الاستثمارية = 27.755 ترليون دينار

نسبة النفقات التشغيلية الى اجمالي الموازنة العامة = 83 %

نسبة النفقات الاستثمارية الى اجمالي الموازنة العامة = 17 %

ترتيب موازنة العراق بين الموازنات العربية لعام 2021

1.السعودية =  263.9 مليار دولار

2.العراق = 113 مليار دولار (حسب سعر الصرف الجديد)

  1. الجزائر= 62 مليار دولار

4.قطر = 53 مليار دولار

  1. المغرب = 51.7 مليار دولار

6.عمان = 29.380 مليار دولار

6.تونس =  19.4 مليار دولار

  1. الامارات العربية = 15.8 مليار دولار
  2. الأردن = 14 مليار دولار

9.البحرين = 8.780 مليار دولار

10.سوريا = 6.8 مليار دولار

موازنة العراق لعام 2021 هي ثاني اكبر موازنة عربية بعد السعودية. موازنة العراق اكبر من موازنات خمس دول مجتمعة وهي قطر + الامارات + البحرين + سوريا +الأردن . وبالرغم من ذلك فالعراق هو الدولة الوحيدة في العالم التي لجات الى تخفيض سعر صرف عملتها الوطنية كأحد أساليب تمويل عجز الموازنة وهو أيضا الدولة الوحيدة التي استقطعت من رواتب موظفيها لضغط النفقات العامة.

 عجز الموازنة

ارتفع العجز المخطط في موازنة العراق لعام 2021 الى 71 ترليون دينار أي ما يعادل 49 مليار دولار (محسوبة بسعر صرف الدينار الجديد في موازنة 2021) وهو الأعلى في تاريخ الموازنات العراقية والاعلى على مستوى الدول العربية ودول منظمة أوبك اذ بلغ عجز الموازنات في قطر 9.5 مليار دولار ، تونس   3.2 مليار دولار، البحرين  3.4 مليار دولار الجزائر 22 مليار دولار السعودية 38 مليار دولار.

علما ان نسب العجز في الموازنة العراقية 2021 كانت على النحو الاتي :

نسبة العجز من اجمالي الموازنة = 43.3 %

نسبة العجز من الناتج المحلي الإجمالي = 23.7 % وهو اعلى بنحو ثمانية اضعاف النسبة المقررة في قانون الإدارة المالية والبالغة 3 %

اصبح العجز صفة ملازمة للموازنات العراقية منذ عام 2004 . إن مصدر الخطورة الحقيقية, كقاعدة عامة, يتأتى من الربط الوثيق بين نمو عجز الموازنة ونمو المديونية الداخلية والخارجية  وهذا الأمر قد يدخل الاقتصاد والموازنات اللاحقة في حلقة مفرغة ذات آثار مدمرة للاقتصاد.

 تمويل عجز الموازنة

ترليون دينار من الحساب المدور لوزارة المالية

8.5 ترليون دينار سندات وطنية

47.8 ترليون دينار خصم حوالات الخزينة لدى البنك المركزي العراقي

500 مليار دينار قروض من المصارف الحكومية - الرشيد والرافدين و العراقي للتجارة

13.522 ترليون دينار من الاقتراض الخارجي ومن 24 دولة ومنظمة دولية وإقليمية

 الايرادات العامة

المصدر الرئيسي للإيرادات العامة يتأتى من الايرادات النفطية. وهذا يعني ان تقديرات الايرادات العامة مرتبطة بتقديرات الكميات المتوقع تصديرها من النفط الخام اضافة الى تقديرات اسعار النفط العالمية المتوقعة وهي عوامل تتميز بالتقلبات واحيانا الشديدة، مما يوجب الحذر عند تقدير كل من النفقات العامة (وخاصة النفقات التشغيلية الجارية) والايرادات العامة. وتعكس هيمنة الايرادات النفطية على الايرادات العامة وتدني مساهمة الانشطة غير النفطية طبيعة الاختلال الكبير والمستديم الذي تعاني منه الموازنات العراقية منذ عدة عقود والتي تؤشر بدورها مدى هشاشة الاقتصاد العراقي وتبعيته المتزايدة لسلعة النفط. بلغت الإيرادات النفطية 73 ترليون دينار في موازنة 2021 وهي اقل بنسبة 22 % عن تقديرات موازنة 2019 بسبب انخفاض سعر برميل النفط المقدر من 46 دولار الى 42 دولار وتراجع كميات النفط المصدرة من 3.880 مليون برميل عام 2019 الى 3.250 مليون برميل عام 2021. 

الملاحظ هو التحفظ الشديد في اختيار سعر برميل النفط المخطط وقدره 42 دولارا للبرميل الذي يبدو بعيد جدا عن سعر برميل النفط العراقي المصدر . بلغت نسبة مساهمة الإيرادات النفطية الى الإيرادات العامة في مازنة 2021 نحو 78 % مقابل 22 % للإيرادات غير النفطية التي تتمثل بالرسوم الجمركية وحصة وزارة والمالية من أرباح الشركات العامة وبالضرائب السلعية والضرائب على الدخول اذ نصت الموازنة على الاستمرار بفرض ضرائب على كارتات الهاتف النقل وبنسبة 20 % وفرض رسم مقداره 25 الف دينار على تذكرة السفر الخارجي و10 آلاف دينار على تذكرة الطيران الداخلية مع فرض ضريبة مبيعات بنسبة 10 % على الخدمات المقدمة في المولات والأسواق الكبرى، وفرض ضريبة على السكائر والتبوغ والمشروبات الروحية بنسبة 20 % وفرض ضريبة على مبيعات السيارات بنسبة 10 % فضلا عن فرض ضرائب كبيرة على رواتب الموظفين والمتقاعدين بنسب متصاعدة تصل الى 40 % من الراتب الكلي وضرائب أخرى بنسبة 10 % على المكافئات التقاعدية ومكافئات نهاية الخدمة . وترتبط الزيادة في الإيرادات غير النفطية بشكل رئيس بزيادة الضرائب على الثروات والدحول بمبلغ 5.5 ترليون دينار مقارنة بعام 2019 نتيجة لزيادة الضرائب المفروضة على الموظفين والمتقاعدين .

 النفقات العامة

ازدادت النفقات العامة في موازنة عام 2021 بنسبة 23 % عن موازنة عام 2019 فيما ارتفعت النفقات التشغيلية بنسبة 36 % في حين انخفضت النفقات الاستثمارية بنسبة 22 % .

وقد استحوذ قطاع الطاقة على الحصة الأكبر في موازنة 2021 اذ بلغت 33 ترليون دينار بنسبة 20% من النفقات العامة يليها قطاع الخدمات الاجتماعية بمقدار 31.4 ترليون دينار وبنسبة 19% ثم الامن والدفاع 27.6 ترليون دينار وبنسبة 16.8 %.

بقيت النفقات التشغيلية المسيطرة على حجم الانفاق العام وبنسبة (83 %) من اجمالي النفقات العامة في موازنة عام 2021 مقابل 17 % للأنفاق الاستثماري وهي نسبة مرتفعة جدا وهذا ان دل على شيء انما يدل على ان ليس للحكومة من برامج انمائية واضحة المعالم من اجل دفع عملية النمو في الاقتصاد العراقي والحد من احادية الاعتماد على النفط. ان الارتفاع الكبير في الانفاق العام انصب على الانفاق التشغيلي الجاري بشكل اساس وهو ما يشكل مؤشرا خطيرا في دولة نامية كالعراق تحتاج الى موارد كبيرة وهائلة لإعادة اعماره في كل المجالات ابتداء من البنى التحتية بما فيها التعليم والصحة والاسكان والطرق الى قطاعات النفط والصناعة والزراعة بالإضافة الى توفير الحد الادنى لمستويات معيشة تليق بإنسان في بلد متخم بالموارد. اما النفقات الاستثمارية فكانت لتغطية نفقات المشاريع الاستثمارية في الوزارات في حين لم يخصص سوى ترليوني دينار لاعمار وتنمية مشاريع الاقاليم وتوزع حسب عدد سكان كل محافظة ومعيار الفقر .. أن الانفاق الاستثماري في العراق غير فاعل اي انه غير موجه نحو الاستثمار في البنى التحتية والمشاريع الاستثمارية التي تزيد من الطاقة الانتاجية للبلد وتحسن من بيئته الاستثمارية .ويلاحظ ان موازنة عام 2021 تخلو من المشاريع الاستثمارية الاستراتيجية التي يترتب عليها احداث دفعة قوية للاقتصاد العراقي فلم تخصص موارد مالية كافية لاستكمال ميناء الفاو الكبير مثلا الذي ابتدأ العمل فيه عام 2010 ومازال في مراحله الاولية اذ بلغت تخصيصات ميناء الفاو الكبير في الموازنة ٤٠٠ مليون دولار يتم اقتراضها من بنك الاستيراد والتصدير الكوري او بضمانته وهو ما يعادل ١٥٪‏ من كلفة تنفيذ المرحلة الاولى لميناء الفاو الكبير وهذا يعني اننا بحاجة وفقا لهذا المستوى من التخصيصات الى نحو ٧ سنوات لإنجاز المرحلة الاولى فقط مع ان المدة المقررة لإنجازه تبلغ اقل من ٤ سنوات كما لم تتضمن التخصيصات الاستثمارية الانفاق على تطوير الصناعة النفطية التحويلية وخاصة قطاعي التكرير والبتروكيمياويات. ولذك ينبغي الاعتناء بطبيعة الانفاق الاستثماري وتحديد اولويات الاستثمار بدقة من أجل توفير المقومات اللازمة للنهوض الاقتصادي وتعزيز الانتاج المحلي وتوفير الموارد المالية اللازمة لتسديد اقساط خدمة الدين الخارجي.

نموذج عن كيفية توزيع التخصيصات الاستثمارية في موازنة 2021

الصناعة = 33.220 مليار دينار

الزراعة = 43.460 مليار دينار

الموارد المائية = 143.313 مليار دينار

الأوقاف الدينية = 196.137 مليار دينار

وهذا يعني ان التخصيصات الاستثمارية للأوقاف الدينية تعادل ستة اضعاف تخصيصات وزارة الصناعة و اكثر من أربعة اضعاف تخصيصات وزارة الزراعة على الرغم من الأوقاف الدينية تمتلك موارد ذاتية كثيرة . كيف يمكن ان يتطور البلد وهو يخصص اقل من 3 بالألف من موازنته الاستثمارية للزراعة والصناعة ؟؟ وهو ما يضع علامة استفهام كبيرة حول الكيفية التي ينبغي ان يتم بها تنويع الاقتصاد العراقي في ظل الاهمال المتعمد لهذين القطاعين التي تعبر عنه التخصيصات المتواضعة للصناعة والزراعية اللتان تعدان الاساس والمرتكز لأي سياسة اقتصادية تستهدف التنويع الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل وبدونهما يغدو الحديث عن الاصلاح الاقتصادي غير جدي ويفتقد الى المصداقية.

 الانفاق العسكري والاجتماعي

في موازنة 2021

تخصيصات الانفاق العسكري = 27.617 ترليون دينار

حصة الانفاق العسكري من الانفاق العام = 16.8 %

حصة الانفاق العسكري من الناتج المحلي الإجمالي = 9.2 %

تخصيصات الانفاق الاجتماعي (التربية والتعليم والصحة) = 8.020 ترليون دينار

حصة الانفاق الاجتماعي من الانفاق العام = 4.9 %

حصة الانفاق الاجتماعي من الناتج المحلي الإجمالي = 2.7 %

حصة الانفاق العسكري يفوق حصة الانفاق الاجتماعي بنسبة 344 %

يمثل العبء الاجتماعي الكبير في العراق احد المقاييس المهمة لمعرفة أثر الإنفاق العسكري على طبيعة النشاطات الاجتماعية التي تقوم بها الدولة . أن الاهتمام بالإنفاق العسكري على الرغم من أهميته في توفير الامن والاستقرار إلا انه يؤثر سلبيا في طبيعة الإنفاق الاجتماعي وتطوره المتمثل بالإنفاق التعليمي والصحي اللذين يعدان من ضرورات الحياة  فدورهما لا يقل أهمية عن الإنفاق العسكري في تحقيق وبلوغ الأمن و الاستقرار ، ومساهمتهما في الحد من التهديدات والمخاطر غير المسلحة التي يتعرض لها العراق ، خصوصا في مجال الأمية والأمراض والتشرد مع ما يعانيه من الاختلالات البيئية والفساد، فضلا عن دور الإنفاق التعليمي والصحي في تهيئة الأجواء الملائمة لتحقيق التنمية ، فتحسين المستوى التعليمي والأوضاع الصحية من المؤشرات الأساسية لتحسين الأحوال المعيشية وتعزيز الرقي الإنساني الذي يعد أهم أداة لتحقيق الأمن ومن بعدها التنمية.

الترف والتبذير في موازنة العراق الإصلاحية لعام 2021

بعض النفقات التشغيلية للوزارات ودوائر الدولة المختلفة

المستلزمات الخدمية = 2.896 ترليون دينار

المستلزمات السلعية = 16.708 ترليون دينار

صيانة الموجودات = 578 مليار دينار

البرامج الخاصة = 1.130  ترليون دينار

المجموع = 21.313 ترليون دينار وهو يعادل 14.6 مليار دولار

هذا المبلغ اكبر من موازنة الأردن واكبر من ضعف موازنة سوريا ، ولو تم اختزال الرقم الى ثلاثة ترليونات دينار فقط فإن المبلغ المتبقي يعادل ثلاثة اضعاف المبلغ الذي ستحصل عليه وزارة المالية من تخفيض سعر صرف الدينار

الديون في الموازنة

أقساط خدمة الدين الخارجي = 6.881 ترليون دينار

تعويضات الكويت = 2.167 ترليون دينار

أقساط خدمة الدين المحلي = 7.880 ترليون دينار

أقساط الدين الداخلي والخارجي = 17.761 ترليون دينار

الفوائد = 4.596 ترليون دينار

الفوائد على القروض الخارجية = 1.461 ترليون دينار

فوائد على الدين المحلي = 2.593 ترليون دينار

النفط في موازنة 2021

تخصيصات وزارة النفط = 16.387 ترليون دينار

تخصيصات شركات التراخيص النفطية = 13 ترليون دينار

نسبة تخصيصات التراخيص الى تخصيصات وزارة النفط =79.33%

نسبة تخصيصات التراخيص الى الإيرادات النفطية بعد استبعاد كردستان لعدم علاقتها بالتراخيص = 19 % .

حصة شركات التراخيص في الموازنة العامة = 8 %

حصة شركات التراخيص في الموازنة العامة اكبر من حصة ست 12  وزارة مجتمعة وهي : التربية والتعليم والصحة والزراعة والصناعة والنقل والموارد المائية والعدل والتخطيط والثقافة والشباب والمهجرين. وعلى الرغم من المبالغ الكبيرة التي تخصصها الموازنات العراقية لشركات التراخيص إلا ان صادرات العراق الحالية لم تصل الى مستوى الصادرات النفطية قبل نحو 40 عاما عندما كانت شركات النفطية الوطنية تستخرج النفط بجهودها الذاتية .

الخصخصة في موازنة 2021

المادة 47 من مشروع قانون موازنة 2021 تنص على الآتي (على الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة كافة تقييم الأصول التابعة لشركاتها العامة وبما يضمن تمكينها من تأجير وبيع اصولها واستغلالها بأفضل السبل الاقتصادية من اجل تعظيم مواردها الذاتية). وعلى ذلك فإن كل أصول الشركات العامة بما فيها الشركات النفطية وفي مقدمتها المصافي العراقية معروضة للبيع او التأجير بموجب قانون الموازنة وهو ما ينسجم مع الورقة البيضاء الحكومية التي تستند أصولها النظرية من سياسات صندوق النقد الدولي والرامية الى خصخصة القطاع العام وبيعه. 

 الموظفون في موازنة 2021

ارتفع عدد الموظفين على الملاك الدائم من 2.941 مليون موظف في موازنة 2019 الى 3.263 مليون موظف في موازنة 2021 وبزيادة نسبية مقدارها 11 %، منها 172 الف درجة مستحدثة عام 2019 و109 الف درجة مستحدثة عام 2020 و 34 الف درجة مستحدثة عام 2021، في حين ارتفعت تخصيصات رواتب الموظفين من 43.403 ترليون دينار في موازنة 2019 الى 53.839 ترليون دينار في موازنة 2021 وبزيادة نسبية قدرها 24 %. وهذه الزيادة الكبيرة في اعداد الموظفين تنسجم مع سلوك الدولة الريعية في العراق التي تسعى الى خلق الوظائف العامة لامتصاص بعض العاطلين عن العمل نتيجة لفشلها في بناء وتهيئة البيئة الاقتصادية المناسبة التي تؤدي الى خلق فرص عمل عديدة لاستيعاب البطالة المليونية في العراق وخاصة البطالة بين الشباب الذين يزدادون سنويا بمعدلات مرتفعة ويدخلون الى سوق العمل الذي تتميز بالبطالة الواسعة والعمالة الناقصة.

البطاقة التموينية في موازنة 2021

تخصيصات البطاقة التموينية في موازنة 2019 = 1500 مليار دينار أي ما يعادل  1260 مليون دولار

تخصيصات البطاقة التموينية في موازنة 2021 = 794 مليار دينار أي ما يعادل بسعر الصرف الجديد 548 مليون دولار

حصة المواطن العراقي السنوية من البطاقة التموينية = 22 الف دينار

وعلى الرغم من ارتفاع عدد سكان العراق بين عامي 2019 و 2021 بحوالي مليوني نسمة إلا ان تخصيصات البطاقة التموينية قد انخفضت في موازنة 2021 بنسبة 57 %. اذ انخفضت من 1260 مليون دولار في موازنة عام 2019 الى 548 مليون دولار في موازنة 2021 وهذا يعني ان  ١٥ دولار اي مايعادل ٢٢ الف دينار حصة المواطن العراقي السنوية من البطاقة التموينية في موازنة ٢٠٢١ !ويأتي هذا التخفيض انسجاما مع الورقة الحكومية البيضاء التي تستهدف تعويض المشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية بمبالغ شهرية بعد تطبيق جدولة زمنية واضحة للخروج التدريجي من نظام البطاقة التموينية. وسيؤدي هذا الاجراء الى خلق أعباء جديدة إضافة الى الأعباء الناجمة عن تخفيض سعر صرف الدينار مما سيؤثر سلبيا على الامن الغذائي للمواطن العراقي ويدفع ملايين جديدة تحت مستوى خط الفقر.

 نقاط الضعف الهيكلية في موازنة 2021

أولا : تفتقد الى رؤية وزارة المالية المستهدف تحقيقها في الموازنة وخاصة فيما يتعلق بمساندة القطاعات الاقتصادية المتضررة من جائحة كورونا ودعم شبكة الحماية الاجتماعية  واستدامة المؤشرات المالية وتوفير مصادر التمويل مع المحافظة على الحدود الامنة للدين العام وبرامج التنمية البشرية وتحفيز النشاط الاقتصادي.

ثانيا: لم تتضح السياسات الإصلاحية في الموازنة في جوانب الانفاق العام والايرادات العامة والحماية الاجتماعية .فهي لم تكن موازنة تقشفية تنسجم مع طبيعة الازمة الاقتصادية التي يعاني منها العراق والتي تتطلب موازنة رشيدة تركز على الانفاق الضروري بل كانت توسعية اكثر مما كانت عليه الموازنات السابقة وخاصة في النفقات التشغيلية المتعلقة بالوزارات والهيئات المستقلة.

ثالثا: غياب تام للمؤشرات الكمية المستهدفة عام 2021 ومنها معدل النمو الاقتصادي  ومعدل نمو متوسط دخل الفرد ومعدل نمو التوظيف ومعدل نمو الدين العام ومعدل الفقر وغيرها من المؤشرات التي يمكن الاعتماد عليها في تقييم الموازنة. وعدم وجود صلة بين الموازنة وخطة التنمية الوطنية 2018 – 2022.

رابعا: تتقاطع موازنة 2021 في بعض موادها مع القوانين العراقية النافذة ومنها قانون ضريبة الدخل رقم 113 لعام 1982 وتعديلاته وقانون الإدارة المالية.

خامسا: تفتقد الى الدقة في مؤشراتها التقديرية التي تعد من اهم خصائص الموازنات الحديثة ويتضح ذلك جليا في المبالغة الكبيرة في تقدير النفقات العامة والايرادات غير النفطية.

سادسا: غلبة النفقات التشغيلية على النفقات العامة اذ بلغت 83 % مقابل 17 % فقط للنفقات الاستثمارية وهي النسبة الأدنى في تاريخ الموازنات العراقية منذ عام 2004 .

سابعا: الارتفاع الكبير في النفقات العسكرية التي تصل الى 27.617 ترليون دينار تشكل ما نسبته 16.8 % من النفقات العامة وهو ما يمثل عامل مزاحمة مع النفقات المدنية التي يمكن ان تذهب الى المجالات الاقتصادية والاجتماعية وتحسين مستويات معيشة المواطنين.

ثامنا : العجز الكبير في الموازنة والذي يبلغ 71 ترليون دينار أي نحو أي ما يعادل 49 مليار دولار وهو الأعلى في تاريخ الموازنات العراقية والاكبر على مستوى الدول العربية ودول منظمة أوبك، اذ بلغت نسبة العجز من اجمالي الموازنة 43.3 %، و نسبة العجز من الناتج المحلي الإجمالي 23.7 % وهو اعلى بنحو ثمانية اضعاف النسبة المقررة في قانون الإدارة المالية والبالغة 3 %.

تاسعا: الاعتماد على الاقتراض الداخلي والخارجي في تمويل عجز الموازنة، وهو ما سيؤدي الى ارتفاع أقساط خدمة الدين السنوية والتأثير سلبيا على احتياطي البنك المركزي العراقي من العملات الأجنبية خاصة وان هذه الموازنة تتضمن خصم حوالات الخزينة لدى البنك المركزي بقيمة 47.524 ترليون دينار.

عاشرا: لم تتضمن الاطار الملائم لحل المشاكل العالقة بين الإقليم والمركز وخاصة فيما يتعلق بتسليم العائدات النفطية وقامت باستنساخ النص السابق المثير للجدل من موازنة 2019 ووضعته في موازنة 2021 في المادة 11 الفقرة ج التي تسمح للإقليم بعدم تسديد الإيرادات الاتحادية المتعلقة بالنفط والمنافذ على ان يتم استقطاعهما من حصة الإقليم في الموازنة البالغة 12.67%.

ـــــــــــــــــــ

* استاذ علم الاقتصاد في جامعة البصرة

من موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

Iraqi Economists Network