عندما تطالب بإنشاء مستشفيات عامة، وبخدمات صحية وعلاج لأمراض مزمنة يأتيك الجواب عدم وجود أموال مخصصة لهذه الخدمات. وعندما تطالب بسكن لائق ومجمعات سكنية للفقراء وذوي الدخل المحدود من الموظفين والأيتام وللعاطلين عن العمل، يأتيك الجواب لا تتوفر أموال لهذه المشاريع.
وحين تطالب بفرص عمل للشباب واعادة تشغيل المصانع المتوقفة وفتح مشاريع صناعية وزراعية جديدة، فالجواب حاضر لا تتوفر الأموال. وعند المطالبة بإكساء شارع قبل الانتخابات وتنظيف مدينة وتشجير حي وأي خدمة بلدية يصدموك بعدم توفر التخصيصات.
وذات الجواب تحصل عليه عند المطالبة ببناء مدارس وتوفير المستلزمات التي تحتاجها العملية التربوية.
وعندما يخرج المعلمون وبقية الموظفين في كوردستان العراق ويطالبون بصرف رواتبهم يجابهون بالعنف ويصرخون بوجههم لا توجد أموال لصرف مستحقاتكم. ولا يختلف الأمر عند مطالبك المتضررين بمستحقاتهم في التعويض عن دورهم ومصالحهم المدمرة بسبب العمليات العسكرية ويقولون لهم انتظروا عقدا أو عقدين حتى تتوفر الأموال.
أمام كل هذا تصطدم يوميا وفي كل نشرة أخبار بسرقة أموال الدولة عن طريق الاختلاس والفساد وهدر المال العام وسرقة أموال بمليارات الدولارات، وتصرخ النزاهة، والقضاء ويصدر القرارات القضائية بسجن مئات من النواب والوزراء والمحافظين وأعضاء مجلس المحافظات ومدراء عامين وحرامية من كل لون وصوب، ويعم الأمل باسترجاع تلك الأموال على أمل إعادة تخصيصها لتلك المشاريع المتوقفة والمتلكئة ويطمأن الموظف والمتقاعد على راتبه ويأمل المتضرر بصرف مستحقاته ، وينامون على أمل متفائل ليصبحوا على أخبار إطلاق سراح الحرامي الفلاني والنائب الحراني والمحافظ السابق والمدير الأسبق بقرارات قضائية من ذات المحكمة التي أصدرت حكمها بالحبس.
عندها فقط تعرف لماذا تزداد نسبة المجانين في العراق ولماذا يرتفع معدل استهلاك المخدرات وتعرف لماذا ترتفع نسبة الطلاق ونسب الانتحار والدكات العشائرية، وتفهم لماذا ترتفع نسبة العازفين عن الانتخابات.
عندما يرى المواطن أن حاميها حراميها وأن حرامي الأمس يستقبل استقبال المنتصر على بساط أحمر، والقاضي يعتذر عن قراراته والبرلمان يخجل من تشريعاته وترى السارق يحاسب المسروق والمسروق يعتذر للحرامي ، عندها فقط تقتنع أن التغير لن يكون سلسلا والحاجة ماسة لعاصفة ثورية جماهيرية واسعة تخلص تراب العراق الملوث بأدران الطائفية والفساد إلى الأبد.