أفراح شوقي، إعلامية وصحفية عراقية عملت في وزارة الثقافة والسياحة والآثار، مسؤولة المكتب الإعلامي في دائرة الفنون التشكيلية، وكتبت في صحف عراقية وعربية عديدة. تعرضت للاختطاف نهاية عام 2016، ونجحت منظمات المجتمع المدني بإجراء حملة كبيرة من اجل إطلاق سراحها، واضطرت حينها ان تترك العراق نهائيا. وهي الان تعيش وولديها في فرنسا منذ 2017، وما زالت تمارس مهنتها الصحفية هنا في الغربة رغم الصعاب التي تواجهها.
وبمناسبة يوم المرأة العالمي أجرينا معها هذا اللقاء.
- ماذا يعني لك ٨ آذار وما هي الذكريات التي تنهال عليك بهذه المناسبة؟
* ما زال الثامن آذار يشعل في روحي ذكريات حزن، لا يمكن ان اخفيها، ولن ادعي اني تجاوزت وجع فجيعتي في وطني! تلك المحنة التي حلت بي وبأولادي بعد اختطافي من قبل عصابات خارجة عن القانون! زادها اذى الاغتراب والبعد وفقدان العمل والاصدقاء.. الخ
في يوم المرأة العالمي، ربما ينبغي ان نحتفل ونشارك الأخرين احتفالهم، ونتلقى تهاني الاصدقاء فيما بيانات الحكومة والمنظمات ورؤساء العمل، كلها تبدو مساندة ومدافعة عن النساء ومكانتهن وحقوقهن!!
الجميع يحتفي بنا في هذا اليوم، وتلقى ببذخ في مؤتمرات ضخمة البيانات والاقوال والكلمات الرنانة، هم يرددون ومنذ سنوات، (نحن مع المرأة وهي نصف المجتمع ووجودها مهم في قيادة الحياة وتقدم العمل ونشأة الأسر وتربية الأجيال)، ونحن نمضي لأجل نهضتها وحريتها لكنهم في الواقع يقولون ما لا يفعلون، بل يزيدون اساءة لنا وتهميشا وتجريحا وهدرا للكرامة والحقوق، أقصد رؤساء السلطة وقيادات الأحزاب المتنفذة، وابواقهم!
هم أنفسهم من يريد الانتقاص منا ومن حقوقنا وهم أنفسهم من اقترح تعديلات تخريبية في قانون الأحوال الشخصية النافذ رقم ١٨٨ لعام ١٩٥٩ وهم أنفسهم من ينعتونا بالسر والعلن بالناقصات عقل ودين! وهم أنفسهم من يفضلون ممارسة سلطات (سي السيد) بافتخار وسبق إصرار! هم أنفسهم من يرتضي أن ينام ملء جفونه منعما برغد العيش، وهناك نساء يبحثن عن لقمة وسط القمامة.
نعم يا سادة
لدينا نساء متسولات
ولدينا نساء عاجزات
ولدينا أرامل ينحتن الصخر لأجل تربية الأولاد، ولدينا وهذا هو الأهم عنف مشاع، يحلله الحكام ويتجاهله القضاء وتغفله القوانين!
مرت سنوات ونحن نقرأ عن ازدياد حالات الاعتداء والضرب تجاه المرأة والطفل في كل مدن العراق! لكن لا قانون يحميهما، فقانون حماية الاسرة من العنف الأسري أخفي عمدا في أدراج البرلمان لأكثر من ثلاث دورات برلمانية ويرفضون إقراره!!! بعضهم يردد، من حق الأب او الزوج تأديب امرأته، هذه بنود شريعتنا الاسلامية! وان شكوى النساء من الضرب في المحاكم يعني تخريبا للأسرة العراقية!!
لدي صديقة أعرفها شكت لي ضرب أخوها المبرح لها، في مشكلة عائلية، ارسلت لي صور وجهها المدمى، فنصحتها ان تذهب لمركز الشرطة المجتمعية، فذهب واثار الضرب واضح عليها، لكن القاضي قال لها صارخا ومعنفا (يعني تريدين تشتكين على اخوج؟ مو عيب)!!
لازال ضرب النساء مباحا في وطني.
- عرفناك داخل الوطن امرأة تدافع عن حقوق كل النساء بحياة حرة كريمة ومنذ سنوات وأنت خارج الوطن فهل تغيرت الطموحات والأماني اما هي ما زالت نفسها؟!
* منذ خروجي من أرض الوطن، حرصت على أن أبقي روابط التواصل مع زميلات المهنة ومع الصديقات في منظمات المجتمع المدني، وكنت حاضرة في كل الاحداث، مناصرة وفاعلة تماما كما لو كنت في وطني، ساعدتني مواقع التواصل وشبكة الانترنت في ذلك حتما، ما تغير هو الأرض التي اعيش عليها، لكن الوجدان والعقل والروح باقية، وهذا ما ساعدني قليلا في تجاوز محنة الاغتراب هو أنك عندما تكون قادرا على التفاعل والدعم والكتابة عن قضايا بلدك فهذا يعني أنك موجود ولم تغب. اما الطموحات والآمال، فقد زادت حتما وأنا اتعايش مع مكانة النساء هنا في فرنسا ومساواتهن بالحقوق وفرص العمل، وشجاعتهن في الاعتماد على النفس وقوة الدولة التي ضمنت لهن تلك الحقوق، عبر قوانين منصفة، وتعمق لدي إصرار أكبر على ان تكون المرأة العراقية بحال أفضل ووجود أكبر يتناسب مع رجاحة عقلها وصبرها وقوتها ومقادمته طيلة عقود لتحصل على حقوقها وتثبت نفسها امام الجميع.
- في غربتك الحالية كيف هي آفاق عملك داخل الوسط النسائي العراقي او العربي؟
*في الغربة، حاولت التعايش والاندماج مع المجتمع النسوي، سواء العراقي او العربي وحتى الفرنسي، لأسباب عدة اولها ان اعرف كيف يعشن وماهي افكارهن واحلامهم وصعوبات حياتهن، قد لا تختلف كثيرا تلك الامور عن النساء في العراق، لكن لكل منها بصمة خاصة، وطريقة لمواجهة ظروف الحياة، والكفة تميل للنساء العربيات هنا، من شمال افريقيا، وهن يوازين الرجل بطريق سوي، ومكانة تتقدم كل يوم، وخاصة ان الاعلام كان عاملا فاعلا وناجحا في ابراز كل قصص النجاح التي تكون فيها المرأة هي البطلة. صور عدة اشاهدها كل يوم تجعلني على يقين ان العقل النسوي راجح ومقتدر ويتحدى كل الصعاب وقد ابهر العالم بمستوى ما قدمه وما سوف يقدمه.
ادعي أنى لا ادخر جهدا في التقرب والتواصل مع النساء العراقيات وصارت لي صداقات معهن، خاصة وانا عضو المنتدى العراقي في باريس، تلك الخيمة التي تجمعنا مع بنات وطننا وننظم بين الوقت والاخر فعاليات ونشاطات مساندة لقضايا الوطن والمواطن، وكانت اخرها الاحتفال بيوم المرأة العالمي. وأحيانا نتشارك معا باحتفالات بسيطة قاسمها المشترك اننا مع الاخر نكون اقوى وأبهى.