وصلتني أمس رسالة بالموبايل من صديقي أبو عفاف الجميلي الذي يسكن بغداد لكن أمراً فيها أثار استغرابي وهو رقم الموبايل، فقد كان يبدأ بـ"078" يعني أثير وهذا الرقم مستخدم من الديوانية نزولاً إلى البصرة في حين أن سكنة بغداد والغربية يستخدمون آسياسيل أو عراقنا أما أهل الإقليم فـ كورك... معقولة: أبو عفاف منقول للديوانية أو للرميثة...؟ لكن الرجل متقاعد... لعد اشجابه على الأثير...؟
خابرت صديقي وبادرته مستفسراً من أين لك رقم أثير؟ قال هو رقم الموبايل الذي استخدمه، لماذا السؤال؟ قلت: لأن الأثير مستخدم من الديوانية نزولاً إلى البصرة وهذه مرابع مكوننا واستخدامك للأثير يعني زحفاً لمكونكم على مكوننا وفي هذه الحالة لا غرابة أن يتصدى حراس البوابة الشرقية للتصويت على التعديلات لقانون الأحوال الشخصية لوقف زحف قشرتكم الأرضية على قشرة مكوننا وما ينطوي عليه ذلك من أخطار زلزالية محتملة لا قدر الله. والحق أقول لقد أبلوا بلاءً حسناً لإنجازه متحملين صيحات الاستنكار والشجب حتى أن بعضا منهم خالفوا عرفاً راسخاً في وجدان المنتمين للمكون يقول: ليس رجلاً من يتطاول على أمرأه.
قال صديقي لنبدأ من حيث انتهيت يعني: من المكون...ما رأيك بالتعديل المقترح على قانون الأحوال الشخصية؟
قلت لصديقي الجميلي أبو عفاف:
لو سألت أي متعلم وليس شرطاً أن يكون مختصاً بالقانون عن مفهومه للقاعدة القانونية؟ لقال لك: قاعدة عامة ملزمة مكتوبة تنظم سلوك الأفراد.
ولو سألت أي متعلم وليس شرطاً أن يكون مختصاً بالقانون عن مصادر القانون في العراق لقال لك: التشريع، العرف، الدين، قواعد العدالة، ولذلك نصت المادة الأولى من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 المعدل على الآتي:
- تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها او في فحواها.
2 – فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه حكمت المحكمة بمقتضى العرف فإذا لو يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الاسلامية الأكثر ملائمة لنصوص هذا القانون دون التقيد بمذهب معين فإذا لم يوجد فبمقتضى قواعد العدالة.
3 – وتسترشد المحاكم في كل ذلك بالأحكام التي أقرها القضاء والفقه في العراق ثم في البلاد الأخرى التي تتقارب قوانينها مع القوانين العراقية.
ولو سألت أي متعلم وليس شرطاً أن يكون مختصاً بالقانون السؤال التالي:
لو راجعت أية محكمة في العراق...إلى من يستند القاضي في أحكامه؟ القانون أم العرف أم الدين...؟ لقال لك: قرارات الحكم في المحاكم العراقية تصدر بصيغة تقول: استناداً إلى المادة كذا، الفقرة كذا، من قانون كذا...وأحيانا يضاف اليها: بدلالة المادة كذا من قانون كذا...ولم أقرأ حكم قضائي يقول: تنفيذاً لرأي أبو حنيفة النعمان وبدلالة ما ورد عن الشافعي. فالقاضي ملزم بتطبيق القانون المكتوب والعام والملزم والصادر من جهة تشريعية في البلاد، اما عن قضية الشريعة والعرف فإنها قد تدخل ضمن المصادر التي يستلهم منها المشرع "واضع القانون" رؤيته عند صياغة القاعدة القانونية.
ولو سألت أي متعلم وليس شرطاً أن يكون مختصاً بالقانون السؤال التالي:
ما هو موقف الدستور العراقي الحالي من قضية القانون والدين...؟ لسارع إلى القول:
الدين يعتبر مصدرا أساسيا للتشريع ولكن ليس المصدر الوحيد. فـ:
- لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام.
- لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية.
- لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور.
ولو سألت أي متعلم وليس شرطاً أن يكون مختصاً بالقانون السؤال التالي:
قانون الأحوال الشخصية رقم 188 ﻟﺴﻨﺔ 1959 هل كان يشكل خروجاً على الشريعة الإسلامية؟ لسارع بالقول: ابداً... فالمادة الأولى منه تنص على:
- إذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملائمة لنصوص هذا القانون.
- تسترشد المحاكم في كل ذلك بالأحكام التي أقرها القضاء والفقه الإسلامي في العراق وفي البلاد الإسلامية الأخرى التي تتقارب قوانينها من القوانين العراقية.
ولو سألت أي متعلم وليس شرطاً أن يكون مختصاً بالقانون السؤال التالي:
ما سر العداء لقانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959...؟ لقال لك:
هذا القانون محسوب على حقبة عبد الكريم قاسم والقوم يسعون بأيديهم واسنانهم لطمس حقبة عبد الكريم قاسم. ولو سألته ثانية: هل أن قانون الأحول الشخصية النافذ بقي على حاله كما شرع في حقبة عبد الكريم قاسم...؟ لقال لك: لا...أبداً فقد تم تعديله أكثر من 16 مره بدءا من السنة التي اغتالوا فيها عبد الكريم قاسم، وإليك التعديلات:
- بموجب القانون رقم 11 لسنة 1963/قانون التعديل الأول.
- بموجب القانون رقم 21 لسنة 1978/قانون التعديل الثاني.
- بموجب القانون رقم 72 لسنة 1979/قانون التعديل الثالث.
- بموجب القانون رقم 57 لسنة 1980/قانون التعديل الرابع.
- بموجب القانون رقم 156 لسنة 1980/قانون التعديل الخامس.
- بموجب القانون رقم 189 لسنة 1980/قانون التعديل السادس.
- بموجب القانون رقم 125 لسنة 1981/قانون التعديل السابع.
- بموجب قرار قيادة الثورة برقم 147 لسنة 1982.
-بموجب القانون رقم 34 لسنة 1983
- بموجب القانون رقم 77 لسنة 1983.
- بموجب قرار لمجلس قيادة الثورة برقم 1357 لسنة 1984.
- بموجب قرار مجلس قيادة مجلس الثورة المرقم 1128 لسنة 1985.
-بموجب القانون رقم 5 لسنة 1986/قانون التعديل العاشر.
- بموجب القانون رقم 65 لسنة 1986/قانون التعديل الحادي عشر.
-بموجب القانون رقم 51 لسنة 1995/قانون التعديل التاسع.
- بموجب القانون رقم 8 لسنة 1994/قانون التعديل الرابع عشر.
- بموجب القانون رقم 25 لسنة 1994/قانون التعديل الخامس عشر.
-بموجب القانون رقم 19 لسنة 1999/قانون التعديل السادس عشر.
-بموجب القانون رقم 22 لسنة 1999/قانون التعديل السابع عشر.
- بموجب قرار مجلس قيادة الثورة رقم 127 لسنة 1999.
ولو سألت أي متعلم وليس شرطاً أن يكون مختصاً بالقانون السؤال التالي:
هل ان تعديل المقترح الجديد لقانون الأحوال الشخصية الأخير الذي تسبب في ضجة في الأوساط الشعبية وعارضه قانونيون وأطباء وناشطون مدنيون والنساء على نطاق واسع وأيضاً بعض الفقهاء ورجال دين عراقيون معروفون يأتي من الرغبة في استنقاذ المرأة...؟ أم الطفل...؟ أم الأسرة...؟ أم أن الرغبة من وراء ذلك إخلاصاً للدين الحنيف والتزاما بأحكامه...؟ وهل أن الشريعة الإسلامية مع كامل الإقرار بمكانتها السامية تصلح في وقتنا الراهن أن تكون مصدراً وحيداً وحرفياً للقوانين...؟ لسارع إلى القول: لا...لأن قطع يد السارق ورجم الزاني والزانية مع انها ترتبط بنصوص في القرآن الكريم وليس مجرد آراء فقهية ولكن عملياً معظم القوانين في الدول الإسلامية لا تعمل بها واستبدلتها بعقوبات بديلة مثل السجن أو الغرامة باستثناء بعض أنظمة الحكم ذات الصبغة الأيديولوجية المتطرفة مثل طالبان، وذلك لا يعني البته بأن أنظمة الحكم في معظم الدول الإسلامية كافرة أو مرتدة عن الإسلام...ثم أن الدين يربي النفس ويأخذ بالنوايا أما القانون فيتعلق بالسلوك ولا يأخذ بالنوايا إنما الأفعال، أما عن مصلحة الزوجة والطفل والأسرة ووحدة المجتمع فإن كل الآراء ذهبت إلى ان ما جاء في التعديل الأخير يتناقض معها بشكل صارخ.
ولو سألت أي متعلم وليس شرطاً أن يكون مختصاً بالقانون السؤال التالي:
هل تؤيد تعديل قانون الأحوال الشخصية الحالي...؟ لقال لك: أنا لا أرفض تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 ولكن للأحسن وليس الأسوأ لأن القوانين ليست حالة جامدة بل تتغير تبعاً للمعضلات التي تتصدى لها، وتساير التطورات الحاصلة في المجتمع العراقي والمجتمع الدولي على أن يكون التعديل للأفضل ولا يشكل تراجعاً عما في القانون من أفضليات، لسببين:
1.أن قانون الأحوال الشخصية في العراق قد جرت عليه تعديلات كثيرة ومنذ عام 1963 منها سلبية ألحقت الضرر بالأسرة أو الطفل أو المرأة أو الرجل وبعض التعديلات كانت إيجابية، الجوانب السلبية في القانون ينبغي أن تكون الميدان الأساسي للتعديلات.
2.استجدت مشكلات في التطبيق طالت الأسرة أو افرادها منفردين تستوجب معالجتها لمصلحة: الأسرة، الطفل، المرأة، الرجل والمجتمع أيضاً.
ولكن شرط أن يتوفر في أي تعديل مقترح الشروط التالية:
1.أن يكون تقدمياً يتوخى الأفضل للأطراف المذكورة "الطفل، المرأة، الرجل، الأسرة والمجتمع" وبشكل متوازن ولا يكون رجعياً تعسفياً أو طائفياً أو فئوياً يهدد وحدة المجتمع أو يلحق الضرر بالأسرة أو الطفل أو المرأة أو الرجل.
2.أن يلتزم بشرائع الأمم المتحدة وفي مقدمتها: الالتزام الصارم بالإعلان العالمي لحقوق الأنسان، اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1979.
ولو سألت أي متعلم وليس شرطاً أن يكون مختصاً بالقانون السؤال التالي:
من هو الأقدر لاستنباط التعديلات الموضوعية في قانون الأحوال الشخصية الحالي...؟
لقال لك: مؤتمرات يشارك فيها علماء مجتمع وعلماء نفس وقانونيون وأطباء وممثلون عن منظمات الطفولة والمرأة والأسرة.
ولو سألت أي متعلم وليس شرطاً أن يكون مختصاً بالقانون السؤال التالي:
إذا كان العراق سبق وان صادق على أي من المعاهدات الأممية المذكورة في اعلاه "حقوق الانسان، حقوق الطفل، منع التمييز ضد المرأة وغيرها...فهل يحق له تشريع قوانين أو مدونات ملزمة تتضمن تعارضاً مع بنود ومواد المعاهدات الأممية...؟
لقال لك: مرتبة أحكام الاتفاقيات الدولية أعلى من مرتبة أحكام القوانين المحلية ويتعين على الدول أن تواءم قوانينها المحلية مع التزاماتها الدولية وألا تعارضها، وتقوم الحكومات بدمج أحكام الاتفاقيات الدولية في تشريعاتها المحلية فالقوانين الدولية تتفوق على القوانين الوطنية "ربّما باستثناء دساتيرها".
السؤال الأخير للمتعلم الذي ليس شرطاً ان يكون مختصا بالقانون: إذن ما هو الباعث برأيك...؟
لقال لك: أقولها بضرس قاطع كما يقول فقهاء الدين إن الباعث وراء ذلك هو: جموح ساسة " شيعة " وليس الشيعة بفرض السطوة على مكونات الشعب العراقي الأخرى من خلال استغلال قضية أن الأغلبية السكانية في العراق شيعية في حين أن ذلك يتعلق بالانتساب وليس بالتبني الأيديولوجي فالمنتسبين للمكون الشيعي من العراقيين منهم المدني ومنهم العلماني ومنهم اليساري ومنهم الشيوعي ومنهم الديمقراطي ومنهم البعثي ومنهم اللاديني ومنهم الماسوني ومنهم البهائي...ألخ ، وفي نفس الوقت يعكس جموحهم لفرض السطوة على المنتسبين للمكون الشيعي من خلال الادعاء باطلا انهم وحدهم من يمثل الشيعة في العراق وكل ذلك لا أساس له.
وهو نفس الباعث في تمسكهم بالمكوناتية ونفس الباعث في اصرارهم على تقنين بعض المناسبات بعطل رسمية... فإن أصروا فإنهم عندما يركلون (الساسة) تركل معهم كل قوانينهم ولكن يبقى ثابت في الأذهان كم التخلف والتزمت والادعاء زوراً التمسك بالدين والإخلاص لعلي وجعفر الصادق عليهما السلام...
قال صاحبي الجميلي أبو عفاف مستدركاً:
ورد في معرض حديثك أن المكون الشيعي كمسمى في حقيقته لا ينحصر بالمؤدلجين مذهبياً أو من يطلقون على أنفسهم "اسلاميين" بل يضم بين جناحيه فئات أخرى: منهم المدني ومنهم العلماني ومنهم اليساري ومنهم الشيوعي ومنهم الديمقراطي ومنهم البعثي ومنهم اللاديني ومنهم الماسوني ومنهم البهائي...وما دمت قد قلت هذا فإني أيضاً أنبئك بأن مكوننا الذي تخشى من زحف قشرته الأرضية على قشرة مكونكم يقوم على التركيبة ذاتها، وازعم أن المكون الكردي كذلك والتركماني والمسيحي والصابئي والأيزيدي فماذا بالنسبة لهؤلاء العراقيين من غير المؤدلجين...؟
قلت له: الحل بسيط...هم يقولون أنهم بعد إقرار القانون سيقدمون المدونة الشيعية ومثلهم يفعل نظراؤهم من مكونكم "وأغلب الظن انه لن يقدم مدونة لأن طموحه أوسع من طموح الآخرين فهو يريد الجمل بما حمل ولا يريد الانحشار ضمن مكون أو مذهب على الأقل ظاهرياً" في هذه الحالة فليقروا لكم أنتم المدنيون من كافة المكونات أن تكون لكم مدونتكم أيضاً ويثبتون نص في متن القانون المزمع مناقشته وان يقر ويعترف بمدونتكم وفي هذه الحالة ينبغي لمدونتكم المدنية أن يراعى فيها: الالتزام بأحكام الدستور والالتزام بالعهد الدولي لحقوق الانسان والاتفاقية العالمية لحقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأن يكون رئيس لجنة صياغة المدونة المدنية من البصره وحاملاً لرقم موبايل " أثير" منعاً لزحف المكونات، فنحن قوم نتحسب للآتي...