بعد أن عملت قوى حكم المحاصصة والفساد على إنهاء الإنجازات القانونية الاقتصادية والاجتماعية والبنى التحتية التي بنيت بعد أن قدم التقدميون العراقيون نزيفاً من الدماء ثمناً لإنجازها. تعمل أحزاب المحاصصة الطائفية على إنهاء هذه المنجزات، وسعت في السابق إلى إيقاف المصانع والمعامل وإفشال قطاعي التعليم والصحة بهدف خصخصتها، وازدادت العشوائيات في ظل حكمهم وتغيرت ثقافة المجتمع حتى أصبح يتخندق مذهبيا وقبلياً ويقف بالضد من فكرة الوطن الجامع والدولة الحديثة.
ووصل الحال بهم إلى حذف يوم تأسيس الجمهورية التي ما زالوا يتنعمون بحكمها! وما بقي أمامهم غير قوانينها وعلى رأسها قانون الأحوال الشخصية وهو آخر ما توصل له عداء المحاصصة الطائفية لإجهاض وقتل كل محاولة لقيام الحياة المدنية وتقويض الديمقراطية.
وبينما تسعى القوى والشخصيات المدنية والديمقراطية لتمكين المرأة والرجل وتحقيق المساواة والعدالة والحرية في الحقوق والواجبات، وتريد توفير بيئة آمنة لجميع الأسر، وتدعو إلى تحديث المواد الدستورية وتحديث قوانين الأحوال الشخصية بما يتوافق مع متطلبات العصر ويضمن حقوق جميع المواطنين، خرج علينا مشرعون توقف عندهم الزمن وبات كل همهم النهب والجنس.
وإن ناقشنا موضوع التعديل المقترح لقانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 لمعرفته خطورته الاجتماعية سنجد أن التعديل يعزز من الانقسام الاجتماعي ويمنع بطريقة تلقائية الزواج بين المذاهب وهذا ما يجعل التزاوج من داخل المذهب فقط، بسبب في حال وقوع الاختلاف بين الزوجين على المذاهب فالزوجة تتبع الزوج بمذهبه وهذا ما يجعل الأسر لا تقبل بتزويج أبنائهم من غير مذهبهم وهذا ليس كل شيء بل أن مشروع التعديل هذا فيه مخاطر جدية يقترفها هؤلاء بشأن حقوق المرأة والأسرة في العراق.
ويتضمن التعديل المقترح أحكامًا من شأنها إضعاف حماية المرأة بشكل خاص وتقويض استقرار الأسرة بشكل عام، ومن أبرز نقاط الخطر في مسودة التعديل هي إضعاف الأحكام القانونية كونه يُلغي مواد في القانون الساري، وهي أحكام قانونية واضحة تحكم قضايا الأحوال الشخصية، ويُخضعها لآراء الفقه!، وأيضا يخلق حالة من الفوضى القانونية ويهدد بتقويض حقوق المرأة المكتسبة، كما أن مشروع القانون سـيلغي تجريم الزواج خارج المحكمة، ممّا يُشجع على انتشار عقود الزواج غير الرسمية، ويُتيح المجال لزواج القاصرات دون سن قانوني، مما يشكل خطرا جسيما على صحة وسلامة الفتيات ومستقبلهن.
هذا التعديل في حال تمريره سيتيح تعدد الزوجات دون أي قيود أو شروط، مما يخالف مبادئ المساواة والعدالة، ويهدد بتفكك الأسرة واستقرارها، كما انه سيلزم المحاكم بالتصديق على عقود الزواج غير الرسمية، مما يُضفي الشرعية على ممارسات تضر بحقوق المرأة والطفل، وتُخالف القوانين والأعراف السائدة، وأنّ تشريع التعديل سيُمثل خطوة خطيرة تهدد بتقويض التقدم الذي أحرزه العراق في مجال حقوق المرأة والأسرة خلال العقود الماضية. كما أن التعديل هذا يمثل خرقاً للدستور وتهديداً للوحدة الوطنية وانتهاكا لحقوق الإنسان ويؤدي إلى تفكك أسري وتعدد في القوانين وتضييق دور القاضي وتوسعة دور المدونات الفقهية.