اخر الاخبار

بعد إيام قلائل تطل علينا ذكرى ثورة تموز المجيدة يوم أطاح الجيش والشعب العراقي بالنظام الملكي الذي صنعته بريطانيا في العراق، وقد جاءت الثورة تتويجا لنضال العراقيين منذ ثورة العشرين مرورا بانتفاضات متكررة ومتلاحقة أبرزها انتفاضة الشعب العراقي ضد معاهدة بورتسموث ، وهذا في دلالاته يعني أن الثورة كانت حصيلة نضال دام ومرير خاضه الشعب العراقي ضد الاحتلال البريطاني، من هنا فهي تحركُ فرضته مجمل التطورات المشار إليها والثورة تعني تغيير النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي، عكس الانقلاب الذي يهدف إلى تغيير وجوه السلطة السياسية، والثورة محددة بتلك الأهداف حتى إذا لم تنجح (كثورة العشرين مثلا )، وقد كانت ثورة تموز عام 1958 ملتزمة بكل تلك التغييرات كمعايير ثابتة،  فقد قامت من أجل ذلك بما يلي - تغيير النظام السياسي في العراق من الملكي إلى الجمهوري - فك ارتباط العملة العراقية بالكتلة الاسترلينية * الغاء كافة المعاهدات التي فرضها المحتل البريطاني لتامين مصالحه على حساب المصالح العراقية، بما فيها الخروج من حلف بغداد، تشريع قانون الاصلاح الزراعي رقم30 لسنة 58 الذي أنهى نظام الاقطاع في العراق، تشريع القانون رقم 80 لسنة 58 الذي تم بموجبه تحرير أكثر من 95 بالمائة من الأراضي التي كانت تحت سيطرة الشركات النفطية الاحتكارية، بناء مئات المدارس وعشرات المستشفيات والمدن السكنية، التوسع في قبول الطلبة في جامعة بغداد، إصدار القانون رقم 188 لسنة 1959 والذي جاء باعتباره أول قانون مدني ينصف المرأة ويساويها بالرجل في الميراث وينظم العلاقات العائلية. لقد كانت ثورة 14 تموز مسلحة بسبب أن العراق لم يكن بلدا ديمقراطيا يتم فيه تداول السلطة وفق الاشتراطات الديمقراطية، وهنا لابد من التساؤل: ما هو موقف الحزب الشيوعي من الثورة، إن الجواب يمكن ان تكشف عنه المداخلة التالية، لقد كانت إسهامات الحزب الشيوعي للتمهيد لثورة 14 تموز قبل عام 1958 حيث سعى الحزب إلى توحيد قوى المعارضة للنظام الملكي عبر تحالف وطني واسع في جبهة وطنية، والتي قامت بإعلان لجنتها الوطنية العليا وبيانها التأسيسي في 9/3/1957. وعزّزت الجبهة اتصالها بالقوى الوطنية العربية من جهة، وبمنظمة الضباط الأحرار، مطلع عام 1958، من جهة أخرى. وكان لهذا التعاون والتحالف أثره في تهيئة الأجواء المناسبة للثورة -كانت قيادة الحزب على اتصال بالزعيم عبد الكريم قاسم قبل الثورة عن طريق العقيد وصفي طاھر، ورشيد مطلك، وكذلك مع الأحزاب القومية عن طريق فائق السامرائي، وصديق شنشل. حين حاول قائد الفرقة الاولى عمر علي التحرك إلى بغداد، بادر الضباط والجنود المرتبطون بالحزب الشيوعي إلى اعتقاله، وبالتالي القضاء على احتمالية أن تجري معارك في بغداد قد يفلح معها قادة النظام الملكي من العودة إلى السلطة- قيام العقيد إبراهيم كاظم الموسوي (شيوعي) بقيادة مدرعة من معسكر الوشاش واتجه بها إلى قصر الرحاب وأطلق على القصر عدة قذائف أدت إلى استسلام الحرس الملكي. تحملت تنظيمات الحزب الشيوعي مهام حماية الثورة من العناصر الرجعية وأعداء الثورة حيث ألفت (لجان صيانة الجمهورية) ومن ثم المقاومة الشعبية، لقد عمل الحزب على تعبئة الجماهير للوقوف بحزم مع الثورة وبهذا سد الطريق أمام أعدائها كما أسهم ذلك في تعزيز الثقة لدى العسكر الثائر. إن ثورة 14 تموز المجيدة بكل ما فيها وما عليها جزء مهم من تاريخ الشعب العراقي كما أنها مصدر للاعتزاز بها وبقادتها الشجعان، كما أننا بحاجة إلى استذكارها للاستفادة مما حصل في تلك الأيام فهي غنية بتجاربها على كافة الصعد.

عرض مقالات: