اخر الاخبار

أدان تحالف الدفاع عن حرية التعبير في العراق، اليوم السبت، الإجراءات الأخيرة الصادرة عن هيئة الإعلام والاتصالات، والتي قال إنها تمثل محاولات فرض رقابة على مؤسسات إعلامية مستقلة، داعياً إلى إيقافها فوراً.

وأظهرت رسالة لشركة ميتا العالمية، التي تدير تطبيقات "فيسبوك" و"إنستغرام" و"واتساب"، إقرار الشركة بتقييد الوصول الى منشورين في "فيسبوك" بطلب من الحكومة العراقية.

وبحسب رسالة صادرة عن مركز الشفافية، اطلعت عليها وكالة شفق نيوز، أوضحت الشركة أنها تلقت إشعارين من هيئة الإعلام والاتصالات العراقية لتقييد الوصول إلى منشورين على فيسبوك، تضمنا اتهامات بالفساد والتحيّز تطال مسؤولين قضائيين رفيعي المستوى وتشمل مخاطر عدم الامتثال لإشعار هيئة الاعلام والاتصالات، واحتمال حظر الإعلانات ووقف المدفوعات إلى ميتا من قبل البنك المركزي.

وأوضحت الرسالة أن المنشورين لم يخالفا معايير مجتمع ميتا لكن الشركة قيدت الوصول إلى المواد في العراق بزعم انتهاكها للقانون المحلي، وأنها أبلغت المستخدمين المتأثرين.

وعلى خلفية الرسالة، أصدر تحالف الدفاع عن حرية التعبير في العراق بيانه، الذي أوضح فيه أن هذه الخطوات تمثل انتهاكاً صريحاً للدستور العراقي وللالتزامات الدولية للعراق في مجال حرية التعبير.

نص البيان :

يدين تحالف الدفاع عن حرية التعبير في العراق، الذي يرعاه المرصد العراقي لحقوق الإنسان(IOHR)، الإجراءات الأخيرة الصادرة عن هيئة الإعلام والاتصالات، والتي تمثلت في محاولات فرض رقابة على مؤسسات إعلامية مستقلة، وإبرام اتفاقيات مع منصات "تيك توك" و"ميتا" (فيسبوك وإنستغرام) لتقييد أو حجب حسابات إعلاميين ومدونين.

إن هذه الخطوات تمثل انتهاكاً صريحاً للدستور العراقي وللالتزامات الدولية للعراق في مجال حرية التعبير، ولا يمكن اعتبارها سوى محاولة ممنهجة لتكميم الأفواه وإسكات الأصوات المستقلة، بما يشكّل تراجعاً خطيراً عن المكاسب الديمقراطية التي تحققت بعد عام 2003.

يذكّر التحالف بأن المادة (38) من الدستور العراقي تنص بوضوح على أن "تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب، حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل، وحرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر"، وأن أي تقييد لهذه الحريات لا يجوز إلا بموجب قانون واضح وبقرار قضائي مستقل، وليس عبر قرارات إدارية أو تفاهمات سرّية مع شركات أجنبية.

كما أن هذه الممارسات تشكل انتهاكاً للمادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادق عليه العراق عام 1971، والتي تكفل حق كل فرد في البحث عن المعلومات وتلقيها ونشرها دون تدخل غير مبرر من السلطات العامة.

يرى التحالف أن الاتفاقيات المبرمة مع الشركات الأجنبية المالكة للمنصات الرقمية، لتقييد أو حذف المحتوى الإعلامي المحلي، تمثل تعدياً على السيادة الوطنية، لأن هذه المنصات تعمل وفق قوانين دولية تحظر تزويد أي جهة حكومية بحق الوصول إلى البيانات أو القدرة على الحجب من دون أوامر قضائية.

كما أن تحويل هذه المنصات إلى أذرع للرقابة الحكومية سيؤدي إلى خلق بيئة رقمية خانقة، ويفتح الباب أمام الرقابة المسبقة والوصاية على المحتوى الإعلامي والصحافي، ما يعني فعلياً نهاية حرية الإعلام المستقل في العراق.

إن استمرار هذه السياسة سيؤدي إلى تراجع تصنيف العراق في مؤشرات حرية الصحافة وحرية الإنترنت، وسيضع مؤسسات الدولة في موقف حرج أمام المجتمع الدولي ومجلس حقوق الإنسان في جنيف، الذي يراقب عن كثب أوضاع حرية الإعلام في البلاد.

إن محاولة إسكات الصحفيين والمدونين من خلال الحجب أو التهديد أو إساءة استخدام القوانين الإدارية تستعيد أساليب الأنظمة الاستبدادية التي كان العراقيون يظنون أنهم تجاوزوها.

إن الرقابة الرقمية ليست سوى وجه جديد للقمع السياسي، وهي تسعى إلى السيطرة على السردية العامة واحتكار الحقيقة وتكميم النقد المشروع، في الوقت الذي يُفترض فيه أن الدولة تحمي حرية التعبير لا أن تقمعها.

مطالب التحالف

يدعو تحالف الدفاع عن حرية التعبير في العراق الرئاسات الثلاث (الجمهورية والوزراء ومجلس النواب) إلى ما يلي:

1. التدخل الفوري لإيقاف الإجراءات الرقابية التي أطلقتها هيئة الإعلام والاتصالات، وإلغاء جميع الاتفاقيات المبرمة مع الشركات والمنصات الدولية التي تؤدي إلى تقييد حرية النشر.

2. ضمان بيئة آمنة ومستقلة لعمل الصحفيين والمدونين ووسائل الإعلام، دون تهديد أو حجب، وبما ينسجم مع التزامات العراق الدستورية والدولية.

3. تشكيل لجنة تحقيق مستقلة تضم ممثلين عن القضاء، ومنظمات المجتمع المدني، لمراجعة قرارات الهيئة ومساءلة المسؤولين عن التجاوزات الأخيرة.

4. التأكيد على مبدأ الشفافية والمساءلة في عمل المؤسسات التنظيمية للإعلام، ورفض أي تدخل سياسي في قراراتها أو انحرافها عن دورها المهني.

يؤكد التحالف أنه سيواصل توثيق جميع الانتهاكات بحق الإعلاميين والمدونين، وسيتخذ إجراءات قانونية لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه التجاوزات.

كما سيعمل مع شركائه في التحالف الدولي لحماية حرية التعبير والصحافة على رفع هذه الانتهاكات إلى المقررين الخاصين في الأمم المتحدة، وإلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في جنيف، لضمان ألا تمر هذه السياسات دون مساءلة.

ويشدد التحالف على أن حرية التعبير ليست منحة من الدولة، بل حق أصيل نصّت عليه المواثيق الدولية والدستور العراقي، وهي الركيزة الأساسية لأي نظام ديمقراطي.