العربي الجديد
مع تخطي درجات الحرارة عتبة الخمسين مئوية في معظم محافظات العراق، وتراجع ساعات تجهيز الأحياء السكنية بالتيار الكهربائي، عادت مشاهد الاحتجاجات المطلبية في مناطق مختلفة من البلاد، اعتراضاً على سوء الخدمات، وسط تحذيرات من تصاعدها في الأيام الماضية. وشهدت بغداد والبصرة والناصرية وبابل ومناطق أخرى، خلال يومي الجمعة والسبت، تجمعات احتجاجية على سوء الخدمات، كان أبرزها مساء الجمعة، حيث أقدم مئات المحتجين الغاضبين على إغلاق شبكة محطات الكهرباء في منطقة الأمين الثانية، شرقي العاصمة، احتجاجاً على الانقطاع المستمر للطاقة الكهربائية.
ووجه المحتجون انتقادات غاضبة إلى الحكومة والقوى السياسية، بسبب تفاقم مشكلة انقطاع الكهرباء كل عام، مؤكدين أن انقطاع الكهرباء سبّب مشكلات اجتماعية كثيرة، بل أدى إلى قطع أرزاق الناس في قطاعات ومجالات مختلفة.
وفي مدينة أبو الخصيب، بمحافظة البصرة جنوبي العراق، تظاهر المئات نهار السبت احتجاجاً على ما وصفوه بفشل الحكومة المحلية والمسؤولين عن إدارة ملف المشاريع الخدمية، إضافة إلى تحميلهم وزارة المالية مسؤولية عدم معالجة الأزمات الأساسية في القضاء، وعلى رأسها أزمة المياه. وقال متظاهرون إن أزمة شح المياه سبّبت مشكلات صحية كبيرة وكثيرة في البصرة، ضمنها الأمراض الجلدية، مطالبين بحلول جذرية وسريعة تعالج المشكلة المستمرة منذ أكثر من عقدين. وقاد تظاهرات أبو الخصيب بعض من وجهاء العشائر الذي عبروا في خطابات، أنهم يساندون المحتجين، وأنهم "لا يطلبون غير الخدمات من المياه الصالحة للشرب والاستخدام البشري، والكهرباء، وهي الخدمات الأساسية للمدينة"، مؤكدين أن "أزمة المياه أدت إلى تفشي مرض الجرب نتيجة تلوث المياه الواصلة إلى المنازل".
تجدد الاحتجاجات المطلبية في العراق
وحول تجدد الاحتجاجات المطلبية مرة أخرى بمناطق عدة من العراق، قال عضو مجلس النواب عن محافظة البصرة، هاتف الساعدي، إن "الفشل في الخدمات يقع على عاتق الحكومة المحلية من جهة، والمركزية في بغداد من جهة ثانية، والأخيرة مُطالبة بمعالجة أزمة المياه"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "البصرة تمثل العاصمة الاقتصادية للعراق، وعلى الحكومة إطلاق الحزمة المالية المخصصة للبصرة لإكمال المشاريع الخاصة بالخدمات، بالإضافة إلى إطلاق الحصص المائية لنهري دجلة والفرات اللذين يصبّان في البصرة، وإنعاشها بالواردات المائية وإنقاذ الأهالي".
ومع تخطي درجات الحرارة في عدد من المدن العراقية حاجز 45 درجة مئوية، عاد ملف الكهرباء إلى الواجهة بوصفه من أبرز الأزمات المزمنة التي تُثقل كاهل المواطن العراقي. ورغم إنفاق أكثر من 80 مليار دولار على قطاع الكهرباء منذ عام 2003، وفق تقارير ديوان الرقابة المالية، لا تزال منظومة الطاقة الكهربائية تعاني انقطاعات طويلة، وساعات تجهيز لا تتجاوز 6 إلى 8 ساعات يومياً في معظم المناطق، فيما تصل ساعات القطع إلى أكثر من 14 ساعة.
وتعزو الحكومة التراجع إلى الضغط المتزايد على الشبكة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الطلب اليومي الذي يتجاوز حالياً حاجز 35 ألف ميغاواط، في حين أن القدرة الإنتاجية لا تتجاوز 24 ألف ميغاواط. وقال المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، إن الأزمة الحالية في ملف الطاقة الكهربائية "خرجت عن نطاق مسؤولية الوزارة"، عازياً أسباب التدهور الكبير إلى العقوبات الدولية المفروضة على إيران، التي أعاقت سداد مستحقات الغاز المورد للعراق، ما أدى إلى توقف وحدات توليد رئيسية وخسارة نحو 4000 ميغاواط من الطاقة، إلى جانب فقدان 1000 ميغاواط أخرى نتيجة توقف خطوط الربط الكهربائي.
أما أزمة المياه في العراق، فتجدر الإشارة إلى أنّ مخزون المياه في العراق يُعَدّ في أدنى مستوياته منذ 80 عاماً، بسبب موسم الأمطار الذي أتى ضعيفاً جداً، إلى جانب انخفاض تدفّق نهرَي دجلة والفرات اللذَين يمثّلان المصدرَين الأساسيَّين للمياه في البلاد. وكانت وزارة الموارد المائية قد أكدت أخيراً أنّ النقص في المياه أسوأ من العام الماضي.