اخر الاخبار

في عزلةٍ حياتيّة  رافقها صمت  عميق،  عاشَ الشاعر/حامد العبيدي/سنواتهُ الأخيرة بعد أن عاجلته الخسارات الحياتية: الخيبة الوجودية، فقدان الرفاق والأصحاب، فقدان الزوجة، عدم الإنجاب، الريبة من تحوّلات لم يكن لها موقع في أحلامه، الانكسار النفسي، الإحساس بالغربة، الوقت المهدور في عدم  تأصيل التجربة الشعرية التي حملت بعض قصائدها  سمات أولى في تجديد الشعر الشعبي العراقي.  وهكذا جاء الموت ليجعل الغياب عزلةً أبديّة  نستعيد ظلال وجودها   من خلال  :مجموعتهِ الشعرية الوحيدة (ليالي الغريب) الصادرة في نهاية الستينيات، وقصيدتهُ في مجموعة (قصايد للوطن والناس) الصادرة في الذكرى الأربعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي المجيد، وبعض الأغاني .

حامد العبيدي، ولولا التعارضات الحياتيّة والوقت المهدور، لكان َ إضافة نوعيّة في مشهد تجديد الشعر الشعبي العراقي في حدود تجربته ولونه. ومن أهم القصائد التي جاءت باللون والشكل المغايريَن، قصيدة (مهجور). ورغم فرادة هذه القصيدة ذاتيّة التجربة، إلّا أن َّ الشاعر لم يواصل تأصيل نموذجها..!، ولأهميّة هذه القصيدة ، نُثبّت هنا نصّها ، لتكون العزاء الوجداني  لهذا الرحيل الصادم، والإشارة إلى الممكنات الفنيّة التي جاءت بها. 

مهجور

ابكَهوَه امسامر الدّخان

وحدي اهناك

اباوع تنكسر نظراتي عالجدران

او تسيل النظره عالجدران

اتخط ادروب ما أعرف نهايتهه

او بدايتهه ..

درب منّا درب منّاك

صوره اهنا او صوره اهناك

او تكبر صورة النظرات بعيوني ..

او تتشابك مثل أشواك

وتلوّن نظرتي ادموع .. فوكَ ادموع .. فوكَ ادموع

وارجع من جديد اصحَه ..

الدمع ميفيد

واتروح الصّور واتغيب

اشوف اللون نفس اللون

نفس الكَهوَه .. نفس الناس

سكتة كَبر بالجدران

اونفس الشارع التعبان

او مرّت نسمه من ابعيد

تحمل طيف ( ميم ) وآه .. واتذكّرت

من يكَدر على النسيان

وين انت او لويش ابعيد..؟

كَلبي التهَب.. أرد اكتب ..

صفطة ورق تتمطه ابحزن عالميز

صوت الراديو مبحوح

والنار ابصدر لِوجاغ تاكل روحهه اوتطفَه

او خطوة صانع الكّهوَه والبصفّه

بسامير ابكَلب مذبوح

شكتبلك حچي اتعرفَه  ..

ماكو اجديد صدّكَني ..

نفس ايامنه المرّات ..

نفس ادموعنه الصلفَه

نفس احلامنه الترفَه

حتى الحلم  هاجرنَه

اوحتى الدمع ما وفّه

سنه .. سنتين .. شكتبلك

زمن عشناه .. او حبّيناه .. اوماننساه

راح وإنت َ هسّه اهناك ..

إنت َ اهناك  .. وآني اهناه .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قصيدة ( مهجور ) كُتبت بلغة مدينيّة، وهموم مدينيّة ، وكل إشاراتها مدينيّة. والمُخاطب لا يخلو من البُعد السياسي، حتى وإن زاحمته أطياف المرأة . إنّها مرثيّة لخسارات مُبكّرة ، أكملتها خسارتنا برحيل الشاعر.