اخر الاخبار

(1)

الشاعر المبدع/ كاظم لاله/ صوت شعري معروف، تفاعل مع حركة التجديد والتحديث في الشعر الشعبي العراقي بانحياز فكري/ ثقافي. مارس الكتابة الشعرية منذ الستينيات. ساهم في تأسيس جمعية الشعراء الشعبيين في ميسان بخطّها المُغاير للنمط التقليدي الشائع في حينه. كان عضواً في اللجنة التحضيرية لمهرجان الشعر الشعبي الثالث عام 71 في العمارة، وقد قام بتوزيع الدعوات على الشعراء في المحافظات. مُنع من المشاركة في مهرجان الشعري الشعبي في البصرة كون قصيدته كانت عن المناضل (هوشي منه). تعرّض الشاعر للتهجير القسري مرّتين، وهو العراقي أصلاً وتأصيلاً. أصدر في منفاه الاضطراري مجموعة (ريح وخشب تابوت). عاد إلى العراق بعد عام 2003. وواصل الحضور والكتابة إذ نشر الكثير من القصائد في جريدة (طريق الشعب) الغرّاء، كما حقق حضوراً في الفضائيات والمنتديات الأدبية والمساهمة في احتفالات ميلاد الحزب الشيوعي العراقي المجيد في ميسان.

(2)

قصيدة للحرب.. مرثية للسلام، مجموعته الثانية، صدرت حديثاً عن داري: الصحيفة العربية العراقية ودار العرّاب السورية، وقد حملت المجموعة عنواناً اضافياً: من حركة الحداثة في الشعر الشعبي العراقي المعاصر. وهو بذلك يؤكد خطّه الفني في كتابة الشعر الشعبي تصريحاً لا تلميحاً.

إن الخط العام الذي اتسمت به المجموعة يقوم على مرتكز انحياز فكري/ سياسي/ يساري، يُعلنه الإهداء: إلى شهداء العراق، إلى شهداء الحركة الوطنية العراقية، إلى شهداء الحزب الشيوعي العراقي، إلى شهداء الحركة الكردية، إلى شهداء انتفاضة تشرين، إلى شهداء وضحايا الحروب والقمع في العالم، إلى شهداء المقابر الجماعية، وإلى شهداء آخرين. وبذلك يؤكد على تضامنه الفكري/ الانساني مع الانسان المضطهد أينما وجد ؛ كما أن القصائد هي الدالة الصريحة الأخرى على هذا التضامن: شيوعيون، هندال، بطاقة انتساب جديد للحزب، هوشي منه، غاندي، نيلسون مانديلا، أشرن، قدم خير، الخبز الاسمر، وغيرها. 

(3)

في الملمح الفني، يأخذ شكل الكتابة نمطين من التشكيل: الشكل الحديث وهو الأعم، والشكل الأول/ القديم. في الشكل الحديث يكون الشاعر أكثر مراودة لفكرة الشعر وبإسترسال طيّع باتجاه فضاء شعري يمنح القصيدة تماسكاً وارتكازاً، وصولاً إلى الاكتمال الفني:

إمشي للوادم شمس

تعركَ الكَصه..

إو يركض الدم اشرايين الزلم

غنّي للوادم قصيده

بيها طعم الخبز الاسمر

بيها لون الماي.. إو وجه الكَاع المغبشه تفكَ

المهره لومسهه تعب..

يغسل عركَ خيّالها المترب تعبها.

أما في الشكل الأول/ القديم.. فإن القصيدة تأتي محددة الأبعاد محكومة باشتراطات هذا الشكل، مما يجعلها في موقف الوصف:

حزنان جفني ابلا كحل.. مامش كحل واشريله

إوما بيع حزني للنذل.. لوكَطّعوني الليله

بيدك.. ضفرت اكَصيبتي بأوّل عشكَنه إو شوكَنه

نيشان نجمه للصبح..سهرانه ضلّت فوكَنه

والكَمره ترسمنه فرح.. إوخيط الفجر من طوكَنه.

ومما يستوقف القراءة في كلا الشكلين من الكتابة، وجود: بعض العثرات الإيقاعية هنا وهناك، تكرار استعمال حرف العطف غير الضروري، استعمال همزة القطع في غير محلها – وربما جاء بسبب التنضيد.

(4)

وفي ملمح فني آخر، يبتعد الشاعر بوضوح عن رومانسية أقلقت القصيدة الشعبية كثيراً، وهذاما يُحسب له لأنه في موقف واقعي راصد لما حصل والذي يحصل، كما أن قلّة الغنائية هي الأخرى تُشير إلى وعي وفهم الشاعر للتحولات الشعرية في الشعر الحديث، وهوالقاريء الجاد المتمعّن في الكثير من الطروحات النقدية والنظرية.

تركض.. تركض.. تركض

تركض جثّتي ابلا راس من الخوف

توكَع جثتي ابلا راس فوكَ الكَاع

تحلم جثتي ابلا راس فوكَ الكَاع...

(هذا مشهد واقعي، إذ أُصيب مواطن بشظيّه فصلت رأسه عن جسمه، إلا أنه بقى يركض).

وأُضيف لهذا الملمح، ما يرتبط به من جماليات التعامل مع اللغة/ اللهجة، حيث أن الشاعريولي اهتماما للمفردات الشعبية البعيدة عن قِدَم أثقلها وأبعدها عن الحساسية الشعرية، كما أن الدلالات في استخدام الرموز لم تكن ايحائية، بل كانت واضحة في مشهديتها، إذ أن الشاعر متمسك بواقعية الاعتراف كما أسلفت. وأضيف كذلك البراعة في تشكيل الصورة الشعرية التي تأتي متناوبه في نسيج البناء الشعري:

هلي

النجمه البعيده

يسبكَها ضواهه من تريد اتطيح..

قصيدة للحرب.. مرثية للسلام، مجموعة تُدين كل ما يسلب حرية الانسان، وتنتصرلأحلامه في وجود عالم أرقى وأنقى وأبقى...

عرض مقالات: