اخر الاخبار

ما وصلنا من الشعر الشعبي العربي، يكاد يكون مقتصراً على المصري واللبناني، والخليجي الى حدٍ ما. ومثل هذا التوصيل يجيء من خلال نشاط دور النشر الواسع في هذه البلدان، اضافة الى سرعة انتشار الاغاني، المكتوبة بالشعر الشعبي، من خلال الاذاعات والتلفزيونات والافلام السينمائية.

الّا ان حركة الشعر الشعبي في بلدان عربية اخرى، لا تقل اهمية وحضوراً عن مثيلاتها التي اشرنا اليها، وهي حركة تواشجت وتفاعلت مع تطور وتحولات الشعرية العربية منذ اربعينيات القرن الماضي بإسهامات شعراء مثقفين واصحاب تجارب واضحة. في هذه التلويحة، نحاول ان نكشف عن تجربة التجديد في الشعر الشعبي السوداني، متمثلة بمجموعة (كلام للحلوة) للشاعر هاشم صديق. والشاعر من مواليد1944، حائز على دبلوم معهد الموسيقى والمسرح، كاتب مسرحي واذاعي،حاصل على عدّة جوائز في الكتابة المسرحية، اصدر الكثير من الكتب الشعرية والمسرحية.

في مجموعته هذه، نجد أن الشاعر مفتون بموضوعات أثيرة: الحب، العشق، الوطن، أحزان وهموم الإنسان السوداني، الحلم، المستقبل. وقصائده القصيرة أو الطويلة، بتواريخها الستينية والسبعينيةتعكس ما آلت إليه القصيدة الشعبية السودانية من تجديد، حيث البناء، الصورة،اللغة المحدّثة، الرمز، تجاوز العفوية والبساطة، التحرر من القوالب القديمة.

عن هذا الشاعر يقول الأستاذ/ صلاح ابراهيم أحمد/ في تقديم المجموعة: هذا شعر كُتبَ بلغة عامية وان لم تكن بالموغلة في عاميتها، اذ تُنبيء عن تمرس الشاعر بقراءةالشعر الفصيح وتأثره به، بخاصة الشعر الحديث، حيث جاءت لغته الشعرية وسطاً بين هذا وذاك، فهي عامية صقيلة مهذبة على مستوىً رفيع فيه سهولة وانسياب وأناقة، يكاد يداني الفصيح مع دراية بلغة الإبداع الشعبي الدارجة..، يُجيد اختيار المفردات المُعبرة المصحوبة بالظلال الموحية وشتّى القابليات الموسيقية المتأصلة في الكلمة العربية الفصيحة أو بما اكتسيت خلال استخدامها السوداني المحلي، ولا أتردد من أن نضعهُ في شعرنا السوداني المعاصر في

مستوىً يداني ما كان لبيرم التونسي أو لفؤاد حداد في الزجل المصري، ولا بد للناقد أن يلحظ مدى الفارق بين اسلوب هاشم صديق التجديدي واساليب شعرنا العامي التقليدي:

ياحلاتك..

مرّه همسه أو مرّه نسمه

او مرّه هلّت نجمه غابت

اومرّه صحوة غمزه نامت

او مرّه ضحكه اترّضي شوقْنا، او مرّه كلمه اتضوي فوقْنا..،

اولمّا نسرح فيك.. زي ملايكه اعلينه نازله.

....،

ياريتني

لو اقدر اقول فيك الكلام الما انكتب،

 واجلي المقاطع بالدهب،

 وافرد جناح حسنك وشاح،

 يمسح عذاب عمري المُسطّر باللهب.

.....،

ابكي يا شارع المدينة..ابكي ياشارع المدينة.

هاشم صديق في مجموعته ( كلام للحلوة ) شاعر غنائي، وهذا التوصيف كثيراً ما تعكسه معظم قصائدة التي يغلب عليها الخطاب العاطفي، مع الاستثناء، حيث تتمتع بعض القصائد بتشكيل درامي، طوّع فيه خبرته المسرحية، الاكاديمية والتطبيقية، من أجل أن يصل الكلام ممسرحاً إلى الحلوة، حلوته ( السودانية ).......

عرض مقالات: