على الرغم من أن العراق يحتل مكانة مرموقة كثاني أكبر مصدر للنفط بمنظمة “أوبك” بعد السعودية، إلا أن الاعتماد على استيراد مشتقات النفط من الخارج لا يزال واقعا يكلف العراق مبالغ طائلة سنوياً، اذ أنفق العراق خلال النصف الأول من العام الجاري أكثر من واحد مليار لاستيراد ثلاثة أنواع من مشتقات النفط. وبشأن ذلك يعلق اقتصاديون على أسباب ضعف استثمار النفط في البلاد، ويتوقعون متى انتهائه.
غياب الاستقرار
يقول المتحدث باسم وزارة النفط، عاصم جهاد إن “العراق اضطر لاستيراد المشتقات النفطية بشكل كبير بعد استهداف مصفى بيجي الذي يُعد أكبر وأحدث المصافي في العراق، بطاقة استيعابية تصل إلى انتاج 300 ألف برميل نفط يوميا، كطاقة تكريرية”.
ويضيف جهاد بحديث خص به “طريق الشعب”، أسباب أخرى ساهمت بتأخر مشاريع بناء وحدات ومصافي انتاجية جديدة، منها: “قدم بعض المصافي وعدم وجود استقرار سياسي وأمني واقتصادي”.
ويؤكد أن “الاستيراد الحالي يتضمن مادتي الكاز والبانزين المحسن”، مشيراُ إلى أن انتاج الأخير يتطلب مصافي حديثه ومتطورة.
ويلفت إلى أن “الوزارة تعمل منذ سنوات لأجل تحديث المصافي المتواجدة”، مضيفاً أن الأشهر الماضية تضمنت طرح مشاريع استثمارية في مختلف انحاء البلاد، تهدف إلى زيادة طاقة الانتاج التكريرية، كما هناك دخول لوحدات جديدة”.
ويقر جهاد بأن الوزارة تسعى “لإيقاف الاستيراد خلال الفترة المقبلة”، مؤكداً أن الاعتماد سيكون على “المصافي العراقية، وذلك لأجل هدفين؛ زيادة الطاقة التكريرية وتحسين النوعية”.
واختتم المتحدث باسم وزارة النفط حديثه، بالإشارة إلى وجود مشاريع واعدة في محافظتي كربلاء والبصرة، وهناك دعوات لشركات استثمارية عالمية بأنشاء مشاريع في العراق”.
“دولة عميقة”
يقول الخبير النفطي حمزة الجواهري، إن “هناك مشاريع عديدة في الوقت الراهن تتضمن بناء مصاف جديدة منها في كربلاء ومنها وحدات في البصرة ووحدة في مصفى بيجي والذي من المتأمل إن ينتج في الفترة المقبلة بنزين محسن”.
وتوقع الجواهري خلال حديثه مع “طريق الشعب”، انتهاء مشكلة استيراد مشتقات النفط، خلال سنتين بظل بناء مصاف حديثة.
ويبين إن “مصفى بيجي توقف لفترة بسبب الحرب الاخيرة، بعدها تم إعادة تأهيل نصفه، والآن يجري اعادة ترميم نصفه الآخر، ومن المتوقع ان يصل إلى انتاج ٢٨٠ ألف برميل باليوم بعد اكمال تأهيله بالكامل”.
ويجد الجواهري إن أحد اسباب عرقلة وتأخر مسألة انتاج مواد نفطية، تعود لوجود ما اسماها بـ “الدولة العميقة”، التي تحاول إعاقة عمل إي مشروع بطريق التنمية المستدامة، على حد قوله.
لماذا لا يستثمر؟
يقول استاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، نبيل المرسومي، إن “أغلب المصافي أنشأت في العقود السابقة، السبعينيات والثمانينيات ومنها أقدم من ذلك بكثير كمصفى الوند في خانقين الذي أنشئ في عام 1931”، لافتاً إلى أن “مصفى كربلاء هو الوحيد الذي أنشأ بعد عام ٢٠٠٣”.
ويشير المرسومي خلال حديثه مع “طريق الشعب”، إلى أن “قدم العديد من المصافي العراقي وعدم بناء الجديد منها، سبب تدنياً في الطاقات التكريرية، وهذا ما أدى إلى اللجوء إلى الاستيراد بدلاً عن الانتاج”.
ويزيد بالقول إن “هناك تخلف بالتقنيات المتبعة، إذ أن أغلب المصافي العراقية تنتج نفطا أسود بكمية ٧٩ لتر من أصل ١٥٨ لتر، فيما المصافي الحديثة تنتج 7 ألتار فقط، كما تنتج من كل برميل 73 لتر بنزين فيما ينتج العراق 33 لتر بنزين”.
وبحسب المرسومي، فأن “الانتاج المحلي لا يوائم الحاجة الفعلية”، مشددا على ضرورة تحديث منظومة المصافي العراقية ليتم انتاج مشتقات نفطية تلبي الحاجة المحلية”.
ويشير إلى أن وزارة النفط تدعم الاستثمار الاجنبي إلا أن البيئة الاستثمارية في العراق تعتبر طاردة للمستثمرين الذين يتطلبون بيئة مستقرة أمنياً واقتصادياً وسياسياً.
بيانات شركة “سومو”
وبحسب بيانات شركة سومو (شركة التسويق النفطي العراقي)، اطلعت عليها “طريق الشعب”، فقد بلغ عدد البراميل المصدرة خلال شهر آذار من العام الجاري، 100,913,027 برميلاً لمحافظتي كركوك والبصرة وبقيمة بلغت 7,506,401,191.19، باحتساب سعر البرميل الواحد 74.385 دولار امريكي.
ويشار إلى أن سعر خام البرنت تجاوز عتبة 94 دولار خلال الشهر الجاري، للمرة الأولى منذ 16 نوفمبر 2022.
أما من جانب الاستيراد فإن العراق استورد مشتقات نفطية بقيمة تجاوزت 3.3 مليارات دولار خلال عام 2021، مقابل نحو 2.6 مليار دولار خلال عام 2020.
وفي العام الحالي استورد العراق ثلاثة مشتقات نفطية بمقدار 1 مليار و235 مليونا و180 ألفا و755 دولارا، بكمية 1 مليون و346 ألفا و451 طناً في الربع الأول من عام 2023.
وأوضح الجدول الخاص بالشركة أن المشتقات المستوردة من النفط الأبيض بلغت 86 ألف و744 طنا بمبلغ 90 مليوناً و714 ألفاً و810 دولارات، فيما بلغت كمية زيت الغاز المستوردة 366 ألفاً و386 طناً بمبلغ 308 ملايين و196 الفاً و376 دولارا.