اخر الاخبار

العراق.. الحريات في خطر

كتب سنان محمود مقالًا لصحيفة ذي ناشيونال الناطقة بالإنكليزية حول ما تعانيه الحريات في العراق من تضييق متعدد الأشكال، ذكر فيه أن مرسومًا جديدًا يدعو إلى مقاضاة معارضي النظام السياسي قد أثار غضبًا واسعًا، وسط مخاوف من أن يؤدي إلى قمع حرية التعبير.

خطوة كارثية

وأشار المقال إلى أن الوثيقة المُسرّبة التي صدرت مؤخرًا، ونُسبت إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى، وذلك استجابةً لطلب من الحكومة، قد أمرت النيابة العامة بملاحقة (كل من يحرّض على قلب النظام السياسي أو يروّج له، أو يقوّض شرعيته عبر وسائل الإعلام أو المنصات الإلكترونية)، من دون أن تحدد أنواع المخالفات، مما يترك المجال مفتوحًا للتأويل. وأضاف الكاتب أن المجلس والحكومة لم يصدرَا، حتى الآن، أي تعليق على الوثيقة المسرّبة، رغم ما أثارته من مخاوف من أن تُستخدم لإسكات الأصوات المنتقدة للنخبة السياسية والحكومة أو لقمع المعارضة.

ونقل الكاتب عن عدد من المواطنين والمراقبين رأيهم بأن حرية الرأي والتعبير هي المكسب الحقيقي الوحيد الذي حققوه منذ سقوط دكتاتورية صدام حسين، مما يجعلهم يرون في المرسوم محاولة واضحة لتقييد هذه الحرية وخلق أثرٍ مُرعب على النشاط السياسي والصحافة في البلاد. كما وصف هؤلاء هذه الخطوة بأنها "وصفة لكارثة"، لأنها ستمنح السلطات صلاحيات مطلقة لإسكات أي شخص يجرؤ على انتقاد النظام السياسي، على حد تعبيرهم، فيما اعتبر مراقبون آخرون الأمر مؤشرًا على الهشاشة وعدم الاستقرار الشديدين اللذين يعاني منهما النظام السياسي العراقي، ولا سيما في ظل أوضاعه الحرجة.

الحريات حق دستوري

وأشار الكاتب إلى أن العراقيين تمتعوا، بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، ولأول مرة منذ عقود، بحرية التعبير عن آرائهم عبر الإنترنت وفي الاحتجاجات الشعبية، فيما ضمن دستور البلاد، الذي سُنّ عام 2005، هذه الحريات، وسمح بانتقاد القادة السياسيين والدينيين كتابةً ورسماً وعبر التلفزيون، رغم أن بعض المنتقدين قد واجه إجراءات انتقامية تمثلت في رفع دعاوى قضائية وحتى أعمال عنف.

خروقات كبيرة

واستطرد الكاتب بالحديث عن انتفاضة تشرين الأول 2019، حيث خرج العراقيون إلى شوارع بغداد ومدن رئيسية أخرى في وسط وجنوب البلاد احتجاجًا على النخبة السياسية التي تتولى السلطة منذ عام 2003. ولم تقتصر مطالبهم على توفير فرص العمل وتحسين الخدمات والقضاء على الفساد المستشري، بل شملت أيضًا إصلاحًا شاملًا للنظام السياسي لما بعد صدام، وهو ما شكّل تحديًا كبيرًا للنخبة السياسية والنظام الحاكم، وأدى إلى استقالة الحكومة.

وذكر المقال أن المظاهرات قوبلت بقمع عنيف من قبل قوات الأمن والفصائل المسلحة، أدى إلى مقتل نحو 600 متظاهر وعنصر من قوات الأمن، وإصابة الآلاف في أعمال العنف، فيما أفاد عشرات النشطاء بتعرضهم للترهيب، حيث اختُطف أو اغتيل العديد منهم، وألقت السلطة باللوم فيما حدث على "طرف ثالث" من دون أن تحدد هويته.

وأشار المقال إلى أن صدور المرسوم المشار إليه يأتي متزامنًا مع الحوارات التي تجريها الأحزاب السياسية من أجل تشكيل الحكومة المقبلة بعد الانتخابات الوطنية التي جرت الشهر الماضي، والتي لاقت انتقادات شديدة، لا تقل عن الانتقادات التي يوجّهها العراقيون لعملية تشكيل الحكومات عمومًا، إذ ترى الأغلبية أنها لا تتعدى إعادة عقد الصفقات نفسها بعد كل انتخابات، بغض النظر عن النتائج الفعلية، الأمر الذي يثير قلقهم الشديد ويعزز شعورهم بأن أصواتهم تُباع وتُشترى في مفاوضات سرية تُقسَّم فيها السلطة بين النخبة السياسية، من دون أي اعتبار لمصالحهم ومطالبهم.