اخر الاخبار

اختتمت يوم السبت الماضي فعاليات معرض الكتاب الدولي بنسخته السادسة، بحضور نسوي واسع، جرى فيه تكريم مائة امرأة عراقية أطلق عليها "نون الحاضر"، تركن دوراً بارزاً في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، فضلاً عن الدفاع عن قضايا المرأة وحقوقها. كما جرتْ قراءة أسماء أخرى لنساء راحلات ساهمن في بناء البلاد منذ تأسيسه في عشرينيات القرن الماضي.

وتأتي هذه المبادرة، كموقف إيجابي من قضايا النساء وحقوقهن، بعد التراجع الخطير الذي شهده هذا الجانب خصوصاً بعد التعديل السلبي الأخير لقانون الأحوال الشخصية، وغياب التشريعات التي تحمل حقوق النساء والكبت المتواصل لحرية التعبير عن الرأي، فضلاً عن الأساليب القمعية التي استخدمت ضد المدافعين عن حقوق النساء.

وتميّزت دورة المعرض السادسة بحضور نسوي لافت، تجسّد في الفعاليات والندوات وحفلات التوقيع والمشاركات الفكرية، حيث خُصصت مساحات واسعة للاحتفاء بمنجز المرأة العراقية، سياسياً واجتماعياً وثقافياً واقتصادياً وابداعياً، وجاء عنوان المعرض "نون" بوصفه رسالة ثقافية تسعى إلى إعادة الاعتبار لدور المرأة بوصفها شريكاً أساسياً في تشكيل الوعي الجمعي العراقي، وليس بوصفها حضوراً هامشياً أو تكريمياً عابراً.

نهوض العراق مرتبط بنسائه

وتناول رئيس مؤسسة المدى الأستاذ فخري كريم مكانة المرأة العراقية ودورها التاريخي في بناء المجتمع وصناعة التحولات الثقافية والسياسية، مؤكّدًا أن نهوض العراق ارتبط، وسيبقى مرتبطًا، بحضور نسائه وإسهامهن الفاعل في مختلف الميادين.

واكد كريم في كلمته خلال تكريم النساء العراقيات، إن "هذا الاحتفاء بالمرأة يهدف إلى تذكير كل من يسعى إلى حجب صوت المرأة وإرادتها، بأن يطّلع على مئة نموذج فقط من النساء العراقيات، ليعرف حجم إسهام المرأة في ماضي العراق وحاضره ومستقبله".

 وأضاف: فلينظر الجميع إلى هذه القامات العراقية، إلى النون اللواتي ما زلن يشاركن بفاعلية في الحياة السياسية، والحياة الثقافية، والميادين الإبداعية المختلفة، وليفخروا بأن المرأة العراقية استطاعت أن تتجاوز الحدود، سواء عبر فعلها الإبداعي في مختلف المجالات وألوان التعبير، من الرواية والشعر، إلى الرسم والعمارة، وسائر الفعاليات الأخرى، مؤكدة حضورها المؤثر في الفضاءين العربي والعالمي".

إنجاز مهم للمرأة

وقالت الناشطة النسوية رؤى خلف، إن "مهرجان الكتاب الدولي تميز هذا العام بحضوره النسوي، فضلاً عن الفعاليات التي شهدها أيامه". وتحدثت عن التراجع الذي شهدته قضايا المرأة في الدورة النيابية الخامسة، اذ جرى تعديل قانون الأحوال الشخصية بطريقة مجحفة أضاعت الكثير من المكتسبات النسوية التي تحققت طيلة المدة الماضية، كما جرى اهمال تشريع قانون مناهضة العنف الأسري وحماية المعنفات، وأيضا شهدت هذه الدورة كبتا واضحا للحريات النسوية والحقوق المدنية.

وأكدت خلف، ان "هذه الالتفاتة من معرض الكتاب جاءت في وقتها، إذ لم تشهد الدولة العراقية تكريماً للنساء بهذا الحجم وهي وقفة حقيقية بوجه من يحاول قضم حقوق النساء".

وبيّنت الناشطة النسوية، ان "الجهات الحاكمة تتحدث عن حقوق النساء وحمايتهم حيث جرى تشكيل عدة مبادرات مثل المجلس الأعلى للمرأة ولجان خاصة لدعم النساء، لكن الواقع يشير إلى ان التنفيذ لم يكن بمستوى الحديث الإعلامي، فعلى سبيل المثال جرى اتخاذ قرار بإنجاز نصب للراحلة نزيهة الدليمي في بغداد، لكن هذا القرار لم ينفذ ولا نعرف السبب، فيما جرى شن حملة واسعة ضدها، باعتبارها احد المساهمين في تشريع قانون الأحوال الشخصية، فيما كان الصمت مصير مجلس الوزراء".

نسب عالية من العنف!

من جانبها، تحدثت منى جعفر، احدى المشاركات في ندوات المعرض، عن العنف ضد النساء بالقول: ان "العنف داخل الأسر، سواء التي تحدث ضد النساء والفتيات او ضد الأطفال او ضد كبار السن كل هذا يندرج تحت نطاق العنف الأسري، وقد وصل الآن الى نسب عالية جدا من دون معالجة قانونية”.

وأكدت ان "المجتمع العراقي أصبح يقبل بفكرة العنف الأسري وهذا الامر ناتج من القوانين، لان القانون العراقي يبيح فكرة العنف، سواء العنف الممارس ضد الأطفال او العنف الممارس تجاه المرأة، وفي عام 2010 كان لدينا وزارة تحت مسمى وزارة المرأة وقد شكلت لجان من المختصين لكتابة قانون للعنف ضد النساء تحديدا، وفي 2012 انهت هذه اللجنة كتابة المسودة الأولى من مشروع القانون ثم أحيلت لمجلس الدولة، وعندما وصلت المسودة الى مجلس النواب، لم يجر تشريع القانون بحجة عدم وجود عنف ضد المرأة".

تاريخنا حافل بالمنجز النسوي

بدوره، قال الرفيق حسين النجار عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، ان "تاريخ الحزب وحاضره حافل بالمنجز النسوي، حيث قدم الحزب للمجتمع قائمة طويلة من المناضلات النسويات على مختلف الأصعدة"، مشيراً إلى ان "العديد من النساء اللاتي جرى الاحتفاء بهن وبمنجزهن في معرض الكتاب هن جزء من الحزب ونضاله".

وأضاف، "نقف اليوم مع النساء وندافع عن حقهن في العيش الكريم وبالمساواة، حيث ساهمنا بالوقوف ضد تعديل قانون الأحوال الشخصية، ونسعى حالياً عبر مختلف الوسائل إلى إيقاف العمل بهذا التشريع الذي يهدد حقهن في المساواة والعيش الكريم".

وتابع، "سنواصل العمل مع النساء من اجل تنفيذ قانون العمل الذي يحفظ حقوق النساء العاملات، ويعمل على مساواتهم في ظروف العمل، وكذلك ندعم تشريع قانون مناهضة العنف ضد النساء، وتمكينهن من اجل الوصول الى مستوى يليق بمكانتهن في المجتمع".