تشهد نهاية السنة الحالية 2025 فعاليات احتجاجية واسعة، بالتزامن مع مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة والتصريحات التي تشير الى ظروف البلد الاقتصادية الصعبة؛ حيث يذكر عدد من المختصين ان المواطنين سيواجهون صعوبات جدية في وضعهم المعيشي، نظراً لاستمرار الاعتماد على الريع النفطي وعدم وجود حلول من قبل القوى الحاكمة لمشاكل البلاد الاقتصادية.
وتحدث مراقبون، عن ان الظروف الاقتصادية الصعبة والتصريحات الحكومية التي تشير الى العجز الكبير في الموازنة وارتفاع الدين العام وانخفاض أسعار النفط المصدر، ستجبر المواطنين على النزول الى الشوارع للمطالبة بالعيش الكريم.
واكدوا ان الحالة الزبائنية التي خلقتها القوى الحاكمة والمتنفذة، سوف تنتهي مع اول هزة اقتصادية ستواجه العراق، وسيتحول هؤلاء الى متظاهرين غاضبين يصعب التعامل مع مطالبهم في ظل غياب الحلول الاقتصادية الناجعة.
وشهدت مختلف المحافظات خلال الأيام الثلاث الماضية فعاليات احتجاجية متنوعة، تمحورت مطالبها حول توفير الخدمات والعيش الكريم.
وتواصل "طريق الشعب" رصد هذه الفعاليات في تقارير إخبارية غرضها لفت الانتباه الى مطالب الناس المشروعة.
أصحاب الشهادات العليا: انصفونا
وتظاهر المئات من حملة الشهادات العليا في بغداد، مطالبين بضرورة انصافهم وإيجاد الحلول المناسبة لتنفيذ القرارات المتعلقة بتعيينهم وإيجاد الفرص المناسبة لهم للعمل.
واكد المتظاهرون ضرورة إعادة تثبيت الدرجات الوظيفية التي تم حذفها من الموازنة أو التي لم يتم تفعيلها لأسباب إجرائية، مشيرين إلى أن "هذه الدرجات هي حق لهم بناءً على قرار مجلس الوزراء".
ورفع المتظاهرون عبارات وشعارات تطالب بخطوات فورية من شأنها ضمان حقهم في التعيين، مطالبين باستحداث درجات وظيفية جديدة، ضمن جداول الموازنة العامة للسنوات المقبلة، بما يكفي لاستيعاب جميع خريجي الوجبة الثالثة من حملة الشهادات العليا والأوائل.
وقال المتظاهر سيف مرتضى: "لقد امضينا سنوات في الدراسة والتفوق، ومن غير المنطقي أن نواجه هذا الإهمال. نطالب الحكومة ووزارة المالية بإعادة الدرجات المحذوفة واستحداث درجات وظيفية تضمن حق خريجي الوجبة الثالثة، ولن نتراجع عن تظاهراتنا السلمية حتى يتم تحقيق مطالبنا العادلة".
ابعدوا رياضتنا عن التدخلات الخارجية
ونظم لاعبو المنتخب الوطني لكرة السلة، وقفة احتجاجية أمام مقر اللجنة الأولمبية، طالبوا خلالها بتدخل عاجل لإنقاذ واقع اللعبة.
وعبر اللاعبون عن استيائهم من التدخلات الخارجية التي ألحقت أضراراً جسيمة باللعبة، وأثرت سلباً على أداء الاتحاد، الأمر الذي انعكس على مستوى اللاعبين والمشاركات المحلية والدولية.
ودعا المتظاهرون إلى تشكيل لجنة مؤقتة تتولى إدارة شؤون الاتحاد في المرحلة الحالية لضمان تصحيح المسار الإداري والحفاظ على مستقبل كرة السلة العراقية، وتحقيق الاستقرار الذي يخدم مصلحة اللاعبين واللعبة بشكل عام.
لا تقطعوا رواتب الشهداء
وشهدت محافظة بغداد تظاهرات احتجاجية نظمها ذوو الاحتياجات الخاصة من ضحايا الإرهاب، وكذلك مواطنون في منطقة الولداية في قضاء الزوراء، وفي شارع فلسطين، وسط العاصمة.
واعرب ذوو الاحتياجات الخاصة عن رفضهم قطع رواتب ضحايا الإرهاب، ونظموا وقفة احتجاجية امام احد مداخل المنطقة الخضراء، وطالبوا بالتريث بقرار قطع رواتبهم.
وتحدث المشاركون في التظاهرة عن وجود قرار يقضي بإيقاف رواتب ذوي الشهداء بعد مرور 10 سنوات على استشهادهم، مؤكدين أنها تشكّل المعيل الأساسي في معيشتهم، والاهتمام بعوائل الشهداء.
مطالب خدمية أخرى
وفي قضاء الزوراء، تظاهر المواطنون في منطقة الولداية للمطالبة بتحسين واقع الخدمات الأساسية وإكساء الشوارع وتنفيذ الوعود التي مضى عليها العديد من السنوات، وتعاني المناطق في قضاء الزوراء من نقص حاد في الخدمات الأساسية، وكذلك من ظروف صعبة، تتمثل في قلة المراكز الصحية والخدمية.
فيما رفض مواطنون من شارع فلسطين قرار خصخصة الكهرباء في المنقطة. وأكدوا أنّ ذلك سوف يفرض أموالاً كبيرة على المواطنين بالتوازي مع ضعف في تجهيز الطاقة الكهربائية، وطالبوا بإيجاد الحلول المناسبة خلال تظاهرة نظموها في ساحة الموال في مركز المدينة.
مراعاة ذوي الاحتياجات الخاصة
ونظم الفائزون في ملف 13 الف درجة وظيفية، والمنسّبون على دائرة البلديات وقفة احتجاجية، أمام ديوان محافظة البصرة، للمطالبة بتغيير جهة التنسيب.
واكد المشاركون في الوقفة وجود ظلم وتهميش وقع على بعض المنتسبين منها بعض المنسبين يعانون من الإعاقة ولديهم نسبة عجز بالإضافة الى أن مكان الدوائر بعيد عن مناطق سكنهم، ما يستدعي مراعاة الظروف بشكل كامل. وأشاروا الى "عدم منحهم اجازات بالرغم من أن الدوام يكون 30 يوما في الشهر".
وطالب المحتجون بأهمية الالتفات الى ذوي الإعاقة واصحاب الشهادات من المنتسبين للدوائر بصفة عامل نظافة لعدم مقدرتهم على اداء مهامهم بالشكل الصحيح، مطالبين بتحقيق مطالبهم.
"تجاهل حكومي لمطالبنا"
وابدى اتحاد المقاولين العراقيين استنكاره الشديد للاعتداء غير المبرر الذي تعرض له المقاولون المتظاهرون أمام المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد، حسب وصف البيان الذي صدر عن الاتحاد، واعرب عن أسفه لما تعانيه هذه الفئة من تجاهل من قبل الجهات الحكومية المتعاقدة.
وتحدث البيان عن "الصعوبات التي تواجه المقاولين في العمل، وملاحقة الديون، والشكاوى، والمحاكم، نتيجة عدم صرف مستحقاتهم المالية المتأخرة"، مؤكداً أن "هذا الوضع يفاقم الأعباء الاقتصادية عليهم".
وأشار البيان إلى أن "الاعتداء الذي وقع من قبل القوات الأمنية على المقاولين المحتجين يمثل سابقة خطرة، يعكس نهجاً حكومياً يسعى إلى تسويف مطالب المقاولين ومستحقاتهم، ومحاولة إسكاتهم عبر المضايقات والترهيب، بدلاً من الاستجابة لمطالبهم المشروعة".
وطالب بـ"محاسبة المتجاوزين على أبناء الوطن الحقيقيين، وتقديم اعتذار رسمي للمقاولين عما جرى".
وشدد على ان التظاهرات ستستمر بزخم أكبر خلال الفترة المقبلة، لتشمل جميع مقاولي المحافظات، لحين الاستجابة لمطالبهم وصرف المستحقات المالية التي بذمة الحكومة".
واكد ان المرحلة المقبلة ستشهد تصعيداً من بينها التوجه إلى القضاء وجهاز الادعاء العام، ورفع شكاوى واسعة ضد الجهات الحكومية التي تتجاهل وتسويف مستحقات المقاولين".
وتعرض عدد من المقاولين، لاعتداء من قوات حفظ القانون خلال تظاهرة سلمية في المنطقة الخضراء وسط بغداد، للمطالبة بمستحقاتهم المالية المتأخرة منذ سنوات.
رفض الاعتداء على المتظاهرين
وطالب الحراك الشعبي في منطقة الشرش الواقعة شمال البصرة، وزير الداخلية بفتح تحقيق عاجل في اعتداء قوات الشغب على المتظاهرين وخاصة حادثة الاعتداء على الأطفال.
واكد المتظاهرون عزمهم على إبلاغ بعثة الأمم المتحدة يونامي برسالة احتجاج رسمية، ومطالبته بإيفاد وفد من الضباط إلى المنطقة وتقديم اعتذار رسمي لأهالي شمال البصرة وللطفل الذي تعرض للاعتداء، مع التأكيد على رفض استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين.
وأعلن الحراك الشعبي تعليق أنشطته الاحتجاجية حتى إشعار آخر، في خطوة تهدف إلى إعادة تنظيم الصفوف وتوحيد الجهود مع الحراكات الشعبية الأخرى في المنطقة.
أزمة مياه مأساوية
من جانبه، طالب مكتب المفوضية العليا لحقوق الانسان في البصرة، في وقت سابق، بإيقاف ما وصفه بقمع تظاهرات أهالي منطقة الشرش، معرباً عن قلقه الشديد من الأوضاع الانسانية والخدمية التي تشهدها المحافظة.
وقال مدير المكتب مهدي التميمي، إن "حرية الرأي والتعبير حق دستوري لا يجوز المساس به تحت أي ذريعة"، مؤكداً ضرورة حماية المتظاهرين ومحاسبة المتورطين بأي انتهاكات".
وأضاف أن "أزمة المياه في البصرة بلغت مستويات مأساوية، رغم دخول البلاد ذروة فصل الشتاء وارتفاع الخزين الاستراتيجي للمياه، إذ يعاني المواطنون من زيادة نسب الملوحة والتلوث في معظم مناطق المحافظة، في وقت تحرم فيه البصرة من حصتها المائية دون وجود إجراءات حقيقية من الحكومة المركزية".
وتتواصل تظاهرات سكان الشرش منذ أيام، للمطالبة بتنفيذ مشاريع خدمية عاجلة تتعلق بالمياه والخدمات الأساسية والبنى التحتية، وسط غياب الحلول العملية رغم الاجتماعات المتكررة مع الجهات الرسمية.
وشهدت التظاهرات، في الأيام السابقة، قمع وملاحقة المحتجين في الشارع الرئيسي والطرق الفرعية، من قبل القوات الأمنية العراقية.
آل أزيرج يرفضون مصادرة أراضيهم
وفي محافظة ذي قار، خرج مواطنون من عشيرة آل أزيرج لرفض قرار حكومي يقضي بمصادرة أراضيهم الزراعية، التي وصفوها بأنها إرثهم التاريخي ومصدر رزقهم الوحيد.
وطالب المتظاهرون الجهات الرسمية بالعدول عن القرار، وإعادة النظر فيه، لما يحمل من تبعات اجتماعية كارثية على مئات العائلات التي تعتمد على الزراعة في تلك المنطقة، وناشدوا الحكومة الاتحادية لإنصافهم.
وقال الشيح حميد رشيد: "تم التجاوز على أراضينا بحجة الاستثمار، ونحن في هذه الأرض منذ مئات السنين، ومطالبنا في هذه الوقفة تتعلق بإنصافنا وإعادة الأمور إلى نصابها".
فيما تحدث المواطن أبو أنور السهلاني وهو أحد المحتجين: "هذه أرضي ورثتها عن أب وجد. يأتي المستثمر أو الدولة ليأخذوها! لقد أخذوا الكثير من الأراضي والمساحات".
وأكد المشاركون في التظاهرة أن "القرار الحكومي لم يراعِ الظروف المعيشية للعائلات الفلاحية، التي توارثت هذه المهنة أباً عن جد، وتعتبر الزراعة عصب حياتها"، مؤكدين تمسكهم في أراضيهم.
وطالبوا بضرورة إيجاد حلول عادلة تضمن بقاءهم في أراضيهم وتمنع تهجيرهم أو فقدان ممتلكاتهم التي عاشوا عليها لعشرات السنين.
أطباء نينوى وذوو الشهداء
وفي محافظة نينوى، تظاهر عدد من أطباء دفعة 2024 لليوم الثاني على التوالي أمام مقر نقابة الأطباء في الموصل للمطالبة بالإسراع في إجراءات تعيينهم المركزي.
وأشاروا الى مرور أكثر من سنة ونصف على تخرجهم دون الحصول على فرص عمل رسمية في المؤسسات الصحية.
وشهدت المحافظة ايضاً تجمعاً لذوي الشهداء في قضاء البعاج غرب نينوى للتعبير عن غضبهم من عرقلة معاملات توزيع الأراضي السكنية الخاصة بهم.
وجه المتظاهرون رسالة إلى الحكومة الاتحادية ووزير الداخلية والمحافظ تتضمن مطالبة بتوزيع قطع الأرض التي كفلها القانون لمستحقيها، ووصفوا الإجراءات التي تعرقل ذلك بالتسويف والتجاهل والظلم لحقوق الشهداء.