وكالات
أجبرت الاحتجاجات التي بدأت الإثنين الماضي في إندونيسيا رفضاً لامتيازات مالية مخصصة للمسؤولين، خصوصاً بدلات السكن للنواب، رئيس البلاد على إلغاء جزء منها، كما يندد المحتجون بالصعوبات الاقتصادية.
فقد 20 شخصاً في الأقل عقب تظاهرات عنيفة في إندونيسيا أشعلتها امتيازات مالية مخصصة للمشرعين، وتطورت للتعبير عن الغضب حيال الشرطة، بحسب ما أفادت به مجموعة حقوقية اليوم الثلاثاء.
وقتل ستة أشخاص في الأقل منذ الاحتجاجات التي هزت أكبر اقتصاد في جنوب شرقي آسيا الأسبوع الماضي، وتخللتها أعمال عنف عقب انتشار فيديو يظهر سائق مركبة للشرطة تصدم دراجة نارية للأجرة في جاكرتا، وتدهس سائقها الشاب خلال احتجاجات على الأجور المنخفضة ومخصصات المسؤولين.
في مكان مجهول
وقالت لجنة المخفيين وضحايا العنف (كونتراس)، في بيان "اعتباراً من الأول من سبتمبر (أيلول)، أبلغ عن 23 مفقوداً، وبعد عملية البحث والتحقق لا يزال 20 شخصاً في عداد المفقودين".
وأضافت المجموعة أن الأشخاص الـ20 أبلغ عن فقدانهم في مدينتي باندونغ وديبوك بجزيرة جاوا، وفي المدن الإدارية جاكرتا الوسطى وجاكرتا الشرقية وجاكرتا الشمالية التي تشكل معاً العاصمة الكبرى.
وأوضحت أن حادثة سجلت في "مكان مجهول".
ولم ترد الشرطة الوطنية بعد على طلب وكالة الصحافة الفرنسية للتعليق.
واعتقلت الشرطة 1240 شخصاً في جاكرتا منذ الـ25 من أغسطس (آب)، بحسب ما نقلت وكالة "إنتارا" الرسمية للأنباء عن مفتش شرطة مدينة جاكرتا الجنرال إيدي سوهيري الإثنين.
والثلاثاء قال المتحدث باسم شرطة مدينة جاكرتا آدي إري سيام إندراي، إن الشرطة اعتقلت الناشط ديلبيدرو مرهاين، مدير مؤسسة "لوكاتورو" غير الحكومية التي بدورها أكدت توقيفه.
وقال آدي في تصريحات بثها تلفزيون كومباس، إن الناشط اعتقل "بشبهة التحريض الاستفزازي على ارتكاب أعمال فوضوية".
واندلعت الاحتجاجات في مختلف أنحاء مدن البلاد الأسبوع الماضي، مما أرغم الرئيس برابوو سوبيانتو على إلغاء القرار المتعلق بمخصصات المسؤولين.
وتعد هذه الاحتجاجات الأكبر والأكثر عنفاً منذ تولي برابوو سابيانتو السلطة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ودعت الأمم المتحدة الإثنين، إلى التحقيق في اتهامات باستخدام غير متكافئ للقوة خلال الاحتجاجات.
وقالت رافينا شمدساني من مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الإثنين "نتابع من كثب موجة العنف في إندونيسيا على خلفية التظاهرات حول المخصصات البرلمانية، والاستخدام غير المتكافئ للقوة من جانب قوات الأمن".
ونشر الجيش في أنحاء جاكرتا الإثنين، في وقت احتشد مئات الأشخاص أمام البرلمان وأفيد باشتباكات في مدن أخرى.
وانتقد برابوو المتظاهرين خلال تفقده جرحى من عناصر شرطة في المستشفى، وقال إنه يتعين أن تتوقف الاحتجاجات مساء.
غاز ومدافع مياه
وفي باندونغ رمى متظاهرون عبوات حارقة باتجاه مبنى مجلس إقليمي، قبل أن تطلق الشرطة ليلاً الغاز المسيل للدموع على "مثيري شغب مفترضين" قطعوا أحد الطرق.
واشتبك عناصر من الشرطة مع متظاهرين اتهمتم الشرطة بمحاولة جرهم إلى حرم طلابي في جامعة "باندونغ" الإسلامية "والتحريض على الاضطرابات"، بحسب ما قال المتحدث باسم شرطة جاوا الغربية هندرا روتشمان في بيان الثلاثاء.
وعلى منصات التواصل الاجتماعي، اتهم بعض المستخدمين الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على الحرم الجامعي واقتحامه.
وأكد هندرا أن "عناصر الشرطة بقوا على مسافة 200 متر تقريباً عن الحرم، ولم تطلق أية أعيرة باتجاهه".
ونفت الجامعة خلال مؤتمر صحافي، أن يكون طلابها قد حرضوا على أي اضطرابات.
وتظاهر الآلاف أيضاً في باليمبانغ بجزيرة سومطرة، وتجمع مئات بصورة منفصلة في بانجارماسين بجزيرة بورنيو، ويوغياكارتا بجزيرة جاوا، وماكاسار بجزيرة سولاويسي.
وفي مدينة غورونتالو بجزيرة سولاويسي، اشتبك المتظاهرون مع الشرطة التي ردت بالغاز المسيل للدموع ومدافع المياه.
وقالت نائبة مدير قسم آسيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش" ميناكشي غانغولي، إن قوات الأمن "تصرفت بصورة غير مسؤولة بتعاطيها مع الاحتجاجات على أنها أعمال خيانة أو إرهاب"، ودعت إلى التحقيق مع أي ضباط متورطين في أعمال العنف.
وخشية وقوع مزيد من الاضطرابات، علقت منصة "تيك توك" التي تضم أكثر من 100 مليون مستخدم السبت ميزة البث المباشر "لبضعة أيام" في إندونيسيا.
وتظاهر آلاف الأشخاص في مدن إندونيسية عدة اليوم الإثنين في ظل تشديد السلطات إجراءاتها الأمنية ونشر الجيش في العاصمة جاكرتا في خضم اضطرابات عنيفة أسفرت عن مقتل ستة أشخاص ودفعت الرئيس برابوو سوبيانتو إلى اعتماد تدابير أكثر حزماً.
وتجمع نحو 500 متظاهر بعيد ظهر الإثنين أمام مقر البرلمان في العاصمة وسط انتشار عشرات الجنود، قبل أن يتفرقوا عصراً من دون وقوع حوادث. وحذر الرئيس سوبيانتو في وقت سابق من أن التظاهرات يجب أن تنتهي قبل غروب الشمس.
مواجهات وقنابل مولوتوف
وفي غورونتالو بجزيرة سولاويزي، اندلعت مواجهات بين متظاهرين والشرطة التي ردت باستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، حسبما أفاد صحافي من وكالة الصحافة الفرنسية.
أما في باندونغ بجزيرة جاوة، فألقى متظاهرون زجاجات حارقة (مولوتوف) وألعاباً نارية على مبنى المجلس الإقليمي.
وفي بالمبانغ بجزيرة سومطرة، نزل الآلاف إلى الشوارع احتجاجاً، بينما شارك المئات في تجمعات في جزيرة بورنيو ومدينة يوغياكارتا (وسط)، وفقا لصحافيي الوكالة الفرنسية.
وقال الطالبة نافتا كيسيا كيماليا، أثناء مشاركتها في التحركات، "هدفنا الرئيس هو إصلاح البرلمان. نأمل أن يأتي النواب للقائنا. نريد التحدث إليهم بشكل مباشر"، مضيفة، "هل يريدون الانتظار حتى فرض الأحكام العرفية؟".
إلغاء امتيازات مخصصة للمسؤولين
وأجبرت الاحتجاجات التي بدأت الإثنين الماضي رفضاً لامتيازات مالية مخصصة للمسؤولين، خصوصاً بدلات السكن للنواب، الرئيس على إلغاء جزء منها، كما يندد المحتجون بالصعوبات الاقتصادية.
وبدأت الاحتجاجات بشكل سلمي واتسع نطاقها لتطال مدنا رئيسة بما فيها العاصمة، وشهدت أعمال عنف عقب انتشار فيديو يظهر مركبة للشرطة تصدم "دراجة نارية أجرة" في جاكرتا وتدهس سائقها الشاب خلال تظاهرات للاحتجاج على الأجور المنخفضة والمخصصات للمسؤولين.
وتعد هذه الاحتجاجات الأكبر والأكثر عنفاً منذ تولي برابوو سابيانتو السلطة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وسعى الرئيس أمس الأحد إلى الاستجابة لمطالب المحتجين عبر إعلان إلغاء جزء من المخصصات المقدمة لأعضاء البرلمان، والتي قوبلت باعتراضات شديدة.
الرئيس يندد بالمحتجين
وزار برابوو الإثنين رجال شرطة أصيبوا في أحد المستشفيات ودان المتظاهرين بشدة، وبينما أكد أن "الحق في التجمع السلمي يجب أن يُحترم ويُحمى"، أبدى حزماً كبيراً وقال إن "القانون ينص على أنه إذا أردت التظاهر فيجب أن تطلب إذناً، على أن تنتهي التظاهرة عند الساعة السادسة مساء".
وأثار مقتل سائق الدراجة النارية الشاب الخميس الماضي غضباً عارماً في صفوف المحتجين انعكس عنفاً في الاحتجاجات والاحتكاكات مع قوات إنفاذ القانون.
محاسبة الشرطة
من جهته قال المسؤول في الشرطة الوطنية أغوس ويجايانتو اليوم إن تحقيقاً كشف عن ارتكاب شرطيين أفعالاً إجرامية، مضيفاً أن العنصرين اللذين سيمثلان أمام المحكمة الأربعاء "قد يجري فصلهما".
وجرى توقيف سبعة من عناصر الشرطة،
وأقامت الشرطة حواجز في أنحاء عدة من جاكرتا الإثنين بعدما أفاد المتحدث باسمها أمس الأحد، بأن عناصرها يقومون بدوريات لـ "حماية المواطنين".