اخر الاخبار

العربي الجديد

إتاوات ورسوم مالية خلافاً للقانون تفرضها مليشيات ومكاتب اقتصادية تابعة لمتنفذين مقابل السماح بنقل المحاصيل الزراعية وبيعها، هذا ما يؤكده فلاحون ومزارعون من مناطق غربي محافظة نينوى، 450 كيلومتراً شمالي بغداد، وصفوا ما يحدث معهم بالابتزاز وفرض الإتاوات في وضح النهار وأمام أنظار الحكومة.

عشرات الفلاحين العراقيين من مناطق غرب الموصل التي تضم بلدات (ربيعة وتلعفر والبعاج وسنجار) يشكون من فرض جهات متنفذة مرتبطة بمكاتب اقتصادية للمليشيات العراقية رسوماً مالية عليهم، مقابل السماح لهم بإدخال المحاصيل الزراعية إلى الموصل ونقلها إلى مناطق أخرى وبيعها، مؤكّدين أن تلك الجهات قامت بنصب حواجز تقوم من خلالها بفرض الإتاوات التي تصل إلى أكثر من 400 ألف دينار (نحو 300 دولار) على كل سيارة شحن مُحمّلة بالمحصول. وقال المزارع برزان الشمري من ناحية ربيعة لـ "العربي الجديد": إن "أحد الأشخاص قام بإنشاء علوة (مكان بيع الخضار بالجملة) في ناحية ربيعة، ثم قام بفرض رسوم خلافاً للقانون على الفلاحين، رغم عدم بيع محاصيلهم فيها، وهو خلاف لما هو معمول به أو متعارف عليه".

وأوضح أن أشخاصاً يتبعون المستثمر، وهو قيادي بارز في مليشيا مسلّحة، قاموا بنصب حواجز على الطريق الرابط بين مناطق غرب نينوى والموصل، لفرض تلك المبالغ على السيارات، وبعد الشكوى عليهم لدى القضاء جرى التدخّل قبل أيام، وبعد ذلك اختفت تلك الحواجز، ولكن فوجئ الجميع بظهور أتباعه داخل الحاجز الرئيسي التابع للأجهزة الأمنية المعروف باسم (بوابة الشام)، وقاموا بفرض الإتاوات على المزارعين من داخل نقطة التفتيش، مشيراً إلى أن تدخل شخصيات عشائرية وتواصلهم مع القضاء أدى إلى إبعاد هؤلاء الأشخاص من المكان ومنعهم من فرض الرسوم، مؤكداً أن هؤلاء الأشخاص عادوا للظهور لابتزاز الفلاحين، فيما تجرى محاولات من المستثمر المدعوم من جهات متنفذة لإعادة فرض الإتاوات عبر نقاط التفتيش مرة ثانية.

مسؤول محلي في محافظة نينوى قال لـ "العربي الجديد" إن عدداً من النافذين في فصائل مسلحة، يحملون صفة مستثمر أو مكتب اقتصادي، يتولون عمليات ابتزاز للفلاحين، وحتّى التجار الصغار بالمحافظة، لكن الوضع في مناطق غرب نينوى أكثر وضوحاً، بسبب بعدها عن وسائل الإعلام. وأضاف أن "المستثمرين المرتبطين بالمليشيات والجماعات المسلحة يحصلون على عقود المناقصات والمزايدات بفعل تأثير السلاح في المحافظة، وهذا أثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي والسوق عموماً في المحافظة التي تحوي أكثر من أربعة ملايين نسمة.

وحصل عضو بارز مرتبط بمليشيا "عصائب أهل الحق" على عقد استثمار سوق الجملة للخضار المعروف محلياً بـ"العلوة"، مقابل مبلغ مليار و700 مليون دينار، وبسبب نفوذه بات يفرض رسوماً إضافية على الفلاحين والباعة بشكل أثّر على سعر البضائع الواصل للمستهلك، وكشف المصدر عن أن مجموعة من الفلاحين وسائقي سيارات نقل المحاصيل رفضوا دفع مبالغ مالية فتعرضوا لإطلاق نار من قبل عناصر تابعين لهذا المستثمر المحمي بقوة الفصائل ونفوذها.

 

إتاوات وعزوف عن الزراعة

إلى ذلك، يؤكّد المزارع علي النايف أن فرض الرسوم عليهم من قبل أحد المستثمرين المتنفذين تسبب بخسائر كبيرة لهم، فيما لوحوا بالعزوف عن الزراعة في المواسم المقبلة في حال استمر فرض تلك الرسوم عليهم. وقال النايف لـ"العربي الجديد": إن "الفلاح يعاني من غياب الدعم الحكومي من جهة وغياب القوانين التي تحمي المنتج المحلي، وإضافة لذلك تفرض الإتاوات على الفلاحين، الأمر الذي ألحق بهم خسائر مالية، ولم يقدر الفلاحون بسببها على تسديد ما عليهم من ديون لقاء زراعة تلك المحاصيل"، ووجه الفلاح دعوة للسلطات العراقية إلى التدخل لإنقاذ الزراعة والفلاحين ووقف عمليات الابتزاز التي تطاولهم والإتاوات التي تفرض عليهم وتقديم الدعم اللازم لهم أسوة بمزارعي إقليم كردستان.

ووصف عضو مجلس محافظة نينوى سعدون الشمري فرض الرسوم على الفلاحين بذريعة خدمات يقدمها مستثمر العلوة في ناحية ربيعة بأنها "خاوة" و"إتاوات" تفرض على أهالي نينوى في وضح النهار. وقال الشمري لـ "العربي الجديد": إن "ابتزاز الفلاحين وفرض الإتاوات عليهم مستمر رغم محاولات عدة من نواب ومسؤولين وقفها"، مؤكداً ضرورة أن تتحرك السلطات المحلية في نينوى والمركزية في بغداد لإنقاذ الفلاحين الذين يجبرون على دفع الإتاوات، بينما يمنع الرافضون لدفع تلك المبالغ من بيع المحاصيل أو دخول الموصل لنقلها، محذراً من أن استمرار تلك الأمور يؤدي إلى انعدام ثقة المواطنين بالسلطات الحكومية بوصفها عجزت عن حمايتهم وحماية أموالهم.

والشهر الماضي، كشف النائب عن نينوى أحمد الجبوري عن تورط جهات متنفذة مرتبطة بفصائل مسلحة بابتزاز أصحاب المصانع والصناعيين في مناطق قضاء تلكيف شمال شرق الموصل، وهي المنطقة الخاضعة لسيطرة ميليشيا بابليون بزعامة ريان الكلداني.