أ ف ب
يترقّب الجميع في لبنان الاجتماع المصيري الذي تعقده الحكومة الثلاثاء، برئاسة الرئيس جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، والذي سيتناول للمرة الأولى إدراج ملف حصر سلاح حزب الله بيد الدولة اللبنانية.
ويُتوقع أن تكون النقاشات ساخنة نظرا لحساسية الموضوع من جهة، ورفض حزب الله تسليم سلاحه للدولة، طالما بقيت إسرائيل تحتل أراضي لبنانية، من جهة أخرى.
وفي حال سارت الأمور كما هو مخطط، فإن جلسة الثلاثاء، ستكون منصة لنقاش تمهيدي حول خطة تمتد لخمسة أشهر تهدف إلى نزع سلاح حزب الله تدريجيا، بدءا بالأسلحة الثقيلة، مرورا بالمسيرات، وصولا إلى الأسلحة الخفيفة.
يأتي هذا الاجتماع في ظل ارتفاع الضغوط الدولية على حزب الله وحليفته إيران، خصوصا من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل.
كما أنه يمثل أول مرة يتم فيها التباحث بشكل رسمي حول نزع سلاح حزب الله، منذ اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية.
حصر السلاح بيد الدولة فقط؟
وسبق هذه الجلسة الحكومية خطاب للرئيس اللبناني جوزاف عون، قال فيه:"الدولة ملتزمة بسحب سلاح جميع القوى المسلحة، ومن ضمنها حزب الله، وتسليمه للجيش".
كما جدد التزام بلاده "ببسط سلطة الدولة على كافة الأراضي اللبنانية وسحب السلاح من جميع القوى المسلحة"، داعيا في الوقت ذاته الأحزاب اللبنانية واللبنانيين جميعا إلى "اقتناص هذه الفرصة التاريخية".
وقال بهذا الخصوص: "ندفع من دون تردد باتجاه التأكيد على حصرية السلاح بيد الجيش والقوى الأمنية".
الجدير بالذكر أن المبعوث الأمريكي إلى سوريا ولبنان، توم باراك، كان قد صرّح في يوليو/تموز الماضي بأن هناك إمكانية أن "يزول لبنان في حال لم يُنزع سلاح حزب الله"، مضيفا في مقابلة مع صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية: "لبنان يواجه حاليا مشكلة وجودية.
هناك من جهة إسرائيل، ومن جهة أخرى إيران، واليوم سوريا أيضا. فإذا لم يتحرك لبنان بسرعة، قد نشهد عودة ما يسمى ببلاد الشام".
وما يقصده باراك "ببلاد الشام" هو المنطقة التي تضم كلا من الأردن وسوريا وفلسطين ولبنان.
كما اقترح أن تتولى الولايات المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية تقديم المساعدة للبنان في عملية نزع سلاح حزب الله.
لكن تصريحات الموفد الأمريكي قوبلت برفض من حزب الله وبعض القوى السياسية اللبنانية، الذين اعتبروها تدخلًا "سافرا" في الشؤون الداخلية اللبنانية.
من جهته، اشترط كل من حزب الله وحركة أمل التي يتزعمها نبيه بري مشاركتهما في الجلسة الحكومية اليوم، بمعرفة مسبقة للنتائج التي ستترتب عنها، دون أن يقدما موافقتهما الكاملة على المشروع الحكومي.
وفي هذا الصدد، قال الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، خلال خطاب أمام أنصار الحزب في الضاحية الجنوبية: "السلاح الذي معنا هو لمقاومة إسرائيل، وليس له علاقة بالداخل اللبناني".
وأضاف:"السلاح الذي نملكه هو قوة للبنان، ونحن مستعدون لمناقشة كيف يمكن أن يكون هذا السلاح جزءا من قوة لبنان".
شروط حزب الله
وفي تصريحات أخرى، شدد قاسم على أن "تسليم سلاح حزب الله يخدم المشروع الإسرائيلي"، مشيرا إلى أن "كل من يطالب اليوم بنزع السلاح، سواء داخليا أو خارجيا أو عربيا أو دوليا، فهو يخدم المشروع الإسرائيلي"، مؤكّدا أن الحزب "يشترط انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان ووقف ضرباتها قبل الدخول في أي حوار بشأن مصير سلاحه ضمن استراتيجية دفاعية".
وترى رامتان عوايطية، وهي محللة سياسية في قناة فرانس24 ومختصة في الشؤون الدولية، أن "مجرد تنظيم اجتماع لبحث سبل نزع السلاح من حزب الله هو حدث تاريخي لم يكن أحد يتوقعه"، مشيرة إلى أنه "في حال تم التوصل إلى ذلك، فهذا يعني وفاة هذا الحزب عسكريا، وبالتالي فقدانه لنفوذه داخل الدولة اللبنانية".
"غالبية اللبنانيين تريد نزع سلاح حزب الله"
وتابعت:"لم يكن بالإمكان الحديث عن نزع سلاح حزب الله لولا مقتل حسن نصر الله، وسقوط بشار الأسد، وتراجع تأثير إيران في المنطقة. حزب الله كان دولة داخل الدولة. فتسليم سلاحه يعني التوقيع على شهادة وفاته".
من جانبها، اعتبرت يارا أبو عقل، وهي صحفية لبنانية في جريدة "لوريان لوجور"، أن "مجرد تنظيم الحكومة اللبنانية جلسة لبحث تداعيات نزع سلاح حزب الله هو أمر مهم وربما تاريخي"، مشيرة إلى أن موقف الحزب من هذا الملف يتسم "بالتذبذب"، فهو يطالب أولا بتكثيف الضغوط على إسرائيل لكي تنسحب من المواقع اللبنانية الخمسة التي تحتلها.
وفيما يخص ما يريده اللبنانيون فعليا، أضافت الصحفية اللبنانية: "طبعا أنصار حزب الله يرفضون تسليم السلاح، ويقولون إنهم بحاجة إلى المقاومة، لكن الغالبية العظمى من اللبنانيين يصطفون خلف الحكومة. فهم يريدون أن تبقى السيادة بيد الدولة، وأن يكون السلاح حكرا عليها".
وأوضحت يارا أبو عقل "جميع الميليشيات المسيحية التي تقاتلت خلال الحرب اللبنانية (1975-1990) سلّمت سلاحها للدولة وانخرطت في العمل السياسي".
وختمت قائلة: "حزب الله خسر كثيرا في الحرب الأخيرة، وفي حال تم نزع سلاحه، فسيخسر أكثر من ذلك".