اخر الاخبار

قال نواب ومراقبون، ان القوى السياسية المتنفذة “صدعت رؤوسنا” قبل تشكيل الحكومة الحالية بان مصير البلد مالياً مرهون بتجاوز عقبة حكومة تصريف الاعمال، وضللت الناس بأنه في حال عدم تشكيل حكومة جديدة، لن تكون هناك رواتب ولا عمل ولا كهرباء ولا ماء، في محاولة لخداع الشعب، وتمرير كابينة وزارية وفق مقاسات الكتل المتنفذة المتحاصصة.

فيما اعتبر معنيون، ان تداعيات تأخر إقرار قانون الموازنة العامة للعام 2023، من شأنها ان تخلق المزيد من العراقيل امام اصلاح الوضع الاقتصادي وتعزيز الفساد في البلاد، خاصة بعد الازمة الاقتصادية التي مر بها العراق جراء انخفاض أسعار النفط.

غياب التفاصيل!

ويُشير عضو اللجنة النيابية البرلمانية جمال كوجر، الى عدم اطلاع أعضاء لجنته على تفاصيل مسودة مشروع قانون الموازنة الجديدة، مردفا ان “الملف يعتبر قضية حصرية داخل لجنة في مجلس رئاسة الوزراء، ولم تصل الى مجلس النواب أي تفاصيل بشأنها”.

وعن أسباب التأخير، يبرر كوجر في حديثه لـ”طريق الشعب”، ذلك بـ”عمر الحكومة القصير، والتي تشكلت في وقت متأخر، كما ان النفط يشهد تذبذبا في أسعاره، مع وجود خلافات بين الإقليم والعاصمة بغداد بشأن بعض البنود في الموازنة”.

تعزيز لمنظومة الفساد

من جهته، يقول أستاذ العلوم السياسية الدكتور عامر حسن فياض لـ”طريق الشعب”، ان “قانون الموازنة المالية هو استحقاق وطني واجب التشريع سنويا، وان أي تخلف او تأخير في اقراره دليل على عدم احترام القوانين والمبادئ الوطنية خاصة تلك المتعلقة بحياة المواطنين واقتصاد البلاد”، محملا “مجلس النواب والجهات المتنفذة مسؤولية المماطلة والتأخير في إقرار الموازنة”.

وعن تداعيات التأخير في إقرار الموازنة يفيد الدكتور فياض بان “الاستمرار في ذلك يؤدي الى خلق المزيد من المعرقلات امام عمليات الاستثمار، وبالتالي جعل اقتصاد البلاد استهلاكيا غير منتج، إضافة الى تعزيز عمليات الفساد التي تهيمن على كافة قطاعات الدولة”.

ويؤكد ان “استمرار الجهات المعنية في مماطلتها بإقرار مشروع قانون الموازنة دليل على سعيها بتجاه تعزيز منظومة الفساد وعدم اكتراثها لمتطلبات المواطنين والعمل بمسؤولية حس وطني، يصب في مصلحة الجميع”.

صراع المغانم.. يؤخرها

بدوره، لا يستبعد الخبير الاقتصادي أحمد خضير إمكانية تأخر إقرار الموازنة الى مطلع شهر نيسان من العام المقبل.

ويقول خضير في حديث لـ”طريق الشعب”، إنّ “الحكومة لن تتمكن من ارسال مشروع القانون الى مجلس النواب، قبل بداية العام الجديد”، مشيرا إلى ان “المناكفات بين المتنفذين والصراع على المغانم يعرقل إقرار القوانين ذات الأهمية البسيطة، فكيف الحال والحديث عن الموازنة”.

ويضيف أن “النقاشات داخل مجلس النواب قد تستمر طويلا لوجود كمية هائلة من الوعود التي اطلقتها الحكومة والجهات السياسية للمواطنين، وعدم الإيفاء بها يسبب مشكلة كبيرة للجميع”، كاشفا عن ان “المعلومات المتوفرة تفيد مبالغ الموازنة سوف تتراوح بين 130 ـ 140 ترليون دينار مع تحديد سعر برميل النفط بحدود 65 دولارا”.

ويتابع أن “70 في المائة من الموازنة سوف تخصص للتشغيلية، فيما المتبقي منها يذهب الى الاستثمارية ما يعني عدم إمكانية إيجاد حلول لمشاكل قطاعات الخدمات والكهرباء والصحة”، منوها بأن “أموال الموازنة الاستثمارية خصص منها 17 في المائة فقط الى المحافظات والباقي الى الوزارات، ما يعني ان المحافظات التي لا تملك موردا اخر مثل البترودولار والكمارك ستعاني من قلة المشاريع”.

ملف شائك

وفي السياق، يقول الخبير الاقتصادي مصطفى حنتوش، ان “موضوع الموازنة من الملفات الشائكة حاليا، كونه مرتبطا بسعر النفط، الذي يشهد تذبذبا حاليا”، مشيرا إلى ان “هذا أحد التحديات التي تقف امام إقرار الموازنة”.

ويضيف حنتوش في حديثه لـ”طريق الشعب”، أن “فائض خزينة الدولة يقدر بأكثر من ثلاثين تريليونا، بينما الموازنة التي تسبقها تقدر قيمة الفائض فيها بمئة وسبعين تريليونا”.

ويشير حنتوش إلى انه “لا توجد مشاريع استثمارية جديدة، وهذا يعد خطأً كبيرا”، متوقعا ان تشهد أسعار النفط تذبذبا أكبر في العام المقبل، وبالتالي فان ذلك يفرز تلكؤا ملحوظا في المشاريع الاستثمارية التي من المحتمل أن تعمل عليها الحكومة بعد إقرار الموازنة.

ويقترح المتحدث أن يجري “حفظ الموازنة في صندوق استراتيجي تحت اشراف وزارة التخطيط”، لكنه يردف كلامه بأن هذه الوزارة “تحاول مجاملة الأحزاب والمسؤولين والشخصيات السياسية لأجل منح بعض المحافظات مشاريع خاصة على حساب الخزينة العامة”.

ويحذر من أن “ادخال البرنامج الحكومي في الموازنة يشكل تعقيدا، كونه يتضمن خمسمائة ألف قطعة ارض، مع العديد من الملفات الأخرى التي تحتاج الى تمويل كبير”.

وفي ختام حديثه، يخلص حنتوش الى القول “ننتظر اقرار الموازنة، فمن المتأمل ان تمرر عبر البرلمان قبل الشهر الثالث من العام 2023، بسبب خلافات كثيرة وصراعات بشأن الفائض في الموازنة”.