اخر الاخبار

فيروس نظام المحاصصة مرض متجذر في عمل مؤسسات الدولة ومفاصلها كافة، وكان لمطار بغداد الدولي حصة منه، حيث يحاصره الفساد الإداري، بأشكاله المتعددة، والفساد المالي، الى جانب غياب التخطيط، بينما كانت للخلافات السياسية، أثر سلبي واضح على أداء عمل المطار.

فساد المطار مرتبط بالمحاصصة

ويعتبر قيصر احمد، مفتش عام وزارة النقل السابق، ان “جذور الفساد في مطار بغداد ليست بالشيء الجديد، ولا وليد هذه المرحلة، انما هو ككرة الثلج بدأت وتركت، لتتحول الى كرة جليدية كبيرة”. يذكر أحمد في حديثه لـ “طريق الشعب”، ان “السبب الرئيس للفساد في المطار هو وجود نظام المحاصصة. ليس هناك ضير بالانتماء السياسي او العمل فيه، لكن لا بد ان يكون هذا العمل خارج إطار المؤسسة التنفيذية التي تمثل العراق بصورة عامة”، مشيرا الى ان “العمل في مجال وزارة النقل بصورة عامة ومجال الطيران هو عمل تخصصي، كونها قطاعات تخضع لقوانين وبروتوكولات واتفاقيات دولية ولا علوية عليها، أي ان القانون المحلي ينظم عمل هذه المؤسسات على ان لا يتعارض ويتقاطع مع القوانين والأنظمة والضوابط للاتفاقيات الدولية”. ،ويضيف ان “برامج العمل في هذا المؤسسات ينبغي ان تكون بمستوى عمل دقيقي ومنضبط في التوقيتات التي لا تقبل نسبة خطأ طفيف”. ولضرورة دقتها شبهها بـ”العمليات الجراحية”.

الانتماءات الشخصية

الانتماء السياسي لا يعتبر “سبة”، انما ينبغي ان يكون مسؤولية، لا ميزة تستغل بالعمل لتكون تحت مظلة حزب او جهة لها تاريخها وتضحياتها، والتي بدأت تستغل لتأجير مصالح البلد وفق امزجة بعض الشخصيات، فعلى ممثلية الكتل السياسية ان يختاروا مرشحيهم لإدارة مفاصل الدولة بدقة، حيث سيكونون واجهة ومعيار نجاحهم او فشلهم، بحسب ما بين المفتش.

عقود مزورة

وعن احد ملفات الفساد في مطار بغداد الدولي، يذكر انه “يتم انشاء عقود استبدال الارضيات الخارجية مثلا لتكون بمواصفات عالية، واستخدام عناوين بارزة: “تامين حماية المطار”، في حين يتم جلب ارضيات بجودة اقل وبأسعار مختلفة عن بنود العقد المبرم”.

وفي سياق الحديث عن هذا العقد، يتحدث أحد موظفي مطار بغداد، رفض ذكر اسمه، حرصا على وظيفته، انه “تم ابرام عقد خلال شهر تشرين الثاني بقيمة اثنين وعشرين مليون دولار امريكي، لتأمين مطار بغداد الدولي، لمدة عام، من محطات الطيران، إلى المدرج ومحيط المطار، وبوابة دخول المركبات والموظفين وأمن الردهات وغيرها من تفاصيل يتضمنها العقد”.

ويوضح في حديثه لـ”طريق الشعب”، ان “هذه الشركة ليس لديها أعمال سابقة او عمل يماثل مجال أمن الطيران اضافة الى انها لا تملك رخصة بمزاولة العمل الامني من قبل وزارة الداخلية العراقية، ولا تملك مقراً داخل العراق، وإن لديها تعاملا مع اسرائيل عن طريق شركة بركات، فيما كانت هناك ضغوط تمارس من قبل مسؤول في المطار، لأجل التعاقد مع شركة (Biznisintel)”.

ان كل شيء ينشأ او يوضع في المطارات له مواصفات خاصة، حسب معايير تحددها منظمات السلامة الخاصة بالمطارات، وحتى السلك المعدني ينبغي ان يكون على مستوى معين بحيث لا يسمح بانعكاس الشمس ولو بمستوى قليل وكذلك الارضيات يجب ان تكون غير قابلة للاحتراق وغير قابلة لامتصاص الزيوت، لكن ما يحدث هو إيجاد منافذ للفساد من خلال اعلان عن عقود تحت عناوين مفبركة، بحسب ما اوضح قيصر احمد.

تزوير الحقائق

ويتابع انه “إضافة الى الفساد في عقود الارضيات، هناك مبالغ كبيرة صرفت على وضع تماثيل وتلاعب بملف موقع الشحن الجوي في مطار بغداد وغيرها”، لافتا الى ان “هذه الملفات عندما احيلت الى النزاهة ثم للقضاء ومحكمة الجنايات، تم ذلك بضغط مع قليل من التلاعب بتقارير هذه الملفات من قبل جهات متنفذه، وقد استطاعت تضليل القضاء وحماية المدانين”.

وطالب المتحدث الحكومة الجديدة، بان يعيد “منشأة الطيران المدني الى وزارة النقل وفصل قسم السلامة الجوية وربطه مع صلاحيات الوزير مباشرة، باعتباره المسؤول عن أداء الوزارة والعمل الرقابي فيها ورسم السياسات، لكون ان نجاح الوزارة من مصلحته ومرهون بارادته”.

ويوضح في حديثه، ان “منشأة الطيران المدني تم فصلها عن وزارة النقل تحت مسمى لا يجوز لمقدم الخدمة ان يكون مرتبطا بجهات مستفيدة من الخدمة، وان هذا القرار لم يكن مبنيا على غايات نبيلة او اهداف حقيقية تمس المصلحة العامة، انما جاء القرار بسبب ضغوط من صهر الوزير السابق”.

ويعتبر المفتش، ان هذا القرار جريمة يجب ان يتم التراجع عنها، كون ان هذا يعتبر استغلالا للمنصب واختراقا للقانون.

بعد الإقالة من سيحل مناصبهم؟

وفي وقت سابق، شهد مطار بغداد الدولي أكثر من حريق، وكنتيجة طبيعية لأحد الحريقين اللذين وقعا في صالات المطار الكبرى وامتدت نيرانهما إلى أجزاء اخرى داخل المطار، توقفت الرحلات الجوية مؤقتًا، وألغيت رحلات كان مخططاً لها بصورة مسبقة. فيما أشارت سلطات الدفاع المدني العراقية إلى أن الحادث لم يؤد إلى خسائر بشرية، وإنما خسائر مادية فقط.

ومباشرة أصدر رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، قرارًا بإعفاء كل من مدير عام سلطة الطيران المدني، ومدير مطار بغداد الدولي، ومدير أمن المطار، من مناصبهم الرسمية، بسبب حادثتي الحريقين.

العمل النزيه مرهون!

وحثّ المفتش على “ان يحل مكان الأشخاص الذين أقيلوا من مناصبهم، أشخاص ذوو خبرة في مجال الإدارة وان لا يكونوا خاضعين لجهات سياسية تؤثر على جودة عملهم، إضافة الى ان لا يكونوا اشخاصا جربناهم في ذات المناصب”.

ويردف ان “هناك مشكلة عندما يوضع شخص مستقل او منتم لحزب معين لكن يعمل بنزاهة وشفافية، تأتي الضغوط الحزبية لابتزازه، وهنا يوضع امام خيارين؛ اما ان يستقيل كما حدث كثيرا، او يخضع لمطالب الفساد”.