اخر الاخبار

بين الحين والآخر يعود موضوع إقرار قانون التجنيد الالزامي الى الواجهة، مع اعلان مجلس النواب ادراج مناقشة مسودة القانون في جلسته المقبلة.

نزع سلاح المليشيات وحظر نشاطهم

ويقول مراقبون، ان تشريع قانون مهم جداً، مع اهمية ان تقوم الحكومة بنزع سلاح المليشيات وتحظر نشاطهم، وان يكون الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى التي أشار لها الدستور، هي الجهات المسلحة الوحيدة المخولة بحمل السلاح.

مؤكدين ان مهمة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية هي الدفاع عن العراق وأمنه الداخلي واستقلاله وسيادته، وهي لا تتدخل في الشؤون السياسية والتداول السلمي للسلطة، مع إبعاد أي تأثيرات حزبية وسياسية عنها.

فيما اضاف ناشطون على ضرورة إن يُعاد بناء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، اعتمادا على معايير الكفاءة والمهنية والنزاهة والولاء للوطن، وان يجري الاهتمام بالمستوى الثقافي لأفراد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والتوعية بأهمية احترام المؤسسات الدستورية الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرياته، ولتعميق ولائهم للوطن والشعب.

فيما شدد آخرون الى اهمية ان يصدر القانون وفق أسس جديدة، تعزز روح المواطنة والولاء للوطن وخدمة الشعب.

اعداد الاجيال

واعتبر رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في تغريدة على تويتر أن المضي في تشريع قانون خدمة العلم يضمن إعداد جيلٍ من الشباب أكثر قدرة على مواجهة مصاعب الحياة. من جانبه، قال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول ان العراق بحاجة الى الخدمة الالزامية؛ فعندما يتعرض الوطن لخطر خارجي يجب ان تكون هناك قوات احتياط لدرء هذا الاخطر وبناء الروح الوطنية وصناعة الرجال.

وأوضح، ان القانون يقود ايضا الى توفير مردود مالي للعاطلين عن العمل حيث سيصل راتب المجند الى 700 ألف دينار عراقي شهريا (حوالي 500 دولار)، كما أنه سيندمج في الخدمة كل أبناء الوطن وينصهرون فيها.

وأكدت لجنة الأمن والدفاع النيابية، أن مشروع قانون خدمة العلم (التجنيد الإلزامي) سيطبق بعد سنتين من تشريعه في حال مُرر في مجلس النواب بصيغته الحالية، فيما فصلت فترات الخدمة بالنسبة للمكلفين حسب الشهادات.

وقال نائب رئيس اللجنة سكفان سندي، إن “المضي في تشريع مشروع قانون خدمة العلم عبر البدء بقراءته جاء بعد عقد اجتماعات متعددة ومطولة للجنة الأمن والدفاع النيابية ورأينا أنه يصب بمصلحة الشعب العراقي”.

وأضاف أن “تطبيق مشروع القانون سيتم في حال تشريعه بعد سنتين من نشره بجريدة الوقائع العراقية وفق ما جاء في نصه، بمعنى أنه سيكون هنالك متسع من الوقت من أجل تهيئة كافة مستلزماته المالية او من ناحية المعسكرات، وحتى الآن لم تبدِ الحكومة أو القادة العسكريين أية اعتراضات على تشريع القانون”.

حمل ثقيل على الموازنة

وذكرت مؤسسة “ستاتيسا” الدولية للإحصاء في تقرير لها، أن “اعداد الشباب الحالية يبلغ نحو أربعين بالمئة من مجموع سكان العراق البالغ عددهم 42 مليون نسمة، فيما تبلغ نسبة الشباب تحت سن الخمسة وعشرين عاما نحو ستين بالمئة من مجموع السكان بحسب تقرير “انقاذ الأطفال” الاممي الصادر في مارس من هذا العام”.

وأضافت ان “هذا الامر وضع حملا ثقيلا على الموازنة والحكومة التي فشلت في توفير فرص العمل للشباب بحسب ما بينت شبكة اراب نيوز الناطقة بالإنكليزية في تقرير لها، والتي وصفت حل مشكلة البطالة في العراق بانه بات “شبه مستحيل بالنظر الى الاعداد الكبيرة للشباب الذين يدخلون قوى العمل سنويا”.

طرق لإشغال الشباب!

من جهته أوضح مركز كاثام هاوس للأبحاث والدراسات أن “700 الف شاب عراقي يدخلون قوى العمل سنويا في سوق لا يملك مقومات توفير فرص العمل ضمن القطاع الخاص او العام بعد وصولهم سن البلوغ”، لافتاً الى أن هذه الاعداد ستشمل بقانون الخدمة الإلزامية كل عام بحسب المعلومات التي كشفت عنها لجنة الامن والدفاع”.

وأكد المركز في تقريره أن “غياب فرص العمل لــ “الاعداد الهائلة” للشباب قاد الى وقوع التظاهرات عام 2019 بسبب اليأس من وجود حلول حكومية فعلية لازمة البطالة وغياب نشاط القطاع الخاص”، مشيراً الى ان “التظاهرات فرضت على “النخبة السياسية” البحث عن طرق لأشغال الشباب العراقي بهدف ابقائهم بعيدين عن ساحات الاحتجاج والتظاهر والمطالبة بفرص العمل والسكن، في تضمين لقرار التجنيد الالزامي الذي يعتزم البرلمان تمريره الاحد المقبل”.

وتبلغ قيمة الرواتب الشهرية في حال تم تكليف سبعة مليون شاب بالخدمة الإلزامية نحو 4 ترليونات و200 مليار دينار عراقي، وبكلفة سنوية تبلغ 50 تريليونا و400 مليار دينار، فيما لو اخذ بنظر الاعتبار الفرق الجندري بين الجنسين والذي بينت الأمم المتحدة عام 2021 انه شبه متوسط حيث يوجد في العراق 102 شاب مقابل كل 100 فتاة، فان عدد المكلفين المتوقع الزامهم بالتجنيد الالزامي سيبلغ ما يقارب الثلاث مليون شاب وبكلفة سنوية تصل الى 20 ترليون  880 مليار دينار عراقي.

أفكار مستهلكة

وتساءل مدونون وصحفيون واقتصاديون على مواقع التواصل الاجتماعي حول جدوى إقرار القانون في بلد عجزت فيه المؤسسات الأمنية عن استيعاب من يروم التطوع فيها!

ويقول مؤمل جعفر: لا يُمكن أن تُحدد سلوكيات “الشباب” في العراقّ بفكرة مستهلكة ورجعية مثل فكرة التجنيد الإلزامي التي ستؤسس لجيل مُجرد من القيمّ المدنية المَرنة، مشيرا الى ان التجنيد الإلزامي لا يصنع رجالاً ولا يُهذب مُنحرفا ولا يُنمي من الواقع السيئ للشباب.

ويضيف، ان هُناك حلولا أكثر منطقية من هذا الذي يُعتقد بأنه حل. من واجب الحكومة عمومًا ووزارتي الشباب والرياضة والعمل والشؤون الإجتماعية معرفتها، مشيرا الى انه لو احتضنت هذهِ القوى التي يفترض بها أن تكون فاعلة في المجتمع، وقدرت مواهبها واستثمرت الطاقة الكامنة بداخلها، لما اضطررنا إلى أن نستعين بحلول ترقيعية مُخجلة.

اختياري ام اجباري

ويتساءل الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي عن أيهما افضل التجنيد الالزامي ام الاختياري؟

ويقول في منشور له على صفحته في فيسبوك، ان الامراء والأغنياء يدفعون البدل النقدي، والفقراء وحدهم من يشملهم التجنيد الالزامي، فهم وحدهم المعنيون بالوطن والقيم والمبادئ!

ويضيف أن عدد العاملين في الأجهزة الأمنية عدا البيشمركة يبلغ مليون 313 ألف منتسب وهذا العدد يكفي للدفاع عن البلد والمحافظة على أمنه، مبينا ان تخصيصات الانفاق العسكري في موازنة 2021 بلغت 19.7 ترليون دينار، فيما كانت حصة التربية والتعليم والصحة 7.335 ترليون دينار، ما يعني ان حصة الانفاق العسكري يفوق حصة الإنفاق الاجتماعي بنسبة 269 في المائة.

ويُشير الى انه في حالة تطبيق قانون التجنيد الالزامي سيزداد عدد العاملين بالاجهزة الأمنية بنصف مليون شخص على الأقل وسترتفع تخصيصات الانفاق العسكري بخمسة تريليونات دينار على الأقل، ليبلغ نحو 26 تريليون دينار، موضحا ان القانون سيعمق من عسكرة المجتمع وسيخفض من الانفاق الاجتماعي والاستثماري، فضلا عن كونه مدخلا جديدا للفساد في بلد اصبح الفساد فيه صلفا ووقحا، وتحول الى فرهود.

غير مدروس

وكتب الكاتب والصحفي فلاح المشعل في صفحته على فيس بوك، اعترض على مشروع قانون الخدمة الألزامية وتشريعه بهذا الوقت وذلك لعدة اسباب:

*غياب روح المواطنة ووحدة الهدف الوطني واستراتيجية بناء دولة وطنية عراقية تحقق مبدأ العدالة والمساواة للجميع .

*سقوط النظام السياسي الحالي بإعتماده المحاصصة الطائفية والعرقية والأثينية وتأسيس سلطة الأحزاب وليس سلطة المواطن.

*الأهم من كل ذلك غياب عقيدة السلاح وبالترافق مع غياب العقيدة الوطنية بحكم التوجهات العقيدية المتعددة الحاكمة وتفرقها بين ( شيعي وسني وكردي ) ،لكل منهم هدف ذاتي يعلو بل يمحو الهدف الوطني .

*وجود طبقة سياسية (حكومة+ برلمان) تحصد المكاسب المالية وتشكل طبقة الثراء المالي والنفوذ، ما يجعل أبنائهم خارج الخدمة الإلزامية سواء بالبدل النقدي أم تشريع قوانين لاحقه لإعفائهم، وبهذا تكون الخدمة الإلزامية محصورة بين أبناء الطبقة الفقيرة والمتوسطة. “ يعني ولد الخايبة فقط “.

*وجود قانون الخدمة الإلزامية يستدعي وجود دولة مستقرة ومؤسسات منضبطة نظيفة من الفساد وحاجة حقيقية للدولة ، وبحكم افتقاد البلد لهذه الشروط فأن وجود هذا القانون سيكون نافذة جديدة للفساد واثراء عدد من الضباط وضباط الصف على حساب الجندي .

*وجود نحو مليوني متطوع في العراق ما بين جيش وشرطة وحشد وبيشمرگة يزيد عن حاجة الدولة لإفراد جدد بالقوات المسلحة.

*الخدمة الإلزامية تحتاج بالضرورة وجود بنية تحتية من معسكرات تدريب وتجهيزات عسكرية ورواتب تدفع للملتحقين وكادر تدريبي ووسائل نقل وامكانيات أخرى ملحقة مثل الشؤون الادارية والتموين والنقل والطبابة وغيرها.

*ينبغي أن يتحرك الجميع لتأجيل هكذا تشريع غير مدروس