اخر الاخبار

مرّ أكثر من عام على إجراء الانتخابات التي انتهت الى إنعاش منهج المحاصصة، رغم ما سال من دماء مئات الشباب لأجل إنهائه وتخليص العراقيين من بلاءاته. لكن الكتل السياسية المتنفذة لم تجد معززا لمنظومتها غيره، وها هي تعتمد وتصر على آليات المحاصصة الفاشلة ذاتها في تشكيل الحكومة الجديدة، متجاهلة الإرادة الشعبية.

تسريبات من البرنامج الحكومي

وبعد شد وجذب بين رئاسة البرلمان والمكلف بتشكيل الحكومة، قررت الرئاسة عقد جلسة مجلس النواب اليوم الخميس للتصويت على الكابينة الوزارية، التي يبدو ان السوداني لن يستطيع اكمالها وقد تقتصر على تقديم 18 وزيرا وربما اقل، من اصل 23 قابلة للزيادة اذا اريد إرضاء الأطراف جميعا، وللتصويت كذلك على المنهاج الوزاري الذي تعهد السوداني من خلاله بإعادة النظر في جميع قرارات حكومة تصريف الأعمال اليومية، خصوصا الاقتصادية والأمنية والتعيينات، وصرف مستحقات البترودولار للمحافظات المنتجة للنفط والغاز، واجراء انتخابات مجالس المحافظات، فضلا عن  توحيد السياسة الجمركية في جميع المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية وغلق المنافذ غير الرسمية.

وشمل برنامج السوداني بحسب ما سرّب وتناقلته وسائل الاعلام، معالجة العمل بالوكالة في إدارة مؤسسات الدولة خلال فترة 6 أشهر من تشكيل الحكومة، والتأكيد على التنسيق بين حكومتي المركز والإقليم حول الملفات والقرارات التي تخص إقليم كردستان، مع الالتزام بتقديم ورقة إصلاحية اقتصادية شاملة مرتبطة ببرنامج تنفيذي محدد وضرورة التأكيد على انشاء الصندوق السيادي باعتباره صمام الأمان للاجيال القادمة.

كل شيء ممكن!

لكن الطموح شيء، والواقع شيء آخر؛ فقد كشف النائب عن ائتلاف دولة القانون عقيل الفتلاوي، عن وجود خلافات داخل الاطار التنسيقي حول مرشحي الوزارات، مبينا ان رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني سيجري عمليات حذف واستبدال لغاية فجر الخميس.

وقال الفتلاوي في حوار متلفز ان “اسماء الوزراء قابلة للاستبدال والحذف واضافة وزارات اخرى غير متفق عليها سيما مع استمرار حوار تشكيل الحكومة”، مضيفا ان السوداني يعتزم “دخول البرلمان غدا (اليوم) بنحو 18 وزارة على اقل تقدير”.

الكابينة المسربة “محبطة”

ويرى المحلل السياسي حسين الجاف، ان اختيارات الرئيس المكلف للتشكيلة الحكومية، وفقا للتسريبات، بعيدة عن طموح ومطالب الشعب العراقي.

وقال الجاف لـ”طريق الشعب”، انه “بعد اكثر من عام على انتهاء الانتخابات يأتي السيد السوداني بتشكيلة حكومية غير مكتملة النصاب اولا، وهم في ذات الوقت مجهولو الهوية المهنية”، موضحا ان “عناصر حكومة السوداني جرى اختيارهم ليس بناء على الهوية المهنية وانما بناء على تبعيتهم الحزبية والسياسية، وبالتالي اعادة ذات النهج الفاشل في ادارة البلاد وتعزيز قوى وعناصر الفساد التي تهيمن على البلاد منذ عقود”.

من جانبه، اكد الناشط المدني علي البهادلي، ان الممسكين بالسلطة يريدون إعادة عجلة الزمن الى الوراء في محاولة منهم لإعادة انتاج نفس أدوات الفشل التي كلفت البلاد الشيء الكثير.

وأضاف البهادلي في حديث لـ”طريق الشعب”، ان الكتل المتنفذة سوف تمضي بتشكيل الحكومة، لكنها لن تنجح في إدارة البلد لكونها تصر على اعتماد الفساد وتقاسم الغنائم كوسيلة وحيدة لادارة البلد، مشيرا الى انه من غير الممكن انتظار النجاح عبر إعادة تجربة ذات الأدوات الفاشلة التي تسببت بالويلات للعراقيين.

لا سلام بوجود سلاح منفلت

وفي السياق، اعتبرت مؤسسة “فريدريخ ايبرت-ستيفتوغ” الألمانية، أن السلام السياسي والاجتماعي المنشود في العراق، بعد عام من النضال من أجل تشكيل حكومة جديدة، لم يتحقق حتى الآن، مؤكدة أن تعزيز الديمقراطية هو التحدي الاكبر أمام العراقيين.

وذكرت المؤسسة في تقرير نشرته مجلتها “السياسة الدولية والمجتمع” (آي بي اس جورنال)، انه بعد اكثر من عام على الانتخابات، انتهى المأزق السياسي بانتخاب السياسي عبد اللطيف رشيد رئيسا للجمهورية حيث ادى اليمين وكلف محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة، لتكتمل بذلك ثلاثية نظام المحاصصة، مع وجود محمد الحلبوسي رئيسا للبرلمان.

واعتبر التقرير انه بغض النظر عن مدى طموحات الحكومة الجديدة، فإن العراق سيواجه قريبا تصعيدا جديدا في حال لم يتغير النظام بشكل جذري، محذرا من ان هناك اختلالاً وظيفياً متجذراً في النظام السياسي وهو يعيد إنتاج نفسه ويتسبب دائما في خلق عدم المساواة الاجتماعية المتزايدة مع الوقت.

وبيّن، أن هناك دائرة مستمرة من المحسوبية السياسية التي تخلق حالة استياء بين المستبعدين والمحرومين، وتولد خطر اندلاع الاشتباكات التي هزت العراق لسنوات طويلة.

وختم التقرير بالقول ان “السلام السياسي والاجتماعي المستدام لا يمكن ان يتحقق الا اذا تم وضع السلاح جانبا”، مضيفا انه طالما ظلت العناصر المسلحة تعمل كامتداد للاحزاب السياسية وتهدد النشطاء الديمقراطيين، فإن ذلك سيظل متعارضا مع الديمقراطية السليمة.