اخر الاخبار

عام مرّ بكامل أيامه على إجراء الانتخابات فما الذي تحقق؟ سؤال يطرحه الشعب العراقي فيما تواصل القوى المتنفذة التهرب من الإجابة عليه. فبرغم انقضاء ربع مدة الدورة البرلمانية الخامسة، لايزال البرلمان عاجزا عن أداء مهمتي التشريع والرقابة، بعد أن تحول المجلس التشريعي إلى ساحة صراع سياسي محتدم دون أن يكترث صناع القرار لخطورة ما يجري، متجاهلين الدعوات الواسعة إلى حلّ البرلمان وإعادة النظر في العملية السياسية بأكملها ومغادرة نهج المحاصصة.

انتخابات مبكرة خيبت الآمال

يقول الخبير في الشأن الانتخابي دريد توفيق: إن “الانتخابات المبكرة الأخيرة وعلى الرغم من الآمال الكبيرة التي كانت معلقة على نتائجها، لكنها جاءت مخيبة للآمال، بعدما عزز نواب البرلمان وقواهم السياسية ظاهرة الاستمرار في التجاوزات الدستورية والذهاب نحو انسداد سياسي خطير جدا”.

ويضيف توفيق لـ”طريق الشعب”، قائلا انه “على الرغم من الاشراف الدولي والقضائي على الآلية الانتخابية التي جرت، الا ان قوى الفساد تمكنت من تشتيت الأنظار عن تلاعبها وخصوصا عندما عطلت موادّ مهمة من قانون الانتخابات مثل المادة رقم 13 التي تتعلق بكوتا الأقليات”.

وعن الدعوات لإجراء انتخابات مبكرة جديدة، يؤكد توفيق “وجود أولويات ضرورية يجب حسمها إذا أصبحت الانتخابات المبكرة أمرا واقعا، منها استعادة المنظومة الانتخابية لثقة الشارع وهذا يتطلب حوارا سياسيا ووضع برامج واضحة وهادفة من قبل جميع القوى”.

وعن قانون الانتخابات شدد الخبير على ضرورة “اجراء التعديلات القانونية التي تضمن التمثيل العادل لجميع طوائف واقليات البلاد”.

عملية سياسية بخدمة المتنفذين

ومع مرور عام كامل على اجراء انتخابات اعقبت مجازر بشعة بحق المنتفضين، ونتائجها المخيبة والفاشلة، سارعت القيادات السياسية والرئاسات إلى إصدار بيانات تتحدث عن عموميات بعيدة عن جوهر الأزمة.

وبحسب بيان رئيس الوزراء، فأن أهم بند في برنامجه الحكومي هو “الانتخابات” التي وصفها بالنزيهة والمهنية، رغم المقاطعة الشعبية الواسعة التي مُنيت بها والنتائج الكارثية التي أسفرت عنها وتعطيل البلد حتى الآن في برلمان ميت سريريا، وعاجز عن القيام بمهامه.

من جانبه، اعتبر رئيس الجمهورية ذكرى الانتخابات “تذكيرا قاسيا بما فاتنا من فرص لبلدنا”، مضيفا “آن الأوان لإنهاء دوامة الازمات والتأسيس لحكم رشيد” وذلك بحسب تغريدة له على منصة “تويتر” الإلكترونية.

أما الكاتب والسياسي حمزة مصطفى، فيقول إن الكتل التي حصلت على مقاعد نيابية في الانتخابات الأخيرة، لم ترتق إلى مستوى المسؤولية في البلاد، انما بقيت تراوح في مكانها، لافتا إلى أنّ خلافات هذه الكتل من أجل الحصول على المكاسب الخاصة والضيقة غلبت على المهمة الأساسية للبرلمان المتمثلة بإدارة البلاد والعبور به إلى بر الأمان.

وعن المطالبة بإجراء الانتخابات المبكرة، يرى مصطفى خلال حديثه لـ “طريق الشعب”، انه “لا جدوى من اجرائها بذات الطريقة التي تعيد انتاج الفساد والفاسدين”، مبينا أن “الانتخابات هي وسيلة وليست هدفا، لذلك لا بد من إعادة النظر في هذا الأداء السياسي ووضع برامج ورؤى سياسية شاملة وتمتلك بعد نظر لما يجري بالبلاد، وهي بالتأكيد برامج لا تأتي سوى من القوى الوطنية”.

انتخابات بلا جدوى

من جانبه، يؤكد الخبير السياسي مازن الفيلي عدم جدوى الانتخابات المبكرة التي يتمخض عنها الفساد من جديد، وعوامل الانسداد السياسي.

ويقول الفيلي لـ”طريق الشعب”، أن “عاما كاملا مرّ على الانتخابات النيابية ولكن الأزمة السياسية مستمرة إلى يومنا هذا برغم الوعود الكثيرة التي قدمتها القوى السياسية، لذلك فإن أي انتخابات تجري سواء كانت مبكرة أم غير ذلك، لا تجدي نفعا وفق هذه العوامل”، مضيفا أنه “لا بد من أن تكون هناك خطوات سياسية عبر وضع برامج واهداف ورؤى موحدة من قبل القوى الوطنية التي تحظى بمقبولية وثقة الشارع العراقي من أجل المشاركة بالانتخابات وأخذ دورها”.

ويلفت الفيلي الى ان المنظومة الانتخابية في البلاد “بحاجة الى من يعيد الثقة فيها، خاصة وان الانتخابات الأخيرة شهدت عزوفا غير قليل من المواطنين عن التوجه الى مراكز الاقتراع والادلاء بأصواتهم الانتخابية”.

وضمن ردود الفعل السياسية على هذه المناسبة، حمّل بيان رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي لهجة تحذيرية حادة؛ اذ حذر من ثورة شعبية وتدويل الحالة العراقية في حال استمرار الأوضاع السياسية الحالية.

العبادي قال في نص بيانه: “يؤسفني الحديث بلغة التحذير، لكن على الساسة إدراك، أنّ الاستمرار بتعطيل الدولة ينذر بثورة شعبية، وبتدويل الحالة العراقية وهو ما لا يرضاه العراقيون”. ويأتي تحذير العبادي بالتزامن مع التحذيرات المتكررة من إمكانية تدويل الوضع العراقي.

في هذه الاثناء أصدرت بعثة الأمم المتحدة “يونامي” بيانا لم يختلف كثيرا عما جاء في احاطة رئيسة البعثة جينين بلاسخارت أمام مجلس الأمن الدولي، مؤكدة على الانخراط في حوار دون شروط مسبقة والاتفاق بشكل جماعي على النتائج الرئيسة من خلال تقديم تنازلات تعيد التأكيد على هدفهم المعلن ألا وهو تلبية احتياجات الشعب العراقي.

يونامي وفي نبرة تحذيرية واضحة قالت: “اليوم ليس لدى العراق الكثير من الوقت. فالأزمة التي طال أمدها تنذر بمزيد من عدم الاستقرار والأحداث الأخيرة دليل على ذلك. وتهدد أيضا سبل عيش المواطنين. وعليه، يمثل إقرار ميزانية 2023 قبل نهاية العام امرا ملحا”.

ورغم مرور عام على الانتخابات وما قابله من غضب شعبي وتحذيرات سياسية ودولية من الاستمرار بهذا النهج، لكن أية بوادر مبشرة لا تلوح في الأفق، ما دعا الكثير من المهتمين بالشأن السياسي الى التوقع بأن تكون هناك انتفاضة قادمة أو حراك شعبي كبير، لأن السكوت على الوضع الحالي بات أمرا مستحيلا.