اخر الاخبار

لمناسبة الذكرى الثالثة لانطلاق انتفاضة تشرين الباسلة، واستذكارا حراك القمصان البيض الطلابي والذي كان علامة احتجاجية فارقة، أجرت “طريق الشعب” حوارات مع عدد من طلبة الجامعات تحدثوا خلالها عن تجربتهم في انتفاضة تشرين، وموقعهم الحالي من الاحتجاجات.

في تشرين كانت الانطلاقة

يقول باقر الموسوي (خريج جامعة بغداد / كلية الهندسة) كانت انطلاقة انتفاضة تشرين “أكبر من التفكير الذي يدور بأذهان الناس، حول حالة الاستياء العامة والمشاكل الخدمية وغيرها. لم نتوقع أبدا أن تكون الانتفاضة بهذا الحجم والتأثير والمطالب”.

ويشير الموسوي خلال حديثه مع “طريق الشعب” إلى أن “الطلبة تفاعلوا مع الحدث بصفتهم الاعتيادية ولم يخطر ببالهم المشاركة في التظاهرات بصفتهم الطلابية. لكن القمع تزايد وشرارة الاحتجاج تصاعدت حتى بلغت ذروتها لنرى نقابات ومجاميع مهنية عديدة تشارك، في حينها تبلورت فكرة الحراك الطلابي الذي بدأته بعض الجهات الطلابية الناشطة وانخرطنا لاحقا معهم بالتظاهرات وشاركنا وقدمنا لحظات مشرفة في تاريخنا”. ويقول الموسوي “الفساد والدمار الذي لحق بالبلد كان منذ وقت سابق قد وضع الطلبة في الصورة، لذلك فأن رؤيتهم للوضع السياسي ليست وليدة اللحظة، لكنها كانت اللحظة التي فجرت هذه التراكمات. كما أن نظام المحاصصة السيئ والكوارث التي تسبب بها كان الطلبة يدفعون ضريبتها لسنوات طويلة. ان التعليم في وضع مزرٍ، والجامعات بعيدة جدا في ترتيب الرصانة العلمية، وتحولت الكثير من المرافق الدراسية إلى مراكز حزبية وطائفية لسنوات مضت. ولهذا، فأن دخولنا لهذا الميدان ليس عن طريق الصدفة، لأننا في قلب الحدث ومتضررون”، لافتا إلى أن “عمل الاحزاب المتنفذة على تحويل المؤسسات التعليمية إلى ميادين لتقاسم المغانم والنفوذ دفعت بالطلبة إلى انتفاضتهم البيضاء المساندة لانتفاضة تشرين وهي كانت علامة فارقة بالفعل”.

الطلبة في الميدان

من جانبه، يقول الطالب في الجامعة المستنصرية، حسين رأفت، أن انتفاضة تشرين ساهمت بخروج جيل شبابي متميز تمرد على المألوف ووقف بوجه الفساد وحملة السلاح المنفلت، وكان الطلبة ضمن هذا الجيل المحترم.

ويقول رأفت لـ”طريق الشعب”، إن “أعوام ثلاثة مرت على انطلاق تظاهرة تشرين، لكن أسباب التظاهر ما زالت مستمرة وهذا ما يدعونا إلى دعم المتظاهرين مجددا ونأمل أن تكون للحراكات الطلابية مشاركة مهمة حيث أن مصيرهم مجهول والبطالة تنتظرهم بعد التخرج”، مضيفا “يدفع المتنفذون بالطلبة إلى المعترك السياسي، ودفعت المحاصصة الفاشلة الطلبة سابقا إلى الالتحاق بركب الانتفاضة، ونحن الآن ايضا مع حراك تشرين الذي يتجدد للمرة الثالثة ويحيي النضالات والشهداء والتضحيات”.

شيء جديد في المجتمع

الطالب في كلية الفنون الجميلة/ جامعة بغداد، أمين خلدون، يرى أن “المطالب التي دعا الطلبة إلى تحقيقها، عالجت بوضوح قضايا وطنية حساسة، كالنظام السياسي والاقتصاد والتبعية إلى دول الخارج. أما مشاركتهم فقد جددت الحيوية للساحات التي كانت تستنجد بهم بين فترة وأخرى، حتى تحول الموج الطلابي إلى شيء مرعب للفاسدين، وامتاز بروح مدنية سلمية وحضور مميز للطالبات والكثير من الأساتذة”.

ويتابع خلدون خلال حديثه مع “طريق الشعب”، أن “الإضراب الطلابي كان هو السند الحقيقي للانتفاضة رغم أساليب القمع التي انتهجتها الحكومة المستقيلة الفاسدة ضد الطلبة. وأن المسيرات الطلابية أعطتها حجمها الطبيعي. الوضع العام للبلاد سيئ فالأحزاب المتنفذة تتقاسم كل شيء، وسط انتشار السلاح المنفلت وشرعنة عمل المليشيات والفساد المستشري في مؤسسات الدولة. هذه أسباب كافية لخروج الطلبة في انتفاضة تشرين عام 2019 وتأييدهم الحالي للحراك الاحتجاجي الذي يتجدد”، لافتا إلى أن “الحراك الطلابي الذي واجه القمع في حينها، أثبت بمرور الأيام حجم المسؤولية التي تحملها. وهذا أعطى بعدا كبيرا للعمل الطلابي وهنالك تصورات بشأن تعزيز هذه التجربة واشراكها في الاحتجاجات القادمة”.

سلطة فاشلة

من جهته، يعلق الطالب في كلية القانون بجامعة ذي قار، سجاد مهدي على محاولات الجهات الفاسدة، إبعاد الجامعات عن المجتمع وعزله، والفشل الذي منيت به، لأن الأمر كان مستحيلا، وحدث في المقابل ما يخالف توقعاتها. ويبين مهدي انه “من الناحية الأكاديمية والتجارب العلمية فإن أغلب الجامعات العالمية الرصينة تساهم في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية والعلمية التي تعاني منها بلدانها، علما أن نظام المحاصصة اعتبر التعليم شيئا ثانويا وخفّض الإنفاق الحكومي في الموازنات السنوية للتربية وللتعليم”، لافتا إلى أن “ابرز المطالب المهنية التي يجب على الدولة الالتفات اليها، هو فسح المجال امام التنظيمات الطلابية المهنية داخل الجامعات، وتحديث المناهج الدراسية، وتطوير المختبرات، وتغيير طرق التدريس، فضلا عن تخفيض الاجور الدراسية في التعليم المسائي والاهلي والموازي”.

ولفت مهدي إلى أن “ثورة القمصان البيض، فتحت ملفات التربية والتعليم وسلطت الضوء عليهما لتتكشف الحقائق التي أحرجت بفداحتها الوزارة والمسؤولين والجهات التي تقف خلفهم. وهي الآن تستحضر روح تشرين وتبارك الذكرى الثالثة التي يحييها المنتفضون”.