اخر الاخبار

تواصل “طريق الشعب” تسليط الضوء على نبض الشارع فيما يخص الظروف السياسية الراهنة، عبر استطلاعاتها الميدانية الواسعة التي تجريها مجموعة مراسليها في مختلف محافظات البلاد، للتعرف الى آراء الناس بشأن ما يجري من حراك لمختلف القوى، وما هي رؤية المواطنين وطروحاتهم التي يعتقدون بأهميتها لتجاوز العقبة الكأداء التي صنعتها منظومة المحاصصة والفساد، وها هي تحاول التشبث بالسلطة بأية وسيلة.  

ونقل مراسلونا في تقريرنا الآتي آراء عدد من المواطنين في بغداد وعدد من المحافظات، في ما يتعلق بالحوار الذي دعت اليه حكومة تصريف الاعمال اليومية. وقد أجمعت غالبية تلك الآراء على أنه لا فائدة من حوارات كهذه، كونها تجري بين اطراف الأزمة، ونبه كثير من الناس الى ان الحوارات تكررت، لكن النتائج لم تغادر صالح القوى المتنفذة فحسب! 

بغداد.. اراء مختلفة 

وفي مدينة الصدر (الثورة) يقول مراسلنا محمد قاسم عناد، ان آراء الناس متباينة؛ فمنهم من يريد ان تحل الازمة سريعاً كونها تؤثر على حياتهم المعيشية، فيما يرى اخرون ضرورة ان يستمر الحراك الضاغط من اجل التغيير.

ويقول المواطن عباس سعد عبد الحمزة (كاسب): “نريد ان تحل الازمة بأي طريقة، لان أعمالنا توقفت. نحن نرحب باي حل يخلصنا من هذا الركود الاقتصادي”.

ويشاطره الرأي المواطن محمد عبد الرضا (صاحب محل للتسوق)، “بالدعوة الى التهدئة، حتى لا تتطور الأمور وتصل الى مرحلة قد يصعب التراجع عنها، ويمكن ان تحدث ما لا تحمد عقباه، وهنا لن ينجو منها احد”، حسب قوله.

الإعلامي علي عادل يقول لمراسل “طريق الشعب”، ان “الحوار بين هذه الطغمة الفاسدة لا فائدة منه سوى إعادة إنتاج نفس منظومة الحكم التي فشلت في تحقيق أي إنجاز يذكر”.

ويختلف عنه في ذلك ناجي عبد الحسين وهو مدرس لغة عربية، ويتحدث عن أهمية الحوار بين القوى السياسية ومعها القوى الوطنية والشعبية المؤثرة، بشرط ان ينتج عن الحوار قرارات ملزمة، وان تكون هناك جهات ضامنة لهذه المقررات، التي تخرج عن هذا الحوار.

وفي مناطق الاعظمية وحي اور والبنوك، تجول مراسلا “طريق الشعب” وهما طيبة سعد عبد الكريم ورعد رمزي إسماعيل، لتوجيه بعض الأسئلة لمواطني تلك المناطق عن الدعوات للحوار الوطني.

ونقل مراسلانا عن ابو سجاد (بائع جوال في تقاطع البنوك)، قوله: “الشعب جوعان واغلب الناس مرضى. لا كهرباء، لا ماء. العيشة صعبة بالكاد نحصل على قوت يومنا، بينما قوى المحاصصة والفساد، صدعوا رؤوسنا بالتصريحات والبيانات”.

ويفترض أبو سجاد ان “يجري استفتاء للشعب: هل انه راض عن هذه الحكومة ومجلس النواب ام لا؟”.

“نحن لا نرحب ولا نقتنع باية مبادرات للحوار لأنها لا تجدي نفعا وفي ظل هذه الظروف المأساوية لا حل الا في خروجهم من البرلمان”، هذا ما قالته المواطنة الاء جابر (ربة بيت)، وتشاطرها الرأي المواطنة رجاء عباس عنبر (تعمل في مجال التسويق) التي تقول: “نحن لا نثق باية بوادر للحوار، ان حل هذه الازمة مرهون بالتظاهر، حتى نتخلص من هذه الأحزاب المهيمنة على البلد”.

فيما يؤكد المواطن محمد جواد ياسين (متقاعد)، أهمية تشجيع مبادرة الحوار لتخفيف التصعيد واحتواء الموقف المحتدم.

ويضيف أن “الأحداث دقت ناقوس الخطر بالنسبة للسلم الأهلي، وهددت بدفعه لحافة الهاوية إذا ما استمر الطرفان في التشبث بموقفهما دون تنازل”.

ومن جانب الكرخ، نقل مراسلنا مهدي العيسى عن المواطنين طروحات لم تكن لتختلف عما قيل في جانب الرصافة.

المواطن كرار الكعبي من منطقة التراث، لا يتوقع ان يفضي الحوار عن نتائج. ويقول: ان “المتظاهرين من التيار الصدري والمدنيين وشباب تشرين مصرون على حل البرلمان واجراء انتخابات مبكرة وانهاء نهج المحاصصة. بينما الطرف الاخر يريد تشكيل حكومة توافقية ولذلك اني اعتقد ان الوضع مفتوح على كافة الاحتمالات”.

بينما يصر المواطن طالب سليم (متقاعد) من منطقة الدورة على عدم امكانية ايجاد حل للأزمة: “ان القوى السياسية متمسكة بمطالبها. هذا يريد انتخابات دون تعديل القانون، والآخرون متمسكون بتشكيل حكومة توافقية!”.

بينما يرى المحامي ابو فراس، من حي الجهاد بان “الذهاب الى انتخابات مبكرة هو الحل الوحيد ولكن بشرط ان يتم تعديل قانون الانتخابات بالشكل الذي يكون فيه الجميع ممثلا بالبرلمان، وتغيير مفوضية الانتخابات وتعديل بعض فقرات الدستور”.

كركوك والتغيير الشامل

وينقل مراسلنا علي حسين عن المواطنين في محافظة كركوك آراء كثيرة، من بينها ما قاله فارس محمود 40 سنة (موظف حكومي): ان “الدعوة الاخيرة للحوار ربما تفلح في فتح كوة في جدار ازمة الانسداد السياسي العميقة منذ اجراء الانتخابات، كون الازمة باتت تنذر بالصدام المباشر بين الجهات السياسية المتنافسة”.

فيما يرى شيخ احمد البرزنجي (استاذ في جامعة القلم/ كلية القانون): ان محاولة الحوار في القصر الحكومي كانت استشرافية فقط، بعد فشل المبادرات السياسية.

ويضيف “لم يعد يحظى أي طرف سياسي بالمقبولية، لدرجة تخوله طرح مبادرة حل لذا جاءت محاولة الكاظمي لجس النبض”.

الناشط المدني مصطفى محمود 31 سنة، يقول: “علينا تغيير كل شيء فيما يخص العملية الانتخابية القادمة، بدءا من قانون الانتخابات وتقسيمات الدوائر وتوزيع المقاعد والحصص، وصولا لتوقيت إجرائها كون مزاج الناخب يختلف في الربيع عنه في الصيف وهكذا”.

ويضيف ان “مصير أية انتخابات تجري دون إحداث مثل هذه التغييرات الجوهرية، لن تكون بأفضل حال عن مصير انتخابات 2021”.

البصرة لا تؤمن بحوارهم

وفي البصرة، يتحدث المواطنون هناك عن عدم جدوى أي حوار، لأن مخرجاته ستكون كما في السابق لصالح القوى المتنفذة.

وبحسب مراسلنا باسم محمد، فإن غالبية البصريين المستطلعة آراؤهم كانوا غير راضين عن حوار القصر الحكومي.

عائدة مطشر (موظفة جامعية متقاعدة) تقول: “لا أمل في أية حوارات تجري الآن وفي الأيام المقبلة لأن المتحاورين ذاتهم حكموا العراق منذ 2003 وحتى اليوم، وهم من أوصلوا البلد لهذه الحالة فهل نترجى منهم أملاً بحل لمشاكلنا التي هي من صنعهم؟”.

ويطرح المهندس علي الزبيدي وجهة نظره بان اجتماع القصر الحكومي لم يحضره التيار الصدري الذي يشكل الآن طيفاً واسعاً في العمل السياسي، الأمر الذي جعل هذا الاجتماع غير مجد.

فيما يقول الصحفي بهاء مانع شياع: “لا يمكن أن نتأمل خيراً من هكذا اجتماعات وحوارات تقوم بها جهات استمرأت الكذب على المواطنين طيلة 19 عاماً من السلطة”.

ويضيف “لنراجع تاريخ هذه الجهات ونحسب ماذا قدمت للمواطن العراقي، وفي أي ملف نجحت؟ ستجد النتيجة سلبية تماماً، وكما يقول المثل الشعبي (ما نترجى من بارح مطر)”. 

الناصرية تريد حلاً للأزمة 

مراسل “طريق الشعب” في الناصرية باسم صاحب استطلع اراء المواطنين حول جلسة الحوار، فكانت اغلب إجاباتهم بأنه “ليس حلاً للازمة”.

ويرى المواطن المتقاعد عباس حسين، ان “القوى المتحاورة هي نفس القوى التي تحكم، وبالتالي ستصب مخرجات حوارهم في كيفية البقاء في المناصب وتقاسم المغانم واستمرار التوافق.

ويضيف، ان “هذه القوى لا عهد لها، ويجب الخلاص منها بأسرع وقت”.

ويجزم الشاعر سمير السلمان، بأن “هذه الحوارات لا تخرج بحلول مناسبة حيث ان الطرفين ينتميان لنفس المنظومة الحاكمة”.

اما الناشط في منظمة تموز للتنمية الاجتماعية رزاق عبيد، فيعتقد ان “دعوات الحوار هي مضيعة للوقت، كونه يجري بين اتجاهين لكتلتين.

ويتساءل: “اين رأي مجموع الناس الآخرين؟”، وتابع “لذا لن تخرج هذه الحوارات بحلول مناسبة، اذاً فالحل هو ان تشرك الآخرين بحواراتك للخروج من الأزمة والشعب هو صاحب القرار الشرعي”. 

الديوانية غير راضية أيضا 

المكتب الإعلامي للحزب الشيوعي العراقي في الديوانية، استطلع اراء عدد كبير من المواطنين، وننقل جانبا من تلك الحوارات:

الدكتور رحمن رباط (تدريسي في كلية الآداب جامعة القادسية) قال: “متى ما كان الحوار من اجل العراق فسوف تحل كل المشاكل، ومع العكس فأننا سندخل في دوامة لا يمكن الخروج منها خاصة مع وضع سياسي مضطرب ومتنوع المشارب مثل العراق؛ حيث تتضارب فيه الرؤى والمنطلقات الفكرية والايديولوجية”.

فيما يؤيد رئيس غرفة تجارة الديوانية حامد الليثي الحوار السياسي، بشرط وجود النوايا الصادقة، مؤكداً ان “المشاحنات والاتهامات واستخدام السلاح لم ولن يحل المشكلة بل يزيد من الفجوات بين الشعب الواحد واهم عنصر في النوايا هو حضور مصلحة الشعب في جدول الحوارات”.

الشاعر والصحفي محمد الفرطوسي يصف الحوارات الأخيرة بـ”العرجاء” بسبب غياب التيار الصدري عنها.

ويضيف، انه “يجب جلوس كل الفرقاء، لأن غياب احدهم يغيب مبرر الحوار، ولا يعدو ذلك سوى اصدار بيانات على الورق ليس الا”.

بابل تلعن التشبث بالسلطة 

يقول مراسلنا في بابل محمد محي الدين، ان المواطنين الذين جرى استطلع آراءهم، يرون انه لا فائدة من الحوار لغياب الجدية بين الكتل، وهي تسعى لمصالحها فقط.

ويقول المواطن اسماعيل محمد يسكن في شارع ٦٠: ان “هذه القوى تحاول التشبث بالسلطة والحفاظ على مكاسبها وامتيازاتها وهي لديها ارتباطات خارجية، التي تفرض عليها ما يتعارض ومصلحة الوطن والمواطن”.

واكد المواطن لفتة عبد النبي يسكن الحي العسكري، ان حوارات الكتل السياسية المتنفذة لا تتعدى الحديث عن تقاسم السلطة، فهم يعيشون في واد آخر، وارى ان اي حوار لا يجدي في ظل التشبث بالمواقف والاصرار على السير بذات الاتجاه الخاطئ.

ويتساءل المواطن حسن حمزة من حي نادر عن استثناء النواب المستقلين من الحوارات الجارية كونهم يشكلون نسبة مؤثرة في البرلمان؟ ولماذا يترك الحوار لذات القوى التي لم تتفق يوما على مشروع وطني يسير بالبلاد في طريق الخير والتقدم، ام ان اخر الدواء الكي؟

ويضيف أن “العملية السياسية ثبت فشلها بفعل المحاصصة التي تحاول القوى السياسية عدم الخروج منها”.

وتابع ان “الحل يكمن في إجراء انتخابات مبكرة بمفوضية نزيهة وقانون انتخابات عادل واشراف اممي وعدم اشراك الفاسدين ممن لديهم دعاوى او جماعات مسلحة”. 

واسط.. مناورة سياسية 

ونقل مراسل لـ”طريق الشعب” في واسط علي جبار، اراء المواطنين الذين يؤمنون بالطريق الاحتجاجي كسبيل لحل الازمات، والتخلص من الأحزاب المتنفذة التي انهكت البلاد والعباد طوال عقدين من الزمن.

الناشط حسين الزركاني ٣٨ عاما (موظف في دائرة الشباب والرياضة)، يقول: “منذ عام ٢٠١١ ونحن بالخط الاحتجاجي، وبين فترة واخرى نلاحظ ان البلد يمر بأزمات متعددة، وتبدأ الاحزاب إيجاد طرق لحلحلة هذا الازمات، عن طريق المؤتمرات والحوارات، لكن جميع نتائجها تخرج لصالح طغمة الأحزاب الفاسدة”.

الدكتور مصطفى سعد صاحب ـ تخرج توا من كلية الطب الاسنان ـ يؤكد ان الحوارات لا تصب في مصالح الشعب، وإنما في صالح الأحزاب.

ويضيف، “كيف لنا أن نرجو خيرا ممن قدمنا لهم عشرات آلاف الفرص على مدار ٢٠ عاما، لكن دون جدوى”.

“لن تخرج بأي حلول”، هكذا يصف المتظاهر مصطفى العزاوي الحوار الذي جرى الأربعاء الماضي.

ويقول العزاوي: ان اية حلول للخروج من الازمة في ظل الظرف الراهن تأتي عبر تغيير نظام الحكم وتعديل بعض فقرات الدستور، فيما ما يجري الان هو “مجرد مناورة سياسية”.