اخر الاخبار

أثارت فضيحة الفيديو المسرب لوزير سابق، وهو يؤدي القسم أمام زعيم كتلة سياسية ويعده بالطاعة وتسخير الوزارة لخدمته، استياء شعبيا واسعا وتنديدات بالفساد الذي انتجته منظومة المحاصصة الطائفية. 

وأعاد هذا الفيديو الفاضح إلى الأذهان ما تم نهبه طوال سنوات خلت من الرقابة، فضلا عن عدد الوزراء الذين قسموا بذات الطريقة لزعمائهم، ومثلهم آخرون ونواب ومسؤولون كبار تلوثت أيديهم بالفساد وحنثوا باليمين.

هذا ما قاله المنتفضون!

لم يمض سوى يومين على اجتماع الكتل المتنفذة داخل القصر الحكومي بالمنطقة الخضراء، وما أسفر عنه من نتائج وتوصيات مخيبة ومؤكدة أن لا حل يأتي من أطراف الأزمة، حتى انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو مخجل يظهر فيه وزير الصناعة السابق وهو يردد القسم لزعيم كتلة سياسية معروف، ويتعهد له بالطاعة وتنفيذ الأوامر داخل الوزارة وتحمّل كافة التبعات والمسؤوليات في حال خالف ذلك.

والمفارقة في الأمر، أن هذا الوزير “خدم” في الكابينة الوزارية التي استقالت على أثر مطالبات انتفاضة تشرين، بسبب الفساد وغياب الخدمات، بينما لم يحصد المنتفضون سوى الرصاص الحي والموت والتعذيب والترهيب، وبقي الفاسدون والقتلة محصنين وآمنين.

ومما ظهر في الفيديو، فإن الوزير كان على دراية تامة بالتصوير، وكان يردد “القسم” وينظر إلى الكاميرا، وهذا ما ناقشه مدونون وناشطون على نطاق واسع، وقالوا أن طريقة التسجيل تنبئ بأن الأمر معتاد عليه لدى بعض المسؤولين، ويبدو كأنه ثقافة متداولة بين أوساط المتنفذين والفاسدين.

وخلال دقائق من هذه الفضيحة، تداول ناشطون صورة لمحافظ صلاح الدين السابق، يظهر فيها جالسا بنفس مكان الوزير، ويؤدي القسم ذاته لكن نصيب الوزير كان أكبر لأن الفيديو أظهر كل التفاصيل بالصورة والصوت.

وبحسب الدستور فإن نص القسم يقول فيه الوزير: “أقسم بالله العلي العظيم أن أؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية بتفانٍ وإخلاص وأن أحافظ على استقلال العراق وسيادته ...،”، وهو ما خالفه الوزير السابق وظهر وهو يقسم قائلا: “أتعهد بوضع وزارة الصناعة تحت إشارة (الزعيم السياسي) وعدم مخالفة توجيهاته، فضلاً عن تحملي لكل التبعات التي قد تحدث في حال نكثي لليمين”. 

تفشي الفساد 

وقبل خمسة أيام، أصدرت هيئة النزاهة تقريرا مفصلا عن مجمل عملياتها التي قامت بها خلال السنة الماضية 2021.

وقال التقرير أن عدد البلاغات والإخبارات والقضايا الجزائية التي نظرت فيها الهيئة بلغ 37166. وضمن هذا العدد الكبير، بلغ عدد المتهمين 11659 متهماً، وجهت إليهم 15290 تهمة، بينهم 54 وزيراً ومن بدرجته، وجهت إليهم 101 تهمة، و422 متهماً من ذوي الدرجات الخاصة والمديرين العامِّين ومن بدرجتهم وجهت إليهم 712 تهمة. 

أن هذه الأرقام الكبيرة لعدد المسؤولين الكبار دعت المجتمع المدني والقوى الديمقراطية والمدنية وغيرهم من المناوئين للمحاصصة والفساد، أن يتساءلوا عن دور الادعاء العام وصمته ازاء الخراب الكبير والنهب الهائل لثروات البلد. كما أن المسؤولية موصولة إلى اللجان النيابية والحكومية ذات العلاقة، والمعنيين بالأمر. 

وقال مراقبون إن الفساد يجب أن يواجه بإصرار وعزيمة وطنية تدعو لفتح ملفاته ومكاشفة الشعب بخصوصها وكسر جدار الحصانة والافلات من العقاب الذي أصبح سمة أساسية من سمات هذا النظام. 

وأضاف المراقبون، ان ما جرى توثيقه مؤخرا عبر الكاميرات وأجهزة التسجيل والتنصت وغيرها، من مقاطع والتي تمثل إدانة لمسؤولين كبار وقيادات سياسية، الى جانب رسالة استقالة وزير المالية أخيرا، تستدعي إبعادهم عن المشاركة في الانتخابات، بل وملاحقتهم قانونيا. 

وتذّكر فضيحة الوزير المدوية بالكثير من المسؤولين والوزراء الذين تورطوا بالفساد، في وقت تتصارع فيه الكتل السياسية المتنفذة على السلطة، وما زالت تدعو إلى “حوارات” للاتفاق في ما بينها، ولا تتحدث أبدا عن هذا الفساد والخراب الذي حلّ بالبلد والمواطنين، وأصبحت تداعياته تنذر بالخطر الكبير.