اخر الاخبار

واصلت القوى المتنفذة يوم أمس، محاولاتها لتأجيل الصراع الحالي وتدارك مأزقها الذي استعصى عن الحل. ودعت بعد مخرجات الاجتماع الذي عقدته بدعوة من رئيس الوزراء، السيد مقتدى الصدر إلى التهدئة والحوار على أسس خلت من قضايا جوهرية كما وصفها مراقبون. حيث جاءت الدعوة للاتفاق بين الأطراف السياسية الحاكمة على تجاوز الازمة، دون الإشارة إلى الفساد والأوضاع الاقتصادية وغياب الخدمات وكل ما أنتجه أسلوب الحكم الذي انتهجته لقرابة عقدين وأنتجت فشلا ذريعا.

حوار دون نتائج

وبعد ساعات قليلة من قيام فصيل سياسي بتهديد السلم الأهلي في معرض رده على بيانات الصدر الأخيرة، وما قابله من استياء شعبي أدان سلوك التلويح بالسلاح لحل الأزمات، اجتمعت القوى المتنفذة بدعوة من رئيس مجلس الوزراء، معلنة عن مخرجات عدّها الشارع العراقي محاولة لتشويه شكل الصراع ومماطلة لعدم الاعتراف بفشل نظام المحاصصة ووصوله إلى طريق مسدود.

إن أبرز المآخذ التي وجهت صوب قادة الأحزاب والكتل السياسية الحاكمة بعدما اجتمعوا بحضور ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، تتمثل بعدم اكتراثهم بالطرف الأهم في المعادلة، أي الجمهور الكبير من الساخطين على الفساد والأداء السياسي، والمطالب الرئيسة التي يتحدث عنها.

ووجه سؤال ناقشه الكثيرون على نطاق واسع: “ما الجدوى من حوارات لا علاقة للشعب بها ولا تناقش قضايا الأمن والاقتصاد والخدمات والفساد مثلا؟ وهي منطلقة من مخالفات دستورية صارخة؟”. وأن مساحة النقد الموجهة للاجتماع زادت لأنه “بلا وجهة واضحة” كما وصفه مراقبون، وأن غالبية القوى الوطنية والتشرينية المناوئة للوضع الحالي تراه حوارا بين قوى سلطة لا أكثر، إضافة إلى مقاطعة الصدر له، وهو لا يتحدث عن حل الأزمة أو مغادرة نهج المحاصصة والرعاية الرسمية للسلاح المنفلت والفساد المطلق الذي ابتلع البلاد.

وأصدر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء بيانا قال المجتمعون فيه إن الاحتكام مرة جديدة إلى صناديق الاقتراع من خلال انتخابات مبكرة ليس حدثاً استثنائياً، وأنهم يدعون التيار الصدري إلى الانخراط في الحوار الوطني، لوضع آلياتٍ للحل الشامل. واتفقوا على ما أسموه بوضع خريطة طريق قانونية ودستورية لمعالجة الأزمة الراهنة. وفي دعوة أشبه بالإشارة إلى خطوات السيد مقتدى الصدر الأخيرة، قال البيان أن القوى المجتمعة تدعو إلى إيقاف كل أشكال التصعيد الميداني، أو الإعلامي، أو السياسي، وحماية مؤسسات الدولة والعودة إلى النقاشات الهادئة.

ومقابل هذا، قال ناشطون ومدونون على مواقع التواصل الاجتماعي، إن البيان هو دعوة لتهدئة الصدر الذي قال إن البلاد باتت ضحية الفساد والفاسدين، ومحاولة لترغيبه بالانضمام إلى حوارات لا تمس عمق الأزمة. وذكّروا بالحوارات السابقة التي عقدتها القوى الحاكمة، ومواثيق الشرف وغيرها التي أبرمت ولم تأت بحلول وبقي الصراع اللاشرعي مستمرا للاستحواذ على مقدرات الدولة وجعلها تحت خدمة الأحزاب الحاكمة.

المحاصصة لا تنتج سوى الدمار

وأتت دعوة القوى الحاكمة إلى زعيم التيار الصدري بعد يوم واحد من بيان استقالة وزير المالية الذي قال فيه إن جزءًا كبيرا من هذه القوى دمرت البلد وتحمي أكبر وأخطر شبكات الفساد وكل شيء تقوم به يستهدف عدم حدوث أي اصلاح حقيقي وهي تسرق مليارات الدولارات من خزينة الدولة ولا تنأى عن القيام بكل شيء للحفاظ على مصالحها، لافتا إلى أن وزارته أخليت من الكفاءات التي أبعدت أو “قتلت” في بعض الأحيان.

وخلال المواقف السياسية المتقاطعة، رأت رئيس كتلة الديمقراطي الكردستاني النيابية فيان صبري، أن القوى السياسية حققت تقاربا مهما بشأن انهاء الخلاف، ورجّحت عودة نشاط مجلس النواب قريبا. لكن ذلك اصطدم ببيان مكتب الصدر الذي أكد فيه بعد لحظات من الاجتماع، “عدم مشاركة التيار بجميع عناوينه وشخصياته السياسية، لا بطريق مباشر أو غير مباشر في هذا الاجتماع”.