اخر الاخبار

تستوجب أحداث العنف والقسوة التي مرت بالعراق بشكل عام، منذ تأسيسه وحتى الآن، دراسات نقدية تاريخية، لاستخلاص الدروس والعبر عبر التأكيد بأن خطاب الكراهية بين القوميات و المذاهب و الاثنيات، و النبش في الصفحات المظلمة لا تشكل سوى ديدن طيور الظلام، ممن يرون بأن مصالحهم الذاتية والانانية، وكسبهم الرخيص تأتي من خلال اثارة النزعات والميول الاستفزازية التي تنثر الاتهامات على الآخر جزافاً، وترى بأن ديمومة مصالحها الذاتية تكمن في استمرار زرع بذور الحقد والكراهية بين القوميات والمكونات، من خلال تزوير حقائق التاريخ، والتلفيق عبر شعارات شوفينية وشعبوية، واعادة انتاج ثقافة الكراهية ورفض الآخر، واستغلال تلك الاحداث لاغراض لا تمت بصلة الى الدفاع عن ضحايا أعمال العنف.

ان الاحداث الدامية التي جرت في أول احتفال بثورة تموز عام 1959، والتي أدت الى وقوع ضحايا من الشعب التركماني، وهي أحداث مثيرة للأحزان بالنسبة لحزبنا الشيوعي، وموقفنا واضح من ادانة كافة الذين ساهموا فيها، أسوة بإدانتنا لأحداث الاغتيالات التي سبقت تلك الحادثة والتي تلتها والتي راح ضحيتها افراد من كود وتركمان. ولعل من المفيد ان نرجع الى بيان الحزب الشيوعي العراقي في تلك الفترة حول تلك الاحداث وادانته الواضحة لأعمال العنف.

لقد جرت فبركة وقائع وترويج شائعات حول مجزرة أعد لها مسبقاً من أجل الصاق التهم بالحزب الشيوعي، ولا يزال البعض من الأصوات النشاز في الوقت الحاضر تجد مشروعيتها ومصالحها في ترديد تلك الاكاذيب في اسطوانة مشروخة.    

لقد جرى تلفيق تهم جاهزة لمجموعة من المناضلين الأبرياء من كرد وتركمان وعرب في زمن عبدالكريم قاسم عبر شهادات مزورة وتقديم صور للاحداث كانت مزورة ومأخوذة من صور جرائم الاحتلال الفرنسي في الجزائر، وجرى اصدار حكم الاعدام على هذه المجموعة عبر القناعة المسبقة غير المدروسة من قبل عبدالكريم قاسم في تصريح له في كنسية ماريوسف قبل اتمام عمليات التحقيق في الحادث. في حين روى شهود عيان انذاك، وفي وثائق تاريخية رصينة دور هذه الشخصيات في لجم احداث الفتنة ومساعيهم في وأد وإنهاء التوتر ومنع احداث العنف والبطش.

غير ان الحقائق ما لبث أن جرى توضيحها وظهر جلياً الوجه الحقيقي للجهات والشخصيات والاطراف المشاركين في خلق بؤر التوتر والفرقة بين القوميات، وعلى اثر محاولة اغتياله اشار عبدالكريم قاسم بأن الذين كانوا وراء محاولة الاغتيال هم نفس الذين كانوا من مسببي حوادث كركوك.

لقد أكدت الدراسات الرصينة ومنها دراسة الدكتور عبدالفتاح بوتاني وفق الوثائق التاريخية، و دراسة الدكتور جبار قادر، و دراسات حنا بطاطو حول العراق في ثلاثة مجلدات معتمدا على وثائق أمنية للحكومة العراقية وما كتبه عن حادثة كركوك في عام 1959 معتمداً على تلك الوثائق ومن خلال لقاءاته مع شخصيات سياسية، براءة الحزب الشيوعي العراقي من تلك الحادثة، والأكثر من ذلك فان مجمل الدراسات التاريخية الرصينة تشير الى دور شركة النفط البريطانية في كركوك والبعثيين والقوميين العرب وأفراد مروجين للحكومة التركية التي كانت جزءا من حلف السانتو، في تأجيج واثارة الخلافات القومية بين الكورد والتركمان.  

وما أن وصل انقلابيو شباط عام 1963 الى الحكم، سارعوا الى اعدام تلك الكوكبة المناضلة البريئة ليصبوا حقدهم ضد الحزب الشيوعي وليوهموا مع من ساهم معهم في الحرس القومي ممن أعماهم الحقد القومي، بسطاء الناس بأنهم انتقموا لضحايا أحداث كركوك، في حين انخرط أعداد من الفاسدين والمجرمين الحقيقيين الذين اقترفوا تلك الحادثة في دوائر الأمن البعثي والحرس القومي.

اننا نرى بأن القاء الضوء على الاحداث المثيرة للشجون والاحزان، وما يتعلق بكافة القوميات و الاثنيات، و خاصة نحن شهدنا مجازر الأنفال 

والبرزانيين و القصف الكيماوي لحلبجة و المجازر التي اقترفت ضد انتفاضة آذار 1991 و خاصة في جنوب العراق، و ما شهدناه من اقتتال طائفي في العراق في اعوام 2005و 2006، يجب أن لا يكون بدافع اثارة المشاعر وتجديد الجراح، بل بدافع استخلاص الدروس و العبر، و معرفة الاعداء الحقيقيين للشعب، وعلى أساس الدراسة والتمحيص والوثائق والشواهد التاريخية، بعيدا عن نشر الافتراءات والتأويلات ضد أي طرف بهدف استغلال الجهلة والمغرضين.

إن الكرد والتركمان في كوردستان وكركوك خاصة تجمعهم الجغرافيا والتاريخ المشترك والمصالح المشتركة، وسيكون حزبنا الشيوعي الكردستاني في طليعة المناوئين لذوي النيات السيئة التي تحاول الايقاع بين الكرد والتركمان وغيرهم من سكان كركوك، عبر تأكيد حزبنا على الاخوة الكردية التركمانية التي تعتبر اساساً للاستقرار والعيش المشترك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقتطفات اضافية من افتتاحية صحيفة «ريگاى كوردستان»