اخر الاخبار

انطلقت يوم الخميس الماضي عملية التقديم للتعيين بصفة عقد ضمن الحصة المخصصة لمحافظة الديوانية، والتي حددت بـ(1000) عقد توظيف، والتي اقرت بقانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، بعد ان شرعه البرلمان العراقي في حزيران الماضي.

يذكر ان الخريجين بدأوا التوجه بكثافة الى مكاتب التقديم الالكتروني في شارع المصورين بعد انطلاق الرابط المخصص لذلك.

ولم يخف اغلب الذين اكملوا التقديم تخوفهم من ان تكون الدرجات قد حسمت مسبقاً في الغرف المظلمة، ناهيك عن ان عدد الدرجات المخصصة لا يغطي الكم الهائل من الذين يبحثون عن فرص عمل.

وتأتي هذه الاجراءات وسط وجود فجوة واسعة بين المسؤول المواطن والتي خلقت ازمة ثقة كبيرة نتيجة الاهمال الذي طال الخدمات العامة في شتى قطاعات الحياة المختلفة وعدم الاكتراث لمصالح الناس وغياب المسؤول التنفيذي والتشريعي، الامر الذي فاقم ظاهرة الفساد المالي والاداري، والاثراء على حساب راحة المواطن. 

المكتب الاعلامي لمحلية الديوانية للحزب الشيوعي العراقي بادر الى رصد حالة فقدان الثقة بين المسؤول والمواطن، عبر استقصاء آراء بعض المواطنين.

ضربة حظ

المواطن عباس عبد الأمير (31) عاماً، خريج كلية الإدارة والاقتصاد في العام 2014 الذي عبر عن تشاؤمه من حصوله على وظيفية بصفة عقد، ضمن حصة الـ1000، حيث قال: “لقد فقدنا ثقتنا بالطبقة السياسية والمسؤول الحكومي الذي هو نتاج هذه الطبقة، فالوظائف أصبحت وسيلة للكسب السياسي، وان محاولتي التقديم هي مجرد اختبار للحظ”. 

احترام القوانين

فيما قال الشيخ احمد عبد الكريم، ان علاقة الشعب مع حكومتهم يجب أن تكون أساساً لكل خطوة تخطوها الأخيرة في عملها، وهذه العلاقة تبنى من خلال الأفعال لا الأقوال؛ فالمواطن حتى يؤمن بقانون ما ويطبقه ويحترمه لا بد له أن يرى هذا القانون محترماً من قبل المسؤول أولاً، لان القوانين ستتحول الى حبر على ورق، وتعم الفوضى في كل مفاصل الحياة.

واضاف الشيخ عبد الكريم، ان تزعزعت الثقة بين المواطن والمسؤول فأنه من الصعب تحقيق أي برنامج حكومي، بخاصة اذا كانت هذه البرامج تستهدف حياة المواطن بشكل مباشر كفرض الضرائب بمسميات وعناوين لا تتناسب مع ما يقدم من خدمات عامة.

ازدواجية

فيما يرى الناشط المدني حسن الوائلي، أن أسبابا عديدة وراء أزمة الثقة بين الجانبين من بينها غياب الشفافية، وعدم محاسبة المسؤولين وازدواجية المعايير في التعامل، وان وهناك أخطاء كبيرة في عمل الحكومة رسخت غياب الثقة من خلال عدم تلبية مطالب الجماهير المشروعة، انما جرى اتباع سياسة غير واضحة، تقوم على خلق حاجة دائمة لدى المواطن لكي يبقى يلهث دائماً خلف خدماتها شبه المعدومة، والمشاريع المعطلة التي كثرت الوعود في تحقيقها. وهذا ما عزز انتشار الفساد والمحسوبيات والمحاصصات.

تراكم الفشل

الموظف عصام الشمري، يرى أن فقدان الثقة بين المواطن والمسؤول لم يكن وليد الصدفة، بل جاء على أثر تراكم الفشل والفساد وعدم الاكتراث لمتطلبات الوطن والمواطن.

واشار الى ان البعض من الطبقة السياسية لا يعي حجم المسؤولية، ولا يملك الرؤية الاقتصادية، فضلا عن ان جل ما يفكر فيه هؤلاء هو الانتفاع من المال العام دون الالتفات الى مصالح الشعب؛ فالمواطن في الديوانية صار معتادا على تراكم الخراب في مدينته، وعدم وجود مشاريع حقيقية تنهض بالواقع الخدمي، فضلا عن المشاريع المتلكئة التي بقيت على حالها منذ سنوات.

أزمة متجذرة

الدكتور عقيل الفتلي، تدريسي في جامعة القادسية، قال ان “ازمة المواطن مع الحكومة لم تكن وليدة اللحظة، بل لنا باع طويل في ذلك، قبل التغيير وما بعده، وذلك لان بعض المسؤولين لم يفهم حتى اللحظة كيفية إشغال مكانه لخدمة المواطن؛ فمفهومه للوظيفة لا يتجاوز تقاضيه راتباً من الدولة لساعات عدة، وشغله الشاغل كيفية شطب يومه والعودة في يومه الثاني، وغالبا ما يكون المسؤول من حزب ما او جهة معينة يثبت في مكانه وفق محاصصة.

كما هو الحال في مفاصل الدولة، ما يثبط من عزيمة العمل لديه، حتى تفاقمت الازمات، وتعطلت الاسس التي تعطي المواطن حقه، ما ادى الى انبثاق ازمة ثقة وعدم مصداقية من المواطن تجاه المسؤول.