اخر الاخبار

مع اقتراب الذكرى الثانية لاختطافه في أثناء احتجاجات تشرين 2019، وقرب إحياء اليوم العالمي للإخفاء القسري، عقدت عائلة المغيّب “سجاد العراقي” مؤتمرًا خاصًا للمطالبة بالكشف عن مصيره تحت عنوان “الحرية لسجاد العراقي” بحضور عدد من النواب المستقلين وممثلي الكيانات السياسية الناشئة، إضافة إلى مجموعة كبيرة من الصحفيين والناشطين والفاعلين في الحراك الاحتجاجي.

سيارات رباعية

وسجاد العراقي، هو ناشط في احتجاجات تشرين، اختطف في الأول من شهر أيلول 2020، وبحسب شهادة باسم فليح، الذي كان برفقته ليلة الاختطاف، فإنّ “مجموعة من السيارات رباعية الدفع قد حاصرت سيارتهم في منطقة آل أزيرج في ضواحي مدينة الناصرية وأجبرت العراقي على مرافقتهم”. وذكر فليح في شهادته أمام الجهات الأمنية والقضائية أنه “استطاع تمييز أحد الخاطفين وأنه أحد عناصر فصيل مسلح”.

عائلة سجاد العراقي، ورغم تجربتها على مدار السنتين الماضيتين مع الوعود الحكومية بكشف حقيقة القضية، أصرّت مرة أخرى على عدم قناعتها بكل الروايات الرسمية حول مصير ابنها الذي مضى على اختطافه أكثر من 664 يوما، حيث ذكرت والدة المختطف، في كلمة مقتضبة خلال المؤتمر أنّ “الحكومة بكل أجهزتها الأمنية لم تقدم دليلًا واحدًا على حياة أو موت سجاد، رغم أنّ كل ملابسات القضية معروفة والجهات المسؤولة عن اختطافه مشخصة من قبل الجهات الأمنية والقضائية”.

وكان سجاد العراقي قد ظهر في مقطع فيديو قبيل اختطافه بأيام ليكشف عن تعرّضه لـ”تهديدات بالقتل من قبل ميليشيات مسلحة نافذة في محافظة ذي قار”.

المماطلة والتسويف

لكنّ الحكومة واصلت ما وصفه شقيق سجاد العراقي، خلال كلمته في المؤتمر بـ”المماطلة والتسويف”، عبر إرسال لجان تحقيق، كان أبرزها لجنة كشف الحقائق برئاسة مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي الذي زار منزل عائلة سجاد العراقي، ومن ثمّ جرى “تخدير” القضية عبر وعود تعهد بها الكاظمي خلال لقائه والدة سجاد العراقي بعد مرور ثلاثة أسابيع على الحادث، بحسب شقيق الضحية.

واتهم شقيق سجاد العراقي، خلال كلمته، الحكومة بـ”الرضوخ لسلطة الجهات الخاطفة”، معتبرًا أنّ “انسحاب قوات مكافحة الإرهاب والقوة العسكرية البرية والجوية المرافقة لها من مكان اختطاف سجاد بعد حصاره ليومين متتاليين، دليلا قاطعا على رضوخ الكاظمي للخاطفين”.

ولم يكن أهل وأصدقاء المغيّب وحدهم من وجه الاتهام للحكومة الحالية، ففي تصريح سابق لمستشار محافظ ذي قار السابق لشؤون الجرحى والشهداء، علي مهدي عجيل، اتهم فيه حكومة الكاظمي بالعمل على” تسويف القضية”. وكشف عجيل الذي استقال من منصبه لاحقًا، عن تهريب “الأشخاص المتهمين باختطاف سجاد إلى دولة جارة رغم صدور منع سفر بحقهم”.

“لا تنسوني”

 “لا تنسوني” بهذه الكلمة المنسوبة لسجاد العراقي أثناء مهاجمته من قبل الخاطفين، افتتحت فقرات المؤتمر الداعي للكشف عن مصير الناشط في احتجاجات ذي قار بعرض فيلم قصير يوثق حالات الإخفاء القسري للناشطين المدنيين والصحفيين، وتلا ذلك كلمة ألقاها نيابة عن الفاعلين في الحركة الاحتجاجية الناشط نشوان الناهي، الذي استهل كلمته بالسؤال: “هل ستقف قافلة المغيبين عند سجاد العراقي؟”. كما خاطب الناهي في كلمته النواب المستقلين بالقول: إنّ “جلال الشحماني ومازن لطيف وعلي جاسب وباقي قائمة المغيبين لن يرضوا بالسكوت عن الحقيقة ويطالبونكم بالتحرك ما استطعتم لكشفها وإدانة الجهات المسؤولة عن تغييب الأصوات الحُرة”.

وفي ختام كلمة الفاعلين في الحراك الاحتجاجي، حذّر نشوان الناهي النواب المستقلين المحسوبين على احتجاجات تشرين من مغبة إهمال ملف المغيبين، كما ذكر أنّ “المحتجين لن يقفوا مكتوفي الأيدي إذا ما أُهمل ملف المغيبين”.

وللتغييب القسري سجل طويل مع حركة الاحتجاج في العراق، حيث افتتح الناشط المدني جلال الشحماني قائمة المغيبين والذي اختطف مع اندلاع موجة احتجاجات صيف 2015، تلاه في ذات الفترة، اختطاف الصحفي والمحامي واعي المنصوري، دون أن يتمّ الكشف عن مصيرهما رغم مرور أكثر من 6 سنوات على اختطافهما.

ولم تتوقف قائمة المغيبين عند الشحماني والمنصوري، حيث تم اختطاف المعلّم فرج البدري بالتزامن مع احتجاجات البصرة 2018، إضافة إلى المحامي علي جاسب الذي اختطف مع اندلاع الموجة الأولى لاحتجاجات تشرين الأول 2019، والذين لا يزال مصيرهم مجهولًا حتى اللحظة، ليلتحق بهم الصحفيان مازن لطيف وتوفيق التميمي.

توحيد الصفوف

وبعد توزيع استمارة استبيان رأي حول وجهات نظر الحضور إزاء قضايا الإخفاء القسري، والتي وزعها أكاديميون شاركوا في المؤتمر، أنهى المؤتمرون فعاليات المؤتمر ببيان ختامي طالبوا فيه النواب “المستقلين”، بـ”توحيد صفوفهم إزاء القضايا المتعلقة باحتجاجات تشرين ولا سيما عمليات الإخفاء القسري للناشطين والصحفيين”، مع إمهال الحكومة العراقية، ولجنة تقصي الحقائق والمفوضية العليا لحقوق الإنسان، ولجنة حقوق الإنسان النيابية، واللجنة البرلمانية الخاصة بضحايا احتجاجات تشرين، مدة 30 يوما لتقديم تقرير مفصل ومدعم بالأدلة عن مصير الناشط سجاد العراقي.

ويكشف النائب سجاد سالم عن تعرّض اللجنة للتهميش من قبل القوى السياسية داخل البرلمان حيث لم “يتم التصويت على تشكيل اللجنة إلى الآن”، مؤكدًا أنّ “الهيكل القانوني للجنة مكتمل، وأسماء النواب الأعضاء مرفوعة إلى رئاسة المجلس، لكنها إلى الآن تنتظر اكتساب الغطاء القانوني لمباشرة أعمالها بعد طرحها على المجلس للتصويت “.