اخر الاخبار

بعد وصول العملية السياسية إلى مأزق كبير، زاد من تعقيداتها وفرص حلولها، يرجّح مراقبون للشأن السياسي ومحللون، أن تشهد البلاد انتفاضة جديدة بسبب الاستياء الشعبي والغضب المتنامي من الفشل الكبير الذي تسببت به القوى السياسية المتنفذة. وشهدت مناطق متفرقة من البلاد خلال الأسابيع الماضية حراكا احتجاجيا متصاعدا، رافق الانسداد السياسي وتجاوز البرلمان لمدده الدستورية، وسط صراعات بين الفرقاء وصلت إلى ذروتها.

نتيجة المحاصصة

وأتت استقالة نواب الكتلة الصدرية من مجلس النواب، كخطوة أكدت آراء المقاطعين للانتخابات والذين تحدثوا طيلة الأشهر الماضية عن استحالة اختيار رئيس الجمهورية والمضي صوب تشكيل الحكومة الجديدة، وفقا للمشهد الحالي، واشتراطات القوى المتصارعة.

وبهذه الاستقالة الجماعية، تقلصت الصفة التمثيلية لمجلس النواب الذي أصبح الكثير من المواطنين يشككون في شرعيته، بينما يشير معنيون بالشأن السياسي إلى احتمالية ورود استقالات أخرى لأن المشهد لا يبشر بخير.

ويقول الاستاد في كلية العلوم السياسية، الدكتور اثير الجاسور، أنه وفقا لما يجري على الصعيد السياسي، فمن المتوقع “أن تنطلق حركات احتجاجية خلال الفترة القريبة القادمة لتغيير منظومة الحكم التي أصبحت عاجزة عن ايجاد الحلول”.

ويلفت الجاسور خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، إلى أن “بوادر الحركات الاحتجاجية بدأت فعليا في عدد من مناطق ومحافظات البلاد خاصة تلك المتعلقة بتوفير فرص العمل والمطالبة بالخدمات الغائبة”، مبينا أن “الموقف السياسي بين الاحزاب والكتل المتنفذة، أنتج فشلا كبيرا في تشكيل الحكومة وتم تجاوز التوقيتات الدستورية ولم يحقق أي مطلب من المطاليب الشعبية”.

ويفيد الجاسور بأن “الانسداد السياسي وصل الى ذروته ولا توجد اية خطوط واضحة لانفراجه حقيقية. لا توجد تنازلات بين الفرقاء السياسيين وأن موقف التيار الصدري في الانسحاب يوضح ذلك ويصعد من التوقعات التي تشير إلى احتمالية عودة المحتجين إلى الساحات مجددا ومطالبتهم بقضايا ليست بعيدة عما نادت به انتفاضة تشرين، الا وهو الخلاص من منظومة المحاصصة وتوفير الخدمات والحياة الكريمة، مرورا بمحاسبة قتلة المتظاهرين وسارقي المال العام، وصولا الى المطالبة بتشكيل حكومة وطنية قادرة على انقاذ البلاد”.

نظام عاجز

وفي السياق، يرى الأمين العام لحزب البيت الوطني، حسين الغرابي أن “انتفاضة تشرين انطلقت كردة فعل على المنظومة السياسية الحاكمة، فالمواطنون يطالبون الان باستبدال منظومة حكم التي لم تحقق أي شيء لهم”.

ويقول الغرابي انه “منذ الانتفاضة وحتى اللحظة الحالية، يعيد الزمن نفسه لأن شيئا لم يتحقق”.

ويوضح الغرابي لـ”طريق الشعب”، أن “بوادر الانتفاضة بدأت بوضوح وأتوقع أن تنتهي بفرض خيار حل البرلمان والذهاب نحو الانتخابات المبكرة من أجل ايجاد الحلول للأزمة الراهنة، على أن لا تكون انتخابات لإعادة تدوير الأزمات والسعي خلف المصالح الحزبية والشخصية”، مردفا “يمكن ملاحظة الروح الاحتجاجية، فالاحتجاجات المناطقية المتصاعدة والتي تطالب بفرص العمل والخدمات والحقوق، هي مؤشر كبير وواضح”، متوقعا أن تمضي الحركة الاحتجاجية نحو “التصعيد”، خصوصا وأن فصل الصيف اللاهب سوف “يكشف واقعا مزريا للطاقة الكهربائية، طالما كانت دافعا لخروج التظاهرات”.

ويعتقد الغرابي أن “النظام السياسي القائم، أصبح عاجزا بشكل تام وهناك الكثير ممن يعتقدون أنه في أيامه الاخيرة، خاصة وان الاحزاب المتنفذة لا نية لديها لتحسين الوضع، ولا تنظر إلى الغليان الشعبي”.

توقعات كثيرة واردة

أما المحلل السياسي، الدكتور اياد العنبر، فأوضح بأن المشهد السياسي في البلاد “يحمل الكثير من التوقعات، وأن العودة مجددا إلى الحركة الاحتجاجية هي أمر وارد جدا”.

العنبر بيّن لـ”طريق الشعب”، أن “الاستخفاف الذي تبديه القوى السياسية المتنفذة بهموم المواطنين، وتجاوزها للتوقيتات الدستورية والانشغال بصراعات ضيّقة بعيدة عن تحقيق مطالب الشعب، هي عوامل تدفع بقوة نحو لجوء المواطنين إلى الشارع الاحتجاجي”.