اخر الاخبار

نفذ السيد مقتدى الصدر وعده قبل ايام من خلال تقديم الكتلة الصدرية استقالتها الى رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، الذي وقعها فورا.

وأربكت هذه الخطوة المشهد السياسي بالكامل. وتحدّث مراقبون عن صحة موقف القوى التي قاطعت الانتخابات، والتي قالت حينها: لا جدوى من المشاركة في انتخابات لا تكون رافعة للتغيير.

انحسار التمثيل

وتأتي هذه الاستقالة لتؤشر خللا كبيرا في العملية السياسية، وذلك لعدم قبول قوى سياسية متنفذة بنتائج الانتخابات، وبقيت مصرة على مشاركتها في تشكيل الحكومة المقبلة، ما يعني ضياع مطالب انتفاضة تشرين وشهدائها الذين طالبوا باقالة الحكومة السابقة وتشكيل حكومة تتولى عملية التغيير. وأنتجت المقاطعة الواسعة، مستوى تمثلي متدن للمواطنين بعد عزوف ما يربو على 80 في المائة عن المشاركة في عملية التصويت. ويأتي قرار الاستقالة في ظل تشابك الأوضاع السياسية، ما زاد الأمر صعوبة، ووضع الجماهير أمام مهمة خوض نضالها من اجل التغيير الشامل.

وضع ملتبس

ويقول منسق التيار الديمقراطي العراقي المحامي زهير ضياء الدين، ان “حالة الانسداد السياسي أجبرت الكتلة الصدرية على تقديم استقالتها من اجل فتح المجال أمام استمرار العملية السياسية”، مشيرا الى ان “الوضع ملتبس في الوقت الحالي، ولا يمكن التكهن بالخطوات القادمة”. وحول إمكانية ان يتولى الاطار التنسيقي عملية اختيار رئيس الجمهورية والمضي في تشكيل الحكومة وإدارة البلاد، في معزل عن التيار الصدري، يعتقد ضياء الدين ان “البلاد امام مخاض عسير ربما ينتج عن ذلك صراعات لا تحمد عقباها من خلال اشتداد التشنج بين اطراف العملية السياسية”، داعيا الى الحفاظ على السلم الأهلي وإبعاد المواطنين عن الصراعات السياسية التي لن تؤدي إلا لمزيد من الجوع والجوع والبطالة وغلاء الأسعار وفقدان الأمن.

وعن الجدل حول قانونية الاستقالة، يؤكد المحامي انها سارية المفعول استنادا الى قانون مجلس النواب الذي حدد حالة إنهاء النيابة بعدد من القضايا على رأسها الاستقالة، مشيرا إلى عدم ورود أي نص قانوني يقيد تقديم النائب لاستقالته، ولا حاجة إلى تصويت مجلس النواب او مرور مدة زمنية، فبمجرد تقديمها تعتبر نافذة، وليس هناك مسار قانوني للتراجع عنها.

ويستشهد على هذا الرأي بالقول: “لا يوجد نص في الدستور يعالج موضوع الاستقالة، أما على مستوى القوانين فلدينا قانون عام وقانون خاص، وفي حالة وجود تنازع بينهما، فان الخاص يقيّد العام، وقانون الخدمة المدنية يعتبر قانونا عاما لأنه يتعامل مع كل موظفي الدولة، في حين ان قانون مجلس النواب رقم 13 لسنة 2018، يعتبر قانونا خاصا، مؤكدا ان الاستقالات تعتبر نافذة من تاريخ الموافقة عليها”.

الشرعية للشعب

وينصح المحلل السياسي الدكتور إحسان الشمري بالذهاب الى عقد سياسي جديد يساهم في خروج البلاد من الازمات، مبينا ان الذهاب نحو تشكيل الحكومة او الانتخابات لا يمكن ان يسهم في معالجة الوضع الراهن.

ويشدد على ان الشرعية الان يجب ان يحددها الشعب، خاصة وان احتمالية حدوث احتجاجات كبيرة ممكن جدا في ظل الازمات المتلاحقة، منوها الى ان قناعة الصدر بعدم امكانية تشكيل حكومة اغلبية وطنية في ظل وجود الثلث المعطل الذي لن يسمح بحدوث عملية التحول التدريجي او الشامل على مستوى النظام، اقنع الصدر بتقديم كتلته للاستقالة.

فشل في إدارة البلاد

ويقول المحلل السياسي د. عصام الفيلي ان “القوى السياسية الحاكمة أثبتت فشلها في الإدارة السياسية للبلاد، وعدم امتلاكها ثقافة الارتقاء بواقع البلاد بقدر بحثها عن مصالحها الخاصة”، متوقعا “سحق القوى المتنفذة مع أي هبّة جماهيرية قادمة”.

ويضيف الفيلي ان “القوى التي تصر على تكرار مشهد الحكومات التوافقية هي من ساهمت في تدهور الأوضاع في البلاد”. وعن توقعاته للمشهد السياسي، يرى المحلل ان العراق لا تنطبق عليه أية معايير، فعنصر المفاجأة في المشهد السياسي حاضر وبقوة في أي لحظة، مشددا على ضرورة تأسيس ثقافة جديدة في المشهد السياسي، متمثلة بكتلة معارضة وكتلة حكومية ومحاسبة دقيقة ليتم عبرها استرجاع الأموال التي تم نهبها في مراحل الحكم السابقة.

مسؤولية القوى الوطنية

وعن الطريق أمام القوى والفواعل الاحتجاجية الوطنية، يعتقد الناشط السياسي علي المعلم أنها أمام امرين هامين: أولها كيفية التعامل مع التيار الصدري في ما لو قرر النزول إلى الشارع. والأمر الآخر هو ضرورة إذابة كل التقاطعات بين كل القوى المعارضة الوطنية والديمقراطية، والاتفاق على الأقل حول مخرج لتوحيد الرؤى.

ويؤكد المعلم، ان “ما يهم في هذا الوضع العصيب سوى مستقبل الديمقراطية في العراق وخير من يمثلها هي القوى والشخصيات الوطنية المعارضة من صيف ٢٠١١ والى نهاية انتفاضة تشرين”.

الانسداد لن يستمر

وفي سياق التطورات وردود الفعل، أعلن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، امس الإثنين، انطلاق “تفاهمات مختلفة” بعد استقالة نواب الكتلة الصدرية، مشيراً الى أن الانسداد السياسي لن يستمر في المرحلة المقبلة.

وقال الحلبوسي في مؤتمر صحفي مع نظيره الاردني عبد الكريم الدغمي، إن “بدلاء نواب الكتلة الصدرية سيكونون من الخاسرين الأعلى أصواتا في الدائرة الانتخابية”، موضحا أن “عضوية أي نائب في البرلمان تنتهي بتقديم الاستقالة”. ولفت الى أن “الانسداد السياسي لن يستمر في المرحلة المقبلة”، مؤكدا بالقول “سيكون هناك تفاهمات مختلفة بعد استقالة نواب الكتلة الصدرية”.

وعلّق على الجدل الدائر حول قبول استقالة بالقول: ان ثلاث حالات تحتاج إلى تصويت، وهي “الطعن بصحة العضوية، الإخلال الجسيم بقواعد السلوك النيابي، وتجاوز الغيابات للنائب”، وهي الحالات التي تتطلب تصويت أعضاء المجلس فقط.

قلق قائم

اما رئيس اقليم كردستان نيجرفان بارزاني، فعبر عن قلقه إزاء آخر التطورات السياسية في العراق، املا ألا يكون هناك أي اضطراب وأن يمثل مجلس النواب جميع العراقيين.

فيما اكد عضو الاتحاد الوطني الكردستاني شيروان ميرزا ان “العملية السياسية ستكون صعبة من دون التيار الصدري”، مبينا انه بـ” كل الاحوال فان موقف الاتحاد من رئاسة الجمهورية وبرهم صالح سيبقى ثابتا”.

وفي اول موقف رسمي من الاطار التنسيقي بعد ان عقد اجتماعه مساء يوم امس، اشار الى استمراره بالخطوات اللازمة لمعالجة الازمة السياسية والمضي في الحوارات مع القوى السياسية كافة لاستكمال الاستحقاقات الدستورية وتشكيل حكومة خدمة وطنية، وكان الاطار التنسيقي يأمل ان يمضي مع جميع القوى السياسية لكنه يحترم قرار الكتلة الصدرية بالاستقالة من مجلس النواب.

واكد الاطار مواصلته العمل مع الجميع بما يضمن مشاركة واسعة ويحقق تطلعات وآمال شعبنا بالأمن والاستقرار والعيش الكريم ويعزز دور ومكانة العراق في المنطقة والعالم.

اكثر المستفيدين

وسلمت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، امس الاثنين، الأمانة العامة لمجلس النواب، قوائم بأسماء النواب الفائزين إلى جانب قوائم أخرى تضم البدلاء (أكبر الخاسرين).

وقال عضو الفريق الإعلامي للمفوضية، عماد جميل، أن “المفوضية كانت قد سلمت الأمانة العامة لمجلس النواب كشوفات وقوائم بأسماء النواب الفائزين بأعلى الأصوات فضلا عن أسماء البدلاء أو الخاسرين الأول في كل دائرة انتخابية، وبالتالي يمكنهم مراجعة تلك القوائم وتحديد البدلاء”.

وعن عدد المقاعد التي سوف تحصل عليها الكتل السياسية بعد استقالة نواب الكتلة الصدرية سوف تكون لائتلاف دولة القانون 7 مقاعد ولتحالف الفتح 14 مقعدا برلمانيا، اما حركة حقوق سوف تحصل على 4 مقاعد برلمانية، كما سوف تحصل حركة عطاء بزعامة فالح الفياض تحصل على 4 مقاعد برلمانية، كما سيحصل تحالف قوى الدولة على 9 مقاعد برلمانية وباقي المقاعد ستكون موزعة على المرشحين المستقلين وغيرها من الاحزاب الناشئة.

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وجه رئيس الكتلة الصدرية حسن العذاري بتقديم استقالة الكتلة إلى رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي. وقال الصدر في بيان، إنّ “الخطوة تعتبر تضحية من أجل الوطن والشعب لتخليصهم من المصير المجهول، كما ضحينا سابقًا من أجل تحرير العراق وسيادته وأمنه ووحدته واستقراره”.

وفي ليلة امس، دعا اجتماع مشترك بين رئيسي الجمهورية والوزراء ورئيس مجلس القضاء الاعلى القوى السياسية الى لمّ الشمل ووحدة الصف للوصول الى معالجات حقيقية للأزمة السياسية.