اخر الاخبار

شهدت الأيام الماضية انتهاكات عديدة تعرض لها صحفيون واعلاميون في مناطق متفرقة من البلاد، فيما واجه بعضهم حملات احتجاز ودعاوى قضائية، نتيجة ما يقولونه في برامجهم ومدوناتهم الشخصية وغيرها.

اعتقالات ودعاوى وتضييق واسع

وأفادت الأنباء بأن قوة أمنية اقدمت على احتجاز مقدم البرامج في قناة البغدادية، علي الذبحاوي.

وبحسب مصدر في القناة، فأن القوة الامنية اقتادت الذبحاوي إلى “داخل مقر تابع لجهاز المخابرات الوطني للتحقيق معه ثم تم اطلاق سراحه بعد أربع ساعات من الاحتجاز”.

وأوضحت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، ان اطلاق سراح الذبحاوي جاء بعد ورود نداء من مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بإطلاق سراح الصحفي على الفور.

ووفقا للمصدر، فأنه تمت مطالبة الذبحاوي خلال التحقيق بـ”تخفيض حدة انتقاداته للقوى السياسية الحاكمة والجهات المتنفذة، فضلا عن تهديده بالعواقب التي ستحصل في حال استمراره بالنقد”.

من جانب آخر، منعت عناصر أمنية تابعة لشركة استثمارية في قضاء الكوفة، كادر قناة دجلة الفضائية من أداء مهامهم الصحفية للكشف عن أسباب التلكؤ في انجاز مجمع السفير السكني، فيما حاولت العناصر أن تستولي على معدات القناة.

وبحسب المراسل، طاهر العساف فإن “العناصر الامنية اقتحمت موقع التغطية، أثناء لقاء المواطنين والتحدث مع الكادر بشأن المشروع”.

كما أوردت الجمعية قيام رئيس تحالف الفتح هادي العامر برفع دعوى قضائية ضد مقدم برنامج الناس مصطفى الربيعي، على خلفية محتوى ذكره احد المواطنين يشكو من مضايقات رئيس التحالف وشخصيات تابعة له”.

ونقلت الجمعية، عن الربيعي قوله: إن “هذه الدعوى هي الثانية بحقه، بعد استدعائه من محكمة تحقيق الكرادة للحضور والمثول امام القضاء، بعد عرض حلقة البرنامج التي ظهر فيها المواطن وهو يشكو”.

وضمن ردود الفعل جرت الاشارة إلى أنه لا يجوز للسياسيين سلك الدعاوى القضائية ضد الصحفيين دون مبرر، خصوصا للذين يلتزمون بالأطر الدستورية التي كفلت حرية العمل الصحفي والاعلامي بكل اشكاله. حيث أن هذا الأمر يعد نوعا من أنواع التضييق ويصل أحيانا إلى مستوى الترهيب في أوضاع عصيبة جدا للعمل الصحافي في العراق.

وضمن مشاهد التضييق على الحريات، منع مدير الأقسام الداخلية للمعهد التقني في كركوك، مراسل قناة knn اوجين رمضان من أداء مهامه، بتغطية شكوى وردت من المواطنين بضرورة إزالة مباني التجاوزات، خوفا من إيواء الحيوانات وانتشار الأوبئة.

واعتقلت قوة امنية في المحافظة ذاتها مراسل قناة كردستان (هلو جباري) ولم يتم الافراج عنه حتى لحظة اعداد هذا التقرير، بسبب تغطيته حادثة حرق المحاصيل الزراعية في ناحية داقوق.

وعلى صعيد ذي صلة، طالبت السلطات الامنية في بغداد حكومة اقليم كردستان بتسليم مقدم برنامج “بوضوح” الذي يعرض في قناة زاكروس، محمد جبار، على خلفية صدور مذكرة القاء قبض بحقه اثر دعوة قدمها جهاز الأمن الوطني.

حصيلة مخجلة

وتعليقا على أوضاع الصحفيين في العراق، قال الإعلامي أحمد الشيخ، ان “الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون والإعلاميون والعاملون في هذا المجال باتت تأخذ اشكالا مختلفة منها الخطف والاغتيال من قبل مليشيات مسلحة، ترتكب الجريمة ضدهم تحت عناوين وتبريرات عديدة مثلما حدث مع الشهيد المغدور احمد عبد الصمد وزميله”.

وأوضح الشيخ خلال حديثه مع “طريق الشعب”، أن “الأسلوب الجديد للانتهاكات هو عبر إقامة دعاوى قضائية من قبل عناصر تمتلك نفوذا مسلحا وهم في ذات الوقت يشغلون مناصب سياسية”، معتبرا ذلك “محاولات جادة لحصر مهنة الاعلام بدور الناطق الإعلامي لمكاتب المسؤولين لا اكثر، وبالتالي عدم التأشير على ملفات الفساد والتقصير الحكومي بتوفير الخدمات”.

وتابع قائلا: ان “هناك محافظات لا يوجد فيها صحفيون كمحافظة ميسان، بسبب حملة الاغتيالات التي شنت ضدهم، وفي محافظة البصرة لا يقل الوضع سوءا، وفي محافظتي الانبار وصلاح الدين يتم اعتقال الصحفيين الذين ينتقدون وضعا معينا، وتمارس ضدهم ذات الممارسات التي كان يمارسها نظام البعث الصدامي”، منوها بأن “الحكومة تحرص على منع الصحفيين من الوصول الى المناطق التي تم تحريرها من داعش الإرهابي وتوثيق مستوى الدمار والإهمال الذي تلاه”.

وبخصوص دور نقابة الصحفيين، أكد الشيخ أن “دورها خجول ودون المستوى المطلوب بحكم انها لم تخرج عن عباءة السلطة السياسية القائمة. وهي لا تتحلى بموقف دفاعي لصالح الصحفيين الذين يتعرضون الى الانتهاكات”.

تقييد شديد للحريات

وتتعمد بعض الجهات الحكومية وعناصر مسلحة خارج اطار الدولة تقييد حرية الرأي والتعبير في البلاد، خاصة بعد انتفاضة تشرين عام 2019، وفقا لرأي الصحفي والإعلامي محمد عماد.

ويضيف عماد لـ “طريق الشعب”، ان “هناك الكثير من الصحفيين يتعرضون الى مختلف أنواع التهديدات التي لا تكشف للرأي العام، خشية من التصفية الجسدية وتعرض حياة عوائلهم للخطر”.

وينبه الى ان “الصحفيين في المحافظات، الذين يعملون على كشف فساد الحكومات المحلية هم الأكثر تعرضا الى الانتهاكات داخل الوسط الصحفي، فضلا عن ان هناك تقصيرا من جانب المؤسسات المعنية بالدفاع عن حرية الصحافة”.

ويلفت الى انه “في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة رفع الدعاوى الكيدية تجاه الصحفيين الذين يعملون على كشف ملفات الفساد وفضل انتهاكات المتنفذين”.