اخر الاخبار

11 عاما والعراقيون يواصلون احتجاجهم السلمي على جميع الأصعدة والمستويات، فمنذ شباط 2011 وحتى الآن، تنوعت الفعاليات الاحتجاجية بين تظاهرات وإضرابات واعتصامات، وصولا إلى انتفاضة تشرين وما تلاها من احتجاج متواصل يستهدف في مضمونه مكافحة الفساد والقضاء على منظومة المحاصصة وتحقيق العدالة الاجتماعية.

رهان فاشل

مّر الحراك الاحتجاجي بمنعطفات كبيرة، فيما عوّل المتنفذون على عامل الزمن للقضاء عليه، ولكنه بات مثل كرة الثلج تكبر وتتسع يوما بعد اخر، ونتيجة لاستفحال التمايز الطبقي بين المواطنين، ما عاد بالإمكان احتواء الجماهير الغاضبة بشعارات فئوية او طائفية. ونظرا لتضرر فئات واسعة من العراقيين من سياسة الاحزاب المتنفذة واستئثار قلة قليلة بالسلطة، واكتنازها للأموال، وغياب سلطة القانون، وانتشار السلاح المنفلت، فقد المواطنون ثقتهم المطلقة بخطاب زعامات الاحزاب المتنفذة التي تحاول تصوير الاحتجاجات الشعبية على انها مؤامرات خارجية، فالمتابع للشأن العراقي يدرك ان الحاجة هي المحرك للشارع، وليست رغبات واهواء جهات معينة.

آفاق مكفهرة

وفي هذا الصدد، يقول منسق التيار الديمقراطي زهير ضياء الدين ان “افاق المشهد السياسي معتمة وقائمة على صراعات ضيقة، بعيدا عن مطالب المتظاهرين بتوفير حياة كريمة”، مستبعدا “قدرة القوى السياسية المتنفذة على ايجاد مخرج للازمات المتعاقبة التي تعاني منها المنظومة الحاكمة، وبالتالي صعوبة تلبية مطالب المواطنين”.

ويضيف ان “الحديث عن وجود مؤامرات خارجية تدفع في اتجاه التظاهر هو كلام باطل”، مبينا ان “المواطنين يلجأون للاحتجاج عند التماسهم عدم قدرة المنظومة الحاكمة على تلبية مطالبهم المشروعة”.

ويشدد منسق التيار الديمقراطي على “ضرورة إيجاد إرادة سياسية للوصول الى بر الأمان، خاصة وان المواطن العراقي الى الان لم يلمس أي شكل من اشكال الإجراءات لمعالجة المعاناة المتعلقة بارتفاع الأسعار وتوفير فرص العمل وغيرها من القضايا التي تمس اوضاع الناس الاقتصادية”. ويتابع ضياء الدين ان “خطوات الحكومة في معالجة الموضوع ما زالت خجولة، فلا يمكن للمنح المالية او قانون الامن الغذائي ان يسهم في معالجة معاناة المواطنين المتراكمة منذ عقود”، مشددا على “ضرورة الاستمرار في الفعاليات الاحتجاجية السلمية، اضافة الى اللجوء الى الجانب القانوني للحد من الانتهاكات الدستورية”.

اشتداد الطابع الاحتجاجي

وبالعودة لنظرية المؤامرة، يرى الامين العام لحركة “نازل آخذ حقي” مشرق الفريجي، ان “الاحتجاج لم يتوقف يوما، واخذ اشكالا متعددة للمطالبة بالحقوق المشروعة”، مؤكدا ان “استمرار العجز الحكومي عن تلبية مطالب المواطنين يمكن ان يحول الاحتجاجات المطالبة بتوفير فرص العمل والخدمات في لحظة ما الى انتفاضة شعبية كفيلة بتغيير المنظومة الحاكمة”.ويضيف الفريجي ان “المواطن يعي جيدا ان الاحزاب المتنفذة تتحمل مسؤولية الخراب في البلاد”، متوقعا “اشتداد الطابع الاحتجاجي في الايام المقبلة وتحوله الى فعل سياسي ضاغط في ظل عجز صناع القرار عن معالجة معاناة المواطنين المتفاقمة”.

حاجة لا رغبة

ويتفق الناشط المدني سجاد جواد مع ما طرحه الفريجي بالقول: ان “ما يدفع المواطنين للاحتجاج هو حاجاتهم الماسة، فلا يمكن لرغبات واهواء اي طرف كان دفع المواطنين الى الخروج للتظاهر وتعريض حياتهم للخطر في حال عدم وجود معاناة كبيرة”، مبينا ان “حديث بعض السياسيين عن موجة احتجاجات قادمة، هو اعتراف منهم بالفشل في معالجة المشاكل الحقيقية التي يعاني منها العراقيون”.

ويضيف ان “المنظومة السياسية الحاكمة تعيش في ازمة خانقة فهي لم تعد قادرة على انتاج نفسها من خلال نفس الخطاب السابق، نظرا لوجود متغيرات حقيقية طرأت على المجتمع العراقي”، مؤكدا ان “التمايز الطبقي سوف يدفع المواطنين الى احتجاجات اكبر من سابقاتها”.

ويراهن جواد على الحراك الاحتجاجي في “تكوين ضغط شعبي فاعل بإمكانه احداث تغييرات سياسية”، مبينا ان “هذا الامر بات ضرورة ملحة لانقاذ البلاد من حالة الفوضى الحالية”.