اخر الاخبار

يجي يوم نرد لأهلنه .. *

.. يجي يوم إنلم حزن الأيام..

وثياب الصبر..

ونرد لأهلنه

يجي ذاك اليوم

وان ما جاش

ادفنوني على حيلي

اشبح لديرة هلي

رايح لبغداد

اعظ الچفن واركض ورة النيرن

جاي يا بغداد

حي ميت اجيلچ

بالگمر جايچ وبلايه گمر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*شيء من قصيدة القاها النواب الراحل في امسية بلندن سنة 1995

******************************

مظفر النواب 

آلام شعب تجسدت في قصائد

خليل إبراهيم العبيدي

أيقونة شعرية ترعرعت عند شريعة النواب في كرخ بغداد. ولد مع ولادة حزبه عام 1934، ليملأ كل منهما التاريخ بما يليق بالعراق، فقراء الحال أغنياء بالعقيدة، حمل كل منهما هموم الناس وحولا سجون الطغاة إلى مدارس تعلم جدلية صراع الإنسان مع الطبيعة وصراعه مع الطغاة.

في قصائده حلق في فضاءات نضرة رغم هموم النضال، متألما لضيق الحال.

حمل رسالة غنية لكل الاجيال، قال فيها مخاطبا العراق المحتضر:

أدين بموتك ازياء التأريخ وقاعات المؤتمرات وعرض النظريات. تألقت قصائده وصارت تحاكي المعلقات.

حبه لوطننا امتزج بالجوع والآهات وعناء البلدات. خاطبه يقول: تحملتُ يا وطني وليالي المنافي قبور، وكل نهار كفن.

ورغم قساوة حكام العراق بلا استثناء على نوابنا إلا أنه يقول: لم الق مثل العراق كريما خجولا.

انا على يقين أن مظفر النواب ورفاق دربه كانوا وراء حكاية طويلة لا يملها السامع رغم طولها، يتذوقها رغم مرارتها، تُرددها الأجيال رغم تقادم الزمن عليها، لأنها قصة وطن يباع كل يوم، وها هو يقول: يا وطني المعروض كنجمة صبح في السوق.

كان مثقفا ممتلئا إلى حد التخمة بتفاصيل وبساطة حياة الناس، وكان منهم على الدوام فهو القائل: أنا انسان بسيط ذهبت إلى الأشياء بلا قناع.

كان سافرا في قصائده لا يخشى تبعات ما يقول، تعامل مع الحكام بضراوة وكانوا على اختلافهم يخافون صفعة قصيدته لانها لم تكن صفعته هو، انما هي صفعة شعب تجسدت في كلمات تسري بين الناس دون توجس أو خوف من حسيب أو رقيب للسلطة.

هو بغدادي عشق مفردة الجنوب بكل نواتها وحواشيها، بكل سرعتها وكثرة التلعثم فيها ، وظفها بكل معاناة أهاليها محولا اياها إلى صور الوانها عتمة الليل وصوت الريل ورائحة الهيل.

عادى الإقطاع الجاثم على صدور الفلاحين وجعل من المنجل محام فوق الحصاد.

لم يبخل على القدس قامتها ووصفها عروس عروبتنا التي ادخلت زعاماتنا عليها كل زناة الليل ووصفهم بأبناء العاهرات.

لم يبخل بجهد على قضايا الشعوب وجاهر بعدالة حرب الفيتكونغ في فيتنام ووقف ضد حصار كوبا.

كان زعيما سياسيا رشحته للزعامة الكلمات واختارته أذواق المنشدين.

ظل متنقلا بين السجون وكان حموي زمانه رحالة بين الاصقاع.

أتعبته الايام وقال في نفسه كلمات مؤثرة جدا: فتعبتُ مني ولا أقوى على حملي. نعم تعب من ذاته وعليها ولم تعد نفسه بقادرة على حمل نفسها.

ظل مريضا يصارع الحياة بخزين الذكريات، لم تأبه له كل الحكومات، فارقنا وهو في الغربة وهو يقول: في الغربة لا ينبت الا صمت الأيام.

ونحن نقول: الصمت يصرخ باكيا فراقك يا مظفر وربما تصمت عندك القصائد، وان نطقت فإنها على ذكراك تعاهد.

***********************

ياهيلة

حسينة بنيان

 مهداة لشاعر الشعب مظفّر النواب

ياهيلة طشّي هالورد

لمّن يمر حادي الضعن

فات الزمن

ياهيلة كبران الولد

هذا حمد

سلّم رسالة وللبلد

خط الوصيّة الديرته

رايد بلد ياهيلة وأنتِ ديرته

أنتِ المهد

هذا حمد

ردّ ويعاود كلمته

وياهيلة دجلة اتلگته

طشّي الورد

لمّن يصيح الريل جايبلچ حمد

مشتاگ لتراب البلد

ياهيلة تعبان الولد

ياهيلة عطشان الولد

عاشگ بعد عن ديرته

رايد وطن رغم التعب

رغم السنين الضاعت ابذاك الدرب

وياهيلة تدرين السبب

عاشگ يهيم او مغترب

هذا الولد

معروف مابين الزلم

خطّ ابقلم

تانيني ياديرة هلي

يبنيّة طشّي وهلهلي

رد الولد لدويرته

ياهيلة مدّي فرشته

عريّس عاد الكلّته

دجلة وفرات اتلگته

مشتاگ يحضن تربته

ردلچ حمد

طشّي الورد

*******************

كالولي البنفسج مات

كلت الورد ميموت

تتبلل بزخة عطر

يا الشايل التابوت

ومن تبجي ابجي بدمع

شرط البجي بسكوت

صوت الحزن لو علا

خوفي يفزز حمد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*من قصيدة طويلة للدكتور رياض الرومي

في رثاء الكبير الراحل

************************

« إذا أعيت مكافأةُ الجميلِ» *، مظفر النواب

احسان جواد كاظم

كما درجت عليه العادة, يأتي تقدير مبدعينا, بمختلف مجالات إبداعهم, متأخراً دائماً ! بعد أن يقضوا أو وهم يعانون إهمالاً وكمداً ممضاً.

هكذا كان الأمر مثلاً مع العالم والباحث الاجتماعي الدكتور علي الوردي… وقد لا يحدث الاهتمام أبداً, كما بالنسبة لجواد سليم وزينب وحسين مردان والمثقف العضوي المفكر هادي العلوي والفنان التشكيلي الكبير فيصل لعيبي و المعمارية الراحلة زها حديد, ومطربين وملحنين وسينمائيين ومفكرين وأكاديميين وأطباء… والكثير الكثير من مبدعينا طوردوا واستشهد من استشهد منهم تحت التعذيب وأغتيل بعضهم, ونفذ آخرين منهم الى خارج الوطن, وما من مؤسسة حكومية تتابعهم اليوم وتحتضنهم.

على العموم أن ما يخلّد هذه الشخصيات هو ما تركوه من منجزات وآثار ابداعية, بالأساس, متداولة بين المواطنين وتسكن ذاكرتهم..

 وقد ترك شاعرنا الأثير مظفر النواب إرثاُ غنياً ثراً من شعره الثوري والعاطفي, باللهجة الشعبية العراقية او باللغة العربية الفصحى, بقيت لأجيال تدور على شفاه العراقيين وغير العراقيين, تشحن ثوريتهم تارة وتداعب أرق مشاعر عشقهم, تارة أخرى.

الكثير من محبي فقيدنا مظفر النواب اقترحوا مكافأته بإعادة نشر دواوينه وجمع القصائد المتفرقة الضائعة ومقابلاته الإذاعية والتلفزيونية والصحفية وكاسيتات مهرجانات الشعر التي أنشد فيها قصائده, وصوره ولوحاته وحتى جمع نتاجات كل من كتب عنه شعراً أو نثراً أو نقداً والاغاني التي استلهمت من أشعاره…

آخرين طالبوا بتمثال له يزين شارع المتنبي قريباً من متنبيه. أو اطلاق اسمه على شوارع وساحات في مدن البلاد او على مؤسسات ثقافية أو قاعات محاضرات ومهرجانات شعرية او كاليريهات رسم تشكيلي او مكتبات.

كل الاقتراحات الواردة أعلاه , وغيرها مما لم أطلّع عليها ,مفيدة. وهي تستحق وضعها موضع التنفيذ, تقديراً لقامة استثنائية كبيرة من قامات الثقافة العراقية مثل مظفر النواب, أرسى أسس مدرسة نوعية جديدة للشعر الشعبي, وأصبح أيقونتها, ولثوري فذ انحاز إلى بُناة الحياة الجديدة وقضايا حرية الشعوب.

وأسمح لنفسي أن أضيف, بأن من الأهمية بمكان, تأسيس متحف خاص به, يكون مزاراً لمحبيه, ولتلاميذ المدارس والطلبة بعد تضمين المناهج المدرسية, باقة مختارة من أشعاره, وخاصة التي تمجد الوطن وحب شعبه, وكل ما يرفع من أذواق قارئيه, واطلاع المستمعين على تقنيات القراءة الشعرية, التي أبدع بها الشاعر, بصعودها وهبوطها, بتحولات الفرح والشجن فيها… فقد كان مميزاً بحق في طرق القاءه لقصائده.

قد يكون اقتراحي سابق لأوانه, وسقفه عالٍ, في ظل عملية التجهيل المنظمة, وتغييب كل صانعي وممثلي الجمال والفرح والانعتاق, في زمن « الغشاش راهي وإيده بجيوبه, والحر الكريم محاسنه ذنوبه «, كما غنى المنولوجست عزيز علي. ولكن, من قال بأن كل ما يتمناه الناس ومحبي الشاعر, يدركوه ؟!

المؤكد أنه سيأتي أوانه في يوم بهي !

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • العنوان مأخوذ عن الشاعر ناصيف اليازجي.