اخر الاخبار

بعد مرور سبعة أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية في تشرين الأول من العام الماضي، وأربعة أشهر على عقد البرلمان أولى جلساته، ما زال الصراع السياسي مستمرا بشأن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والمضي في تشكيل الحكومة الجديدة. لم تحقق الانتخابات التي طالب بها المنتفضون حتى اللحظة ما كان ؟؟؟ المطالبون والمشاركون في الانتفاضة من آمال وتطلعات. فيما تواصل القوى المتنفذة التمسك بشروطها من أجل الحكومة القادمة ويحتدم الصراع في ظل تحديات جسيمة تقف أمام البلاد.

لا رئيس .. ولا حكومة

لقد فشل البرلمان أكثر من مرة في اختيار رئيس للجمهورية رغم تجاوز المدة المحددة لإنجاز هذه المهمة وتأكيد المعنيين والمراقبين أن ما يجري هو خرق دستوري واضح.

وبدا واضحا أن الأداء النيابي في هذا الشأن كان انعكاسا للصراعات التي تخوضها القوى المتنفذة وشروطها المتبادلة للتوافق على من يتم اختياره وتقاسم الحصص. أما على صعيد الجانب التشريعي، فلم يلمس أي منجز حقيقي يمس حياة المواطنين.

ويشترط في عملية انتخاب رئيس الجمهورية أن يحضر ثلثا عدد نواب البرلمان إلى الجلسة وهذا ما لم يتحقق برغم دعوة زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر إلى ذلك، لتفشل الجلسة ومن ثم يعاد الحوار وتطلق المبادرات مجددا. وبعد شد وجذب ومواقف متقاطعة، دعا الصدر قوى الإطار التنسيقي إلى أن تأخذ زمام المبادرة وتقوم هي بالتمهيد لإنجاح هذه العملية وتشكيل الحكومة الجديدة، لكن الإطار لم يفلح في ذلك، وأصر على أن يتم الامر عن طريق آلية التوافق ليضمن الجميع حضوره. وقبل خمسة أيام، طرحت قوى الإطار مبادرة جديدة فيما وجه التيار الصدري دعوة أخرى إلى النواب المستقلين لتجربة حظهم في هذا الشأن وتشكيل الحكومة، في الوقت الذي أكد عدد منهم عدم رغبتهم في ذلك، فيما فضّل آخرون الذهاب نحو المعارضة داخل قبة البرلمان.

تغييب الهم الوطني

وتعليقا على المشهد السياسي الراهن وحالة الانسداد التي تطوقه، يرى المحلل السياسي جاسم الموسوي، أن جميع المبادرات التي أطلقت لحل هذه الأزمة “لم تضع الهم الوطني في المقدمة. هناك غايات كثيرة لتحقيق المكاسب والاستحواذ على ثروات البلاد وضمان المصالح الحزبية ضيّقة الأفق”.

ويقول الموسوي خلال حديثه مع “طريق الشعب”، ان جميع المراقبين للمشهد السياسي الحالي “لم يلمسوا إلى الآن أي نوع من انواع الحوار الوطني الجاد من اجل المضي نحو تشكيل حكومة أغلبية وطنية تضع حدا للتدخلات الخارجية وتضمن مصالح الشعب العراقي، وتنقذ البلد مما هو فيه”.

وبخصوص دعوة النواب المستقلين إلى تشكيل الحكومة، يعتقد الموسوي أنها “خطوة ليست قريبة من التحقيق لأن جميع النواب المستقلين لا يشكلون العدد الكافي لانتخاب رئيس الجمهورية، فضلا عن محدودية خبرتهم في إدارة الحكم والمحاولات التي لا تنقطع للقوى المتنفذة من أجل أن تجد لنفسها مكانا في الحكومة”، لافتا إلى أن “المادة 21 من الدستور العراقي قيدت كثيرا من قوى الفساد لانتخاب رئيس الجمهورية ومنحت فرصة للضمير الوطني حال تواجده لدى النائب المنتخب بالحضور لجلسة مجلس النواب وانتخاب رئيس للجمهورية”.

ويحدد الموسوي احتمالات عدة يمكن أن تلجأ اليها هذه القوى، منها “تشكيل حكومة طوارئ، او استمرار حكومة الكاظمي مع إجراء تغييرات وزارية، او العمل على خلق مبادرة أخرى بين الاطار والتيار تكمن في تقاسم الوزارات مع عدم فتح ملفات حساسة كالتي تتعلق بالسلاح خارج اطار الدولة، وبالتالي يتم الذهاب نحو حكومة تقاسم السلطة لا توزيعها”.

أزمة مستمرة

وتشهد البلاد منذ أشهر احتجاجات لا تنقطع تنديدا بسوء الواقع الخدمي وتعطيل الموازنة العامة وعدم توفر فرص العمل والتأخر في تشكيل الحكومة الجديدة.

ويتوقع الكثير من الناشطين والمراقبين أن تتصاعد موجة الاحتجاجات مجددا لأن جميع مقوماتها وأسبابها ما زالت موجودة، وبات الوضع يسير نحو الأسوأ بشكل عام.

وفي هذا الشأن، يقول المحلل السياسي مصطفى البهادلي، ان “جميع المبادرات التي تطلق من اجل تشكيل الحكومة لا تهدف إلى حل الأزمة السياسية وإيجاد نهج وطني، بعيدا عن المصالح الحزبية والفئوية”.

ويضيف البهادلي خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، ان “الكثير من القوى التي تقدم بعض المبادرات أو الحلول، هي جزء من الأزمة، وبالتالي لا يمكن ايجاد أي حل عن طريقها وهذا ما يزيد المشهد تعقيدا”، مردفا أن “أغلب الحوارات التي تجري لا تتناول هموم المواطنين ومشاكلهم ومطالبهم المستمرة، انما هي بعيدة عن مصلح البلاد وتناقش بشكل مباشر قضايا الحضور داخل السلطة وتوزيع المناصب”.

ولا يرى البهادلي أي حل يمكن أن يتجاوز الأزمة الحالية إلا من خلال “الشارع الاحتجاجي الذي لا بد من أن يأخذ دوره والسعي إلى تحقيق البديل الحقيقي من خلال القوى والعناصر الوطنية القادرة فعلا على إحداث التغيير”.