اخر الاخبار

لا تزال القوى المتنفذة والمتحكمة بالقرار السياسي في البلاد، تتمسك بنهج المحاصصة المقيت مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي، في وقت خرقت فيه هذه القوى المدد الدستورية في ما يتعلق باختيار رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، في ظل أزمات متعددة تنعكس آثارها سلبا على المواطن البسيط الذي يتطلع الى حكومة جديدة بنهج سياسي جديد، تكون رافعة للخلاص والتغيير.

من المؤكد ان استمرار حالة الانسداد السياسي لن تكون عواقبه محمودة؛ فمن المتوقع أن تتفجر احتجاجات شعبية واسعة غير مسبوقة بسبب النقمة التي يعاني منها المواطنون. هذا ما حذر منه مراقبون ومهتمون بالشأن السياسي.

التشبث بالمحاصصة

يقول عميد كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد السابق د.عبد الجبار احمد، في حديث خصّ به “طريق الشعب”، ان الصراع الحالي لا يتعلق بالمكاسب او المغانم او الاستحقاقات الانتخابية، كما يسمونها او بعدد الوزارات، بل بمن يوزع هذه المكاسب، فهنا الإشكالية الحقيقية، ومن الذي سيقرر توجهات الحكومة المقبلة والسلطة التشريعية، مؤكدا أن هذا هو “موضع الخلاف الأساسي، وخاصة فيما يتعلق بالذهاب الى حكومة الاغلبية، التي تتطلب وجود وحدة قرار ومسؤولية ومحاسبة ومكاشفة”.

ويلفت د. عبد الجبار الى ان “المدرسة التوافقية تتمسك بمنهج التوافق، والنتيجة واضحة فنحن جربنا التوافقية التي ارتبطت بالفساد، وغياب المحاسبة والكثير من الوزراء عليهم قضايا اختلاس وغيرها من القضايا، فأصل الموضوع لا على عدد المكاسب، بل من الذي سيقرر السياسة العامة للبلد”.

وعن مدى عمق الازمة الحالية، يشير أستاذ العلوم السياسية الى ان الفترة منذ العاشر من شهر تشرين الاول والى الان، “تكشف لنا ان النخب السياسية لا تهتم بالمصلحة الوطنية ولا حتى المصلحة الحزبية، بل جل اهتمامهم بالبحث عن المصالح الشخصية والمحافظة على استحواذهم على السلطة السياسية والاقتصادية والامنية، لذلك هي ليست فقط ازمة، بل معضلة اشد وقعاً ووطأة من الازمة”.

ويجادل الدكتور عبد الجبار بأن “النخب السياسية قادرة على حل الاشكالية، لكن ليست هناك رغبة حقيقية في حلها”، فيما يعزو سبب عدم وجود حل للأزمة الحالية الى “ضعف السلطة القضائية، حيث لا بد لها ان توجه انذارا الى النخب السياسية بسبب خرقها المدد الدستورية”، مردفا كلامه “ان معظم النخب السياسية تنتظر تدخلات إقليمية من هذا الطرف او ذاك لحل الازمة”.

وفيما يستبعد ان تسمح القوى المتحكمة بالقرار السياسي والاقتصادي والامني، باندلاع انتفاضة شعبية جديدة، أردف بأن “هذا لن يمنع من تفجر الانتفاضة مع توافر الشروط والظروف”.

تفاقم الازمة

وعلى صعيد ذي صلة، يؤكد المحلل السياسي د. مناف الموسوي، ان قوى السلطة “لن تتنازل عن مكاسبها السياسية بل على العكس هي تصر على التمسك بها. ونشاهد تصريحات الإطار التنسيقي تؤكد ان الأغلبية الوطنية مشروع مهم، لكن الوقت الراهن لا يسمح بذلك، في إشارة واضحة الى تمسك هذه الأحزاب بالامتيازات”.

ويقول الموسوي، ان تلك القوى “تصر على المشاركة في تشكيل الحكومة، والحصول على جميع الاستحقاقات، وان تغليب المصلحة الحزبية على المصلحة الوطنية سبب رئيسي في عدم ايجاد مخرج حقيقي للازمة”.

ويتابع قائلا ان “هذه الانتخابات جاءت نتيجة أزمة الثقة، ونتيجة انتفاضة تشرين التي أجبرت الكتل السياسية على الذهاب الى انتخابات مبكرة. وبالتالي فان بقاء الوضع على حاله او الذهاب الى انتخابات مبكرة، سيزيد من الازمة وبالفعل في الاشهر القادمة وبالتزامن مع سخونة الجو والأوضاع المتردية اقتصادياً وأمنيا قد تكون هناك عوامل محفزة لخروج المتظاهرين مرة اخرى، وبطريقة اقوى واعنف من تشرين الماضية”.

عودة الاحتجاجات

ويعتقد الناشط حسن المياحي ان “الحكومة القادمة ستمضي بالتوافق في ما بين القوى المتنفذة، كما جرت العادة على إرضاء جميع الأطراف؛ فالكتل السياسية لن تتنازل عن مكاسبها، وان الأزمة السياسية الحالية تعود بالسلب على المواطن وعلى تأخر الكثير من المشاريع وإقرار الموازنة. أما السياسيون فهم لا يهتمون او يلتفتون إلى المواطن”.

 ويشير الناشط في حديثه لـ”طريق الشعب” الى ان “هنالك مصالح مشتركة بين هذه القوى وتقاسما للمغانم، ويربطهم جميعا نهج المحاصصة الذي لا يمكنهم مغادرته. وهناك تأثير اقليمي هو الاخر ايضا يحول دون المضي في تشكيل حكومة اغلبية سياسية. وفي المحصلة فان هذه القوى لا يمكن أن تجد مخرجا حقيقيا للأزمة”.

ويتوقع المياحي “عودة التظاهرات الى الشارع مع تفاقم السخط الجماهيري وتناميه بشكل مستمر. سيعود بقوة خلال الاشهر القادمة، فالحكومة التي تتشكل ستفشل بكل تأكيد في الاستجابة لمطالب الناس”، مبينا ان السبب في غياب الحلول الناجعة للازمة هو ان “القوى السياسية لا تتنازل عن مكاسبها، وعن نهج المحاصصة الذي انتهجه المتنفذون”.