اخر الاخبار

ما زال العراق عاجزا عن معالجة مشكلة نقص المدارس في ظل النمو السكاني المتزايد، حيث تشير التقديرات الى حاجة العراق لـ 9 آلاف مدرسة للتخلص من الدوام الثنائي والثلاثي، وقرابة 20 ألف مدرسة للتخلص من الاكتظاظ في المدارس. وتتنوع مشاكل وتبعات قلّة أعداد المدارس، بين تردي جودة التعليم واكتظاظ الصفوف، إلى جانب تسرّب التلاميذ من المدارس، وما يتبع ذلك من سلبيات.

دوام مزدوج

وتشير الأرقام إلى وجود 26 ألف مدرسة في العراق، لكن 64 في المائة منها فقط تمتلك بنايات. أما الـ36 في المائة المتبقية فأنها تستغل بنايات مدارس أخرى بدوام ثنائي وثلاثي.

ويقول وزير التربية علي الدليمي في تصريح صحفي، إنّ “العدد الكلي للأبنية المدرسية في البلاد يبلغ حاليا 16 ألفا و600 بناية”، فيما أشار إلى أنّ “عدد المدارس في الأسماء المسجلة يبلغ 26 ألف مدرسة”.

ويتبين من تصريح الوزير، أن قرابة 10 آلاف مدرسة لا تمتلك بنايات خاصة بها، وتعتمد في دوامها على بنايات مدارس أخرى. وتمثل هذه المدارس أكثر من 36 في المائة من مدارس العراق.

ويوضح الدليمي أنّ “الوزارة تحتاج بحدود 8 - 9 آلاف مدرسة لكي تتمكن وزارة التربية من التخلص من الدوام الثنائي والثلاثي”، ويمثّل هذا العدد 8 أضعاف المدارس التي من المؤمل أن تنجز وفق الاتفاقية الصينية في مختلف محافظات العراق وبواقع ألف مدرسة فقط.

لا يحل هذا العدد من المدارس البالغ 9 آلاف بناية جديدة، إلا مسألة ازدواج الدوام، فيما ستبقى مشكلة الاكتظاظ وتبعاتها المتمثلة بتردي الواقع التعليمي قائمة، حيث تشير التقديرات إلى أن عدد الطلبة في العراق بلغ العام الحالي 11 مليون طالب، ما يعني أنّ المدرسة الواحدة تحتوي على أكثر من 400 طالب.

نقص ملحوظ

ومن جانب آخر، يحتاج تطبيق المعايير العالمية في ما يخص عدد الطلبة في الصف الواحد، لإنشاء أكثر من 10 آلاف مدرسة، ليبلغ عدد المدارس الكلي التي يحتاجها العراق للتخلص من ازدواج الدوام والزحمة داخل المدارس، لنحو 19 ألف مدرسة جديدة، فضلًا عن قرابة 17 ألف مدرسة يمتلكها العراق، ليكون عدد المدارس المتوفر 36 ألف مدرسة لاحتواء 11 مليون طالب وبواقع أكثر من 300 طالب في المدرسة الواحدة.

وبينما يمتلك العراق 16 ألفا و600 بناية مدرسية فقط، يعني ذلك أن العجز الحالي في عدد المدارس يبلغ قرابة 54 في المائة، فيما ستزداد هذه النسبة سنويًا مع ازدياد عدد الولادات أكثر من مليون ولادة سنويًا، إذ يشهد العراق سنويًا بلوغ قرابة مليون طفل وهي أعمار مرحلة التسجيل في الابتدائية، ما يشير إلى حاجة العراق لنحو 2500 مدرسة سنويًا.

وبالإضافة إلى مشكلة ازدواج الدوام وسوء التعليم نتيجة لاكتظاظ الصفوف، تعد مشكلة تسرّب الطلبة من المدارس مرتبطة تماما بقلة الأبنية الدراسية، كما يشير عدد من الباحثين والمراقبين.

عزوف وتسرب

وبحسب إيضاح للباحث مروان حسن الذهيباوي فأنه “في عام 2015 سجل في الصف الاول الابتدائي اكثر من 768 ألف تلميذ، بينما قفز هذا الرقم إلى مليون ومائتي ألف تلميذ في عام 2020، بالتالي قلّت فرصة توفير تعليم سليم ومنتظم في ظل هذا العدد القليل من المدارس وكثرة الطلاب، ونتيجة لذلك؛ نشهد عزوف التلاميذ عن التعليم وتركهم الصفوف الدراسية في المرحلة الأولى حيث وصل عدد التلامذةِ التاركين في عام 2020 الى (129،886) بنسبة 14 في المائة وأن هذه النسبة ارتفعت بمعدل 1.3 في المائة سنويا”.

ويشير الذهيباوي إلى أنّ “أحد أهم الأسباب التي أدت إلى ارتفاع نسبة ترك التلاميذ لمقاعدهم الدراسية في الصفوف الابتدائية وخصوصا في الصف الأولى من التعليم هي: عدم وجود العدد الكافي من رياض الأطفال حيث وصل العدد الكلي لها في عام 2020 إلى (1244) روضة، وهذا العدد يشير إلى أن نسبة 80 في المائة من التلاميذ لا يتسنى لهم الدخول فيها، وتعتبر الخطوة الأولى في تأهيل الطفل ليصبح تلميذا”.

ملاحظات حول بناء المدارس

اما عضو اللجنة التنفيذية لاتحاد الطلبة العام ايوب عبد الحسين، فيقول ان “مشكلة المدارس لم تعالج منذ سنوات”، مشيرا الى ان “الاتحاد لديه ملاحظات حول مشروع بناء الف مدرسة مع الشركات الصينية”.

وذكر عبد الحسين لـ”طريق الشعب”، ان “العراق تعاقد مع الشركات الصينية لبناء الف مدرسة، لكن هذه الشركات بدأت بالتعاقد مع مقاولين عراقيين لبناء هذه المدارس”، متسائلا: “هل العراق يستطيع التعاقد مع شركاته المحلية، وما المغزى من التعاقد مع شركات اجنبية ان كانت الشركات العراقية قادرة على التنفيذ؟”.

واضاف ان “هذا الامر يعيد للاذهان ملف بناء المدارس الحديدة التي لم يتم انجازها حتى اليوم رغم مرور اكثر من عقد على المباشرة في انشائها”، داعيا الى “مراقبة الموضوع بشكل جدي وعدم ترك الامر للفاسدين والمتنفذين للتلاعب بمقدرات البلاد”.