اخر الاخبار

فتحت أزمة الإضراب الذي نظمه العاملون في الخطوط الجوية، أخيراً، إحتجاجاً على محاولات خصخصتها وبيعها كشركة خاسرة، الأبواب أمام النقاشات حول ملفات فساد متشعبة، تعاني منها شركة الخطوط الجوية ووزارة النقل، التي تطرق وزيرها الى جزءا من تفاصيل الفساد الخطيرة في جلسة استضافته داخل مجلس النواب.

صفقة للفساد اليومي

ودعا بيان رابطة الطيارين العراقيين، والذي طالعته “طريق الشعب”، رئيس الوزراء إلى القيام بخطوات عديدة لوقف التجاوزات الكبيرة، التي تجري في شركة الخطوط الجوية، و”الإيعاز إلى هيئة النزاهة والقضاء للتحقيق بكافة العقود المبرمة بين شركة الخطوط الجوية العراقية والشركات الأخرى

من رابحة إلى خاسرة؟

أحد المنتسبين في الخطوط الجوية العراقية تحدث لـ”طريق الشعب”، عن محاولات جادة لخصخصة الشركة وبيعها كمؤسسة خاسرة، وكشف المنتسب، الذي فضّل عدم ذكر أسمه، عن إبرام عقد مشبوه، يتم من خلاله الاستحواذ على عائدات الشركة، لتصبح خاسرة، رغم أن هذا المفصل هو العنصر الأساس في الربح.

ويقول المتحدث لـ”طريق الشعب”، “سمعنا تلميحات عن عدم مقدرة الشركة على دفع الرواتب وغياب الروافد المالية. وبعد ان تتبعنا الأمر، لمسنا توجها لخصخصة الخطوط الجوية العراقية وبيعها بثمن بخس”.

وبحسب قوله، فأن “مشكلة كبيرة تدور حول العقد المبرم بين الخطوط الجوية، وشركة (مينزز) بدفع من رئاسة الوزراء ووزارة النقل، والذي حوّل الخطوط الجوية من شركة رابحة إلى خاسرة، دون أن تقدم الجهات الرقابية والمعنية أي رد فعل على ذلك”!

وفي حديثه لـ “طريق الشعب”، أفاد الطيار عرفات البصام، بأن “لشركة الخطوط الوطنية أقساما عديدة رابحة، حيث كانت الخدمات الأرضية لوحدها، توفر عائدات للخطوط الجوية تتراوح بين 2 - 3 مليون دولار شهريا، قبل توقيع العقد مع (مينزز)”.

ويشير البصام إلى أن “العقد بين (مينزز) والخطوط الجوية ملزم للجانب العراقي لمدة عشر سنوات ويخلو من موعد إنتهاء العقد، وتحصل فيه الشركة الأجنبية على نسبة 70 في المائة من الأرباح، دون أن تشارك الجانب العراقي بأية خسارة”.

ويواصل حديثه بالقول: “كانت الخطوط الجوية تربح 4 مليون دولار سنويا من الوقود، ومليون إلى مليوني دولار من الشحن الجوي، لكن هذه الأرقام تلاشت”.

الوزير يقر بالفساد

من جانبه، أقر وزير النقل خلال الجلسة، بوجود صفقات تشوبها حالات الفساد المالي والإداري وسيطرة بعض الجهات المتنفذة.  وأوضح الوزير أن هناك “جهات قوية تمنع أي محاولة لإصلاح الإخفاقات داخل الخطوط الجوية”.

ومن خلال كلامه، تبيّن أن التعاقد مع شركة (مينزز) التي أثارت الجدل، لم يتم بشكل مباشر، بل عبر شركة وسيطة داخل العراق رأسمالها لا يتجاوز 15 مليون دينار وهي ليست مختصة. وردا على سؤال نيابي بشأن هذه المفارقة، قال الوزير أن لجاناً تحقيقية شُكّلت لهذا الغرض، لكنه لم يذكر شيئاً عن نتائج التحقيق، وعن الحكمة في التخلي عن 2 مليون دولار شهريا كأرباح من الخدمات الأرضية نتيجة العقد المبرم. واكتفى الوزير بالقول بأنه غير معني وعلى النواب سؤال المدير العام الذي ابرم العقد!

ولعل أبرز ما أثار الدهشة من حديث الوزير، والذي تابعته “طريق الشعب”، هو السماح لشركة وسيطة بالاستفادة من عمليات بيع الوقود إلى الخطوط الجوية؛ فبدلا من تزويد الطائرات بالوقود الذي تتسلمه الخطوط الجوية من وزارة النفط “تقوم شركة وسيطة بشرائه من الخطوط الجوية، ثم تعيد بيعه إليها بأسعار عالية”.

كما تضمن حديث الوزير إشارة الى أن سعر وجبات الطعام داخل الطائرات قد زاد من 6 دولارات إلى 13 دولارا، واضطرت الوزارة الى أن تتدخل ليكون 9 دولارات، وهو مبلغ يراه الوزير عالياً، ولكنه لم يشر الى المستفيد من هذه الأموال.  وبخصوص حصول العراق على نسبة 30 في المائة، مقابل 70 في المائة لصالح الشركة الأجنبية ضمن العقد، وهو أمر أثار الجدل، بيّن الوزير أن جهات سياسية متنفذة تقف خلف ذلك، دون الكشف عن أسمها.

ولم يقدم الوزير ردا شافيا عن أصحاب شركات بيع التذاكر (الوكلاء) الذين يتربحون من خلال بيع التذاكر وإعادتها بطريقة غير قانونية. ورفض اعتبار أصحاب هذه الشركات بالأشخاص الوهميين، رغم أنهم غير عراقيين. وأقر الوزير بأنه يصعب ملاحقتهم. وحصلت “طريق الشعب”، على معلومة من مصدر أمني رفيع داخل مطار بغداد، تفيد بأن “الأطراف التي نظمت العقود مع الشركات الخدمية في صالات المطار تحوم حولها شبهات فساد، وان هناك مسؤولين عليهم ملاحظات مالية، وأوضح المصدر أن “شركة G4s انتهى العقد معها منذ عام 2019، ومددت السلطات العقد معها مرة ثانية لمدة 6 شهور، ثم تم تمديد العقد مرة اخرى رغم أن القانون ينص على التجديد لمرتين”، مضيفا “لم يجدد لها الان لسبب سياسي وليس مهنيا، ورغم ذلك ما زالت الشركة تواصل عملها داخل المطار دون عقد رسمي”.