اخر الاخبار

تشهد محافظة ميسان منذ قرابة شهرين تصاعدا ملحوظا في عمليات الاغتيال المنظمة والنزاعات العشائرية التي تستخدم اسلحة ثقيلة، وتسفر عن ضحايا أبرياء باستمرار. وخلال الأيام التي مضت، نفذ مجهولون عمليتين أسفرتا عن اغتيال رائد في وزارة الداخلية وقاض كبير مختص بمكافحة المخدرات. فيما وصف مجلس القضاء الأعلى هذا الخلل الأمني بـ”المقصود”، والذي يستدعي أن تكون هناك وقفة بخصوص الأجهزة الأمنية وقادتها، لأن المؤشرات توضح “التماهل المتعمد بفرض القانون ومحاسبة المجرمين”.

اغتيالات منظمة 

وعلى صعيد الأحداث المتوترة التي تشهدها محافظة ميسان، نفذ مجهولون قبل أسبوعين أو أكثر، عملية اغتيال طالت مواطنا شابا في منطقة الشيشان من قبل مجهولين.

وبحسب مصادر داخل المحافظة، فإن الضحية قتلت بإطلاق 11 رصاصة نارية بطريقة وحشية جدا، حيث تزامنت عملية الاغتيال في حينها مع موعد عقد أولى جلسات مجلس النواب.

وتواصلت أحداث العنف داخل المحافظة دون انقطاع حتى تم الإعلان قبل أيام عن اغتيال الرائد في وزارة الداخلية، حسام العلياوي، أمام مبنى المحافظة. 

ولم تمض أيام على حدوث نزاع عشائري كبير، أسفر عن مقتل وإصابة مواطنين نتيجة لاستخدام أسلحة ثقيلة أثارت الرعب لدى المواطنين، قابلها عجز للقوات الأمنية عن ردع الأطراف التي تتقاتل داخل المناطق السكنية.  وفي وقت لاحق، أعلنت مديرية شرطة المحافظة، سيطرتها على النزاع الذي تسبب بمقتل شخصين وإصابة سبعة آخرين.

اغتيال قاض 

وتواصلت أحداث الرعب بعد الكثير من الخروق الأمنية التي أفزعت المواطنين، فيما أثار نبأ استشهاد القاضي أحمد فيصل، ضجة كبيرة على مستوى المحافظة وعموم مناطق العراق، لأنه من المختصين بمجال مكافحة المخدرات.

وتعرض القاضي إلى عملية اغتيال وسط ميسان، بالقرب من قيادة الشرطة، فيما افادت الأنباء بإصدار محكمة التحقيق لقضايا النزاهة أوامر قبض بحق قادة أمنيين كبار، نتيجة لتردي الوضع الأمني وزيادة الاغتيالات، ومنهم قائد عمليات سومر الفريق سعد حربية ومدير الشرطة اللواء ناصر لطيف الأسدي، بحسب فضائية آي نيوز.

وعقب ذلك، أفاد رئيس محكمة استئناف ميسان في تصريح أثناء تشييع الشهيد، بأن “هناك تهاونا في تطبيق الأمن وإنفاذ القانون، فضلا عن وجود تقصد بعدم تطبيق القوانين التي توقف الجريمة، وهناك من يستحق العقاب من رجال الأمن ولكن لا تتم معاقبتهم”.

مضيفا ان “محافظة ميسان تفتقر لقيادة موحدة للأجهزة الأمنية وطالبنا بقيادة عمليات مستقلة، ولكن تم تعطيل ذلك وبالإمكان سؤال رئيس الوزراء عن ذلك فهو يعلم!”.

القضاء: فشل أمني متعمد 

وعلى صعيد ذي صلة، دان مجلس القضاء الأعلى الجريمة، فيما حمّل القوات الأمنية مسؤولية ما يحصل.

وذكر المجلس في بيان طالعته “طريق الشعب”: “أننا نحمّل كافة الأجهزة الأمنية وقيادة العمليات العسكرية في ميسان المسؤولية الكاملة إزاء تقصيرها الواضح في القيام بواجباتها المناطة بها وسوف يكلف المجلس لجنة قضائية خاصة للتحقيق في هذا الحادث الإرهابي الجبان تتولى التحقيق في المعلومات الأولية التي تشير إلى تقصير متعمد في عدم اتخاذ الإجراءات الأمنية الواجب اتخاذها للحفاظ على أمن المحافظة والمواطنين فيها”. 

ودعا المجلس بحسب بيانه رئيس الوزراء إلى “إعادة النظر في القيادات والأشخاص المكلفين بمهام حفظ الأمن سواء في قيادة العمليات أم في الأجهزة الأمنية بمختلف مسمياتها لإعادة فرض سلطة القانون”.

من جانبه، أوضح رئيس مجلس الوزراء في بيان له، أن “سلطة الدولة وسيادة القانون لن تقف ساكنة إزاء هذه الجرائم النكراء التي تهدد السلم والاستقرار، ولن تدخر قواتنا الأمنية بكل صنوفها جهداً في سبيل فرض كلمة القانون وتقديم المجرمين إلى العدالة”، مضيفا “وجهنا بفتح تحقيق فوري في عمليات الاغتيال الأخيرة، ومحاسبة المقصرين ومن يثبت تماهلهم في أداء واجباتهم أو تقاعسهم عن تنفيذ أوامر القبض، ومراجعة الإجراءات الأمنية والسياقات التي تتابع حركة المجرمين والمشتبه بهم. وأرسلنا وفداً يضم السادة وزير الداخلية ورئيس أركان الجيش ونائب قائد العمليات المشتركة لغرض المتابعة والإشراف المباشر على التحقيق، وتقديم تقرير عن الوضع الأمني في محافظة ميسان، وتقييم الإجراءات وأداء القيادات الأمنية بأسرع وقت”.

هذا ووصل برفقة وزير الداخلية عثمان الغانمي، وفد أمني رفيع إلى محافظة ميسان للوقوف على الاحداث الاخيرة. ووفقا لمصادر أمنية، فإن الوفد سيعقد اجتماعات امنية لمحاسبة المقصرين في الخروقات الاخيرة، فضلا عن إشراف وزير الداخلية شخصيا على التحقيق في الخروقات الاخيرة التي حصلت.

إجراءات أمنية في المحافظة

وعلى صعيد  ذي صلة، اتخذت اللجنة الأمنية في ميسان مجموعة إجراءات لتعزيز الأمن، بحسب قولها.

وقال محافظ ميسان علي دوّاي لوكالة الأنباء العراقية: إنَّ “اللجنة الأمنية العليا في ميسان اتخذت اجراءات مهمة بعد تراجع الوضع الأمني في المحافظة”، مبيناً، أنه “تمَّت مخاطبة الحكومة الاتحادية متمثلة برئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ووزارتي الداخلية والدفاع لاتخاذ اجراءات عاجلة ودعم ميسان في معالجة ملفات النزاعات العشائرية والمخدرات والجريمة المنظمة”.

ووصف ناشطون في المحافظة ما يجري بأنه نتيجة واضحة للصراع بين القوى المتنفذة للاستئثار بالسلطة والمناصب والانفلات الأمني الذي انتجته المحاصصة الطائفية.

وقال الناشط أحمد مؤيد لـ”طريق الشعب”، أن “أهالي المحافظة يعيشون منذ أسابيع برعب كبير، لأن الأمن بات شبه مفقود وعمليات الاغتيال في المحافظة كثيرة جدا وما أظهره الإعلام هو شيء بسيط”.

مضيفا “لم نعد نعرف ما هي طبيعة هذه الاغتيالات إن كانت تصفيات سياسية أو عشائرية، فالأمر اختلط على الجميع نتيجة غياب الأمن وعجز القوات الأمنية بشكل تام عن فرض الأمن”. 

وتابع مؤيد ان “اغتيال قاضي مختص بالمخدرات وقبله ضابط في وزارة الداخلية وغيرهما هو أكبر دليل ورسالة واضحة مفادها أن لا أحد في مأمن داخل المحافظة”.